عبد الله كرم الله يكتب : التّخطيط

كل دول العالم الحضارية لا تتقدم إلا وفق خطة تنموية علمية تراعي كل المتغيرات في طريق البناء بمفهومية، اللهم إلا عندنا هنا فالتخطيط منذ الاستقلال وحتى الآن وفقاً للعشوائية، لأن تداول الحكم ما بين ثلاث، طائفة أو الطائفة الأخرى أو انقلاب، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا ولكنه يضرنا نحن، ولتفرخ طائفة جماعة اليمين، والطائفة الأخرى جماعة اليسار غير المبين!، وخمستهم لا يملكون الكوادر العلمية التي تخطط بمنهجية وتنفذ بموضوعية، لأنها مخزنة في مخازن الوسط الوطني العريض بعيداً عن تطرقات عريضة، وسبحانه جل شأنه الذي قال {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} {البقرة/143}) – لا تطرفاً هلكاً! حتى من كان في الضلال يمدد له الرحمن مداً ثم يهده هداً، كما حدث لتطرف اليمين أخيراً، وليطهر سبحانه الأرض من جديد دونما تطرف عنيد، وسبحانه وتعالى جسّد لنا الأسوة الحسنة بصورة (سلوكية) عملية ليسهل التأسي بها ألا وهي الأسوة الثلاثية، خير أخيار رسل البرية (صلى الله عليه وسلم) وخليفته أبوبكر (رضي الله عنه) وخليفته عمر (رضي الله عنه) ثم بعد ذلك جسّد لنا الأسوة اللسنة بفتنة كبرى كان وقودها أطهر رجال بيت رسول الله كي نتجنبها، ولكن بكل أسف نأينا عن الأولى واتبعنا الثانية ليأتي حصاد غلتنا من فقر وجهل ومسغبة كما هو الآن!.

ولأهمية التخطيط العملي ما اكتشفه في سلطنة عُمان الشقيقة, إذ حين أنشب الكيزان أظافرهم السامة في جسد الوطن، أدركت بأن لم يعد هنالك تربية ولا تعليم لمن سكن، وقبعت بمسكني ليقولون لي لقد تم نقلك لدارفور!، فقلت لهم لا دارفور ولا دار فايف!، آخر صرفيتك تحولت إلى هنالك يا هايف!، حسناً دعوها تعمل لكم، وربك رب الخير تأتي لجنة من سلطنة عمان للاستعانة بخيرات السودان وأحد العائدين لتوه قال لي: لن تندم على أي يوم تقضيه بعمان!، وقد صدق، بعد أن توجّهت إليها كموجه تربوي!، وأجد مسقط حاضرة عُمان وكأنها لوحة زاهية رسمها ولونها عبقري فنان وحين توجّهت إلى شرق عُمان وتحديداً منطقة إبراء أجدها وقع الحافر على حافر قريتي بجريف نوري مدينة بيوت من طين أو صفيح معروشة بجريد نخيل بالأجر كعجين!، وقلت لرئيس قسم الأنشطة عبيد الحجري ما سبب البون الشاسع ما بين مسقط وإبراء والضالع؟ فقال: وفقاً للحظة تنمية منطقتنا ستبدأ مع العام 1995، وبالفعل حين عدت من الوطن بعد إجازة وإذ بالمنطقة كخلية نحل كل ينجر ما هو مكلف به كالحدائق الغنّاء والطرق وكأنها منقوشة بالحِنّاء، ودور الخدمات الحديثة لترفع عن المواطن العناء …إلخ، ومن حضر منها أخيراً قال لي إن إبراء أصبحت أكثر جمالاً من مسقط، ونحن هنا لم تزل الابر تؤلمنا بلا ملقط!، وفي أول يوم دوام أتاني مُوجِّه الكشافة عادل شعبان الذي مثل شقيق عبد الحليم حافظ بعد أن رجع من الميدان ليقل لي: يا كرم الريس يئول لك ضع خُطة عملك!!؟؟، وأسقط في يدي لأن العمل عندنا بدون خُطة، يعني عشوائي وإنت وشطارتك يا حتة!، وبعد دهشة قلت لعادل هل الخطة هنا تختلف عن خططكم في مصر أو خططنا في السودان! أبداً بس ضع خطة عمل هذا الشهر كم مدرسة ستزورها ولماذا على العموم خطط عبد القادر المُوجّه السابق تجدها بالدولاب وكان الفرج من رب يفتح الأبواب!.

* العَلم وجور من ظلم؟

في ملتي واعتقادي بأن كل من يستعمل أو يتعامل مع علم وطن عظيم بمستطيلاته الثلاثة ذات المثلث المرتكز بقاعدته على (يمين) المستطيل الأبيض المتوسط لهو المُواطن الصالح المراعي للعمل بوطنه كزول فالح، أمّا الذي يضع على قلبه العلم أبو مثلث أخضر بقاعدته على اليسار ورأسه نحو اليمين لهو جاهلٌ ولا يقدر ويقدس الرمز الوطني المبين!، يا عالم أرجعوا لتصميم العلم كرمز وطني فاز من بين العديد من التصميمات للالتزام بكل شكل وبكل لون، بل أحد الكيزان في زمن حكمهم البهتان صمّم علماً بطول عمارة ضخمة وأبدل المثلث الأخضر بقبة خضراء!؟ وكأنها ضريح (حبوبته) الحولاء!، يا عالم, العلم لا يقل أهميةً عن النشيد الوطني الذي يُردِّده الفصيح أو الرطني.

* عابد الكلب؟

طبيب بشري لا بيطري، وجدوه يعبد كلباً كإله معبود ولعمرك تلك ليست إساءة للدين بقدر ما هي موجهة لمتدينين ليس لهم من الدين إلا المسوح والرداء المبين إن كانوا رجال دين أو رجال يسايسو مخادعين!، لعلكم تتذكّرون في أواخر أيام حكم الكيزان حين توجّهت فلذات أكبادهم إلى الالحاد!، باعتبار الدين دين آبائهم بسلوك مشين، المهم الحكم على هذا الطبيب بسنتين سجناً وغرامة لن تحل مشكلة الشكليين ما لم يتّفق (سلوكهم) العملي وسلوك الثلاثي المكون للأسوة الحسنة بنهج مبين، أي خير أخيار الرسل أجمعين وخليفتيه اللذين رضي عليها رب معين.

* الرأس المفكر

سبحان الذي جعل لكل شيء رأساً واحدة، فالهرم مهما اتّسعت قاعدته فله رأس محددة، وكذلك البشر مهما تعدّدوا ينبغي أن يكون لهم رأس واحدة مفكر عنهم ليجمعهم لا ليتفرّقوا، ولك أن تتأمّل حالنا اليوم، وكأنّنا تنين خرافي برؤوس مُتعدِّدة وكل بقرار جذافي، دع عنك الرأسين الكبار العسكر والمدنيين المكاجرين ضد أي قرار!.

* إنها حقاً لمأساة!

“الريبور تاج الصحفي” الممتاز الذي سجّله الكاتب عوض عباس كمغترب قد يفقد وظيفته في الأساس، تحقيق صحفي عن الفشل الذريع في جهاز الخدمة المدنية للجمهور وخاصةً أيام لقاح كورونا كشرط أساسي للسفر وللإقامة في بلد آخر دونما خطر، لا يُعقل أن يُصرّح لمركز بالتطعيم دون جهاز كمبيوتر؟ ولا يُعقل أيضاً لصفوف بالمئات بل والألوف أمام موظفين اثنين وتترى عليهم توصيات آل الكتوف، لكن لنلعن عهد الكيزان الذي خرّب جهاز الخدمة المدنية ليحل محله رامي الطعمية، ولم يزل الجهاز مشلولاً حتى اليوم بخبث الفلول دونما لَومٍ.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى