الإفراج عن منتسبي النظام البائد… من يقف وراءه

الخرطوم: محمد موسى

عاشت البلاد ليلة أمس، يوماً عصيباً وتكالبت عليها تعقيدات قانونية جديدة ظهرت في المشهد العام، لا سيما وأنّ البلاد لم تفق بعد من الظروف السياسية والاقتصادية العصيبه التي تعيشها، وذلك عقب حل القائد العام للقوات المسلحة مطلع الأسبوع الماضي مجلسي السيادة والوزراء وفض الشراكة مع المكون المدني من قوى الحرية والتغيير، إلى هنا لم تنته الحكاية – وإنما بدأ فصل أزمة جديد يلوح في الأفق عقب إصدار النائب العام المكلف مبارك محمود، في وقت متأخر من ليلة أمس، قراراً بالإفراج بالضمانة عن رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول بروفيسور إبراهيم غندور، وعدد من قيادات ورموز النظام البائد المحبوسيين على ذمة بلاغات مُدوّنة ضدهم أمام النيابة.

فور إعلان النائب العام المكلف، انتشر قرار الإفراج عن (غندور) وآخرين كالنار في الهشيم وأصبح حديث المجالس بالرغم من انقطاع خدمة (التواصل الفوري) الإنترنت بالبلاد طوال الأيام الماضية, لا سيما وأن البلاد تشهد أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة، مما تسبب في حالة من الاحتقان بالشارع العام –  إلا أن البرهان هذه المرة تحرّك سريعاً وأصدر قراراً بإعفاء النائب العام المكلف مبارك محمود من منصبه، إلى جانب إعفائه (7) من وكلاء النيابة العامة من مناصبهم استنكاراً لقرار الإفراج عن المعتقلين من رموز النظام البائد، ووجّه البرهان في قراره بإعادة القبض على المعتقلين المفرج عنهم فوراً وإيداعهم الحبس، وما هي إلا ساعات محدودة حتى كان غندور وبقي المعتقلون الذين شملهم قرار النائب العام المعزول إلا بالمعتقل مرة أخرى.

يذكر أن قرار الإفراج بالضمانة شمل إلى جانب (غندور), مدير الإعلام بجهاز المخابرات في عهد الرئيس المعزول محمد تبيدي، والناطق الرسمي باسم الجهاز كذلك.

وكشفت مصادر مطلعة لـ(الصيحة) بأن قرار البرهان شمل فصل (7) من قيادات النيابة العامة أبرزهم رئيس نيابة إزالة التمكين ومُحاربة الفساد، في وقت أكدت فيه ذات المصادر عدم قُدرتها التأكيد والإفصاح عن جميع الأسماء التي شملها قرار  الفصل وذلك لعدم صدور كشف رسمي يحتوي على أسماء وكلاء النيابة المحالين للصالح العام بحسب المصدر.

رفض تجديد حبس

وقالت مصادر نيابية مطلعة لـ(الصيحة), إن قرار الإفراج عن المعتقلين من منسوبي النظام البائد وعلى رأسهم رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول بروفيسور إبراهيم غندور، جاء عقب رفض قاضي الجنايات تجديد حبسهم لأغراض استكمال التحري مع المتهمين، ونوهت المصادر إلى أن وكيل النيابة المختص بإجراءات ملف بلاغ (غندور) قد عرض المتهمين المفرج عنهم بالضمانة على القاضي المختص لأغراض تجديد حبسهم – إلا أنه رفض تجديد حبس المتهمين، وطالب القاضي بحسب المصادر النيابة بتوجيه تهمٍ لهم وتقديمهم للمحاكمة فوراً وذلك لتجاوز اعتقالهم المدة المسموح بها وفقاً للقانون وعدم وجود نص قانوني يُبرِّر تجديد حبسهم.

وطبقاً للمصادر, إنه وفور رفض المحكمة تجديد حبس المتهمين أودع وكيل النيابة المختصة والمباشر لإجراءات التحري مع المتهمين مقترحاً أمام النائب العام المكلف المعزول مؤخراً من منصبه مبارك محمود، يتعلّق بالإفراج عن المعتقلين بالضمان العادية مع إصدار أوامر بحظرهم من السفر للخارج، وذلك باعتبار أنّ احتجازهم بالحراسات أصبح أمراً غير قانوني لعدم وجود نص قانوني يبرر حبسهم، وشددت المصادر على أن النائب العام المعزول وافق فوراً على المقترح وأمر بحظر جميع المُعتقلين من السفر للخارج, ووجّه بالإفراج عنهم بالضمانة – إلا أنه وبحسب مصادر الصحيفة فإنّ القائد العام للقوات المسلحة في أول رد فعل له على الإفراج عن المعتقلين أصدر قراراً قضى بإعفاء النائب العام مبارك محمود و(7) من وكلاء النيابة العامة من مناصبهم بعد ساعات من قرار الإفراج عن المُعتقلين بالضمانة, ووجه بإعادة القبض على غندور وجميع المتهمين الذين شملهم قرار النائب العام.

إعادة المُعتقلين للحبس

وكشفت مصادر مأذونة للصحيفة, عن إعادة القبض على جميع المعتقلين الذين شملهم قرار النائب العام المعزول، وعلى رأسهم رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول إبراهيم غندور، بتوجيه من القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وشددّت المصادر على أن جميع المعتقلين تمت إعادتهم للحبس صباح أمس بعد ساعات قليلة من الإفراج عنهم بالضمانة.

لا توجيهات للبرهان

في ذات السياق, نفت مصادر مُقرّبة من القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان لـ(الصيحة) إصدار أي توجيهات للنائب العام بالإفراج عن المعتقلين بالضمانة، وشددت المصادر إلى أن (البرهان) لم يصدر أيِّ توجيهات للنيابة العامة بغرض الإفراج عن (غندور) وآخرين، نافياً صحة ما تردّد حول تدخل (البرهان) في إطلاق سراح قيادات النظام البائد بالضمانة، وختمت المصادر قائلةً: إنّ القائد العام لا يرغب في إثارة مثل هكذا (زوبعة) بحد قول المصادر.

لا طلبات إفراج بالضمانة

من جانبه, نفى الخبير القانوني المحامي هاشم أبو بكر الجعلي، تقديم هيئة الدفاع عن رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول (غندور) وبقية المعتقلين الآخرين اي طلب للنيابة خلال الأيام الماضية للإفراج عن المعتقلين بالضمانة، مؤكداً في تصريح لـ(الصيحة) أنّ طلباتهم بالتصديق بالضمانة للإفراج عن المعتقلين وعلى رأسهم (غندور) ظلّت مُودعة أمام النيابة العامة لأكثر من عام, إلا أنها لم تستجب لها بالإفراج عن المعتقلين، مشدداً بأن جميع المعتقلين من منسوبي النظام البائد يستحقون الإفراج عنهم بالضمانة وفقاً للقانون، وأكد الجعلي أن النائب العام المكلف مبارك محمود، أصدر قراراً أمس الأول بالإفراج عن المعتقلين وعلى رأسهم بروفيسور إبراهيم عندور بالضمانة في ظل هذه الظروف التي تمر بالبلاد، منوهاً إلى أنه لا يدري أسباب اتخاذ النائب العام قراره بالإفراج عن المعتقلين بالضمانة – إلا أنه عاد وأكد أن الأمر برمته متروكٌ للنيابة العامة لاتخاذ قراراتها وفقاً للقانون.

تردد النيابة العامة

وكشف هاشم الجعلي، عن قضاء (غندور) لأكثر من عام ونصف في الحبس منذ اعتقاله في العام الماضي، إلى جانب قضاء القيادي بالنظام البائد كمال إبراهيم لـ(27) شهراً بالحبس وتراوحت فترات المعتقلين الآخرين التي قضوها بالحراسة بواسطة النيابة، موضحاً أن النيابة العامة ظلت مترددة ابتداءً في أمر الإفراج عن المعتقلين بالضمانة من عدمه – إلا أن الأمر أولاً وآخراً يعود لها باتخاذ ما تراه مناسباً من إجراءات وفقاً لما يحدده لها القانون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى