آمال عباس تكتب : وقفات مهمة الفن والثقافة والثورة

يقول الرّسّام الأمريكي المعاصر روكويل كنت (إنني لا أعتقد أنّ الواجب الأول للفنان في الغرب هو أن يحتج على الشر والظلم واللا إنسانية التي يعامل بها الإنسان في حضارتنا البرجوازية.. أن يصرخ ليسمعه الجميع انظروا حولكم واخجلوا من عالمكم وغيِّروه)..

أردت من هذا المنطلق أن نقف وقفة مُهمّة وقصيرة مع فنانينا حول مفهوم الفن ودوره في مسيرة الحياة وعلاقته بها.

ولنختزل المسافات والحقب ولننفِّذ من فوق كل أطنان الكلمات وأكداس الكتب والنظريات التي تتحدّث عن الفن والفنانين بالطرق الكلاسيكية العتيقة والتي تلوك في استرخاء تام نظريات (الفن للفن) والحرية للفنان.. والسياسة والفن.. و …إلخ ما يدور في المجتمعات التي تعالج قضايا الحياة في تجزئة مُخلة بمسيرة الحياة نفسها.

حقيقة واحدة لا يُمكن إغفالها وهي أن الفنان هو وحده القادر على العطاء المؤثر في الآخرين, هو وحده الذي يستطيع أن يرى في الظلام ما لا يستطيع أن يراه غيره في النور.. فتطور الفن والموقف الذي اتخذه حياله الفكر الاشتراكي يجعل الفنان نساجاً ماهراً لحياته ولحياة الآخرين معه.. وليس مُطرّزاً على نسيج الحياة.

ويبدو في الوقت الذي يجب أن نأخذ فيه بهذا المفهوم مأخذ الجد قد أتى.. فقط علينا أن نعمل على إزالة ما يعرقل طريقنا.. ويحد من فعالية عطاء الفنانين.. لتجنيد الفن والأدب لخدمة قضايا الجماهير أمرٌ ضروريٌّ, فالثورة تحتاج لصوت الفنان.. لكلمة الفنان ولريشة الفنان ولازميل الفنان, فالثورة في معناها المجرد هي خير الإنسان وليس هناك أقدر من الفنان على الوقوف إلى جانب الخير.

هذه دعوة للنقاش في قضايا الفن.. والأدب.. والثقافة والثورة..

  • وجهة نظر

الودع والرمل

في الشارع وفي الإذاعة

من أهم وظائف الفن, الكشف عن الوجود الحي المتطور للبشرية باعتباره سبباً للكينونة الاجتماعية.. والفن الغنائي هو الفن الوحيد الذي يلقي الضوء المُباشر على أخلاقيات الأمة المُختلفة.. وأيضاً هو النتاج الفني الوحيد الذي يؤثر تأثيراً مباشراً على الجماهير لخفة تداوله وحلاوة نغمه.

كنت أعجب وأدهش لموقف السلطات المحلية حيال تجار الدجل والشعوذة.. من ضاربي الرمل وخَتّاتَات الودع وبائعي العروق.. وكاتبي (الأعمال) الذين ينتشرون في ميادين المدينة المُختلفة وأمام مستشفياتها “كمان” ويبيعون أكاذيبهم وتضليلهم لعباد الله الباحثين عن الغيب وعن الأمل وعن الدواء “على عينك يا تاجر”..!

ولكن ازدادت دهشتي وأنا أسمع كل يوم أغنية جديدة تقوم بالدعاية المجانية والمستمرة لضاربي الرمل وخَتّاتات الودع ومن الإذاعة كمان ومن الأغنيات أذكر:

أضرب ودعك يا رمالي وشوف وين الشاغل بالي

البت الحلوة العاجبانا سابتنا وفاتت زعلانة

وأيضاً:

ياست الودع أرمي الودع وشوفي الكان عايش منخدع

ألم يوافقني الآخرون في أنها حقاً دعاية لهؤلاء التجار, هذه وجهة نظري..!

مربع شعر:

قال ود شوراني يصف جمله وهو وسيلته الوحيدة التي يذهب بها الى محبوبته وكان قد اضطر الى ركوب جمل عادي خلاف جمله الأصلي الذي انكسر:

بأعلى شقة الوادي المرونة وهيطة

طريت أب قفا المسكة هسكتو لتيتة

كان الليلة موجود الختوتو بخيتة

ما كان عندي ست الريد بيقسى مبيتة

من التراث:

روى نعوم شقير في كتابه جغرافية وتاريخ السودان عن مقاييس جمال المرأة السودانية هذه الرواية فقال:

روى لي بعض الأدباء أن فقيهاً من أهل كردفان يسمى عبد العزيز، سمع بكرم الزبير في بحر الغزال فقصده يريد منه فوالاً، فأمر له الزبير بجارية فلم تعجبه، وقال “اني قصدتك لجارية عنقها طويل وردفها ثقيل.. وشعرها غزير وبطنها ضمير.. وسنها كالجير وعينها كتب الغدير إذا مشت كأنها أمير واذا وقفت تعجب هذا الفقير”، وأشار إلى نفسه فقال له الزبير علي الطلاق أن هذه الصفات لا توجد حتى في بنات الجزيرة, “ثم نادى أحد غلمانه وقال أتوه بزيتونة فأتوه بها وكانت جارية جميلة فأعجبته, فقال “قبلت الصادقة المأمونة اللهم أجعلها كزليخة المفتونة”, فقال الزبير خذها وخذ الأولى جارية لها فازداد عبد العزيز طمعاً بكرم الزبير وكان بيده ركوه “ابريق ماء من جلد” فقال وهذه الركوة مَن يحملها لي, فدعا الزبير أحد عبيده, وقال أحمل هذه الركوة لسيدك فحملها وذهب الفقيه بالثلاثة شاكراً مسروراً.

مقطع شعر:

من ديوان شاعر المقاومة الفلسطينية توفيق زياد “أم درمان المنجل والسيف والنغم” ومن قصيدته أنا وشباكي إليكم هذا المقطع:

ماذا تقول الريح يا شباكي المفتوح

من شارع تركته يزحف بالرجال

ألم يزل كعهده يواصل القتال

الريح يا صاحبي تحكي أنه ما زال

ما زال واقفاً على أقدامه شارعنا

لا ضير يا ريح إذن لا ضير

ما دام واقفاً على أقدامه

فكلنا بخير

من أمثالنا:

التمساح إن عام عليك عوم عليه

أترك الشرح للقراء.. مشيرة إلى أن التمساح لا يصطاد إلا من على الشاطئ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى