قضية الشرق.. تصعيد متواصل وأفق مسدود

تقرير: محجوب عثمان

شهدت قضية شرق السودان، تطورات كبيرة خلال يوم أمس، ففي الوقت الذي استمر فيه تصعيد نظارات البجا والعموديات المستقلة بإغلاق المزيد من المرافق الحيوية وصلت لحد إغلاق الخط الناقل للوقود من بورتسودان الى الخرطوم، ظهر على ملعب الاحداث حراك جديد تم بواسطة عدد من القوى المدنية والاجتماعية والاقتصادية وممثلين للإدارة الاهلية بالإقليم بمشاركة كيانات مهنية، اذ عقدوا مؤتمرا في منطقة شمبوب في ولاية كسلا خرج بمطالب عدة، وان كان اللافت ان ذات المطالب التي يرفعها مجلس نظارات البجا والعموديات المشتركة رفعها مؤتمر “شرق السودان للقضايا الجوهرية” التي احتضنته منطقة شمبوب، غير ان الخلاف بينهما ان مجلس نظارات البجا يرفض تنفيذ مسار الشرق في اتفاقية سلام جوبا، بينما يدعم مؤتمر شمبوب تنفيذ المسار.

مؤتمر شمبوب

وعقد مناصرو مسار الشرق على مدى يومين مؤتمرا في منطقة شمبوب، طالب بتأسيس المحكمة الدستورية وإعادة تأسيس الأجهزة العدلية على مستوى الإقليم والمشاركة الفعالة لأبناء الإقليم في المؤسسات العدلية بشكل يضمن التوازن مع بقية أقاليم السودان مع التمييز الإيجابي لأبناء الإقليم والالتزام بالوثيقة الدستورية، مع مراعاة أهمية تطويرها بما يتناسب مع مصالح الشعب السوداني، غير ان اهم ما خرج به المؤتمر كان المطالبة بإقرار مبدأ الشريعة الإسلامية مصدراً أساسياً للدستور والقوانين واعتماد مبدأ الحكم الذاتي لأبناء أقاليم السودان يتيح ان يديروا اقاليمهم، فضلا عن تخصيص 80% من موارد الدولة لإقليم شرق السودان وتعويض المناطق المتأثرة بالحرب على مستوى همشكوريب وقرى ريفي كسلا وقرى جنوب طوكر والفشقة الكبرى والصغرى.

خلاف

وربما تكون مطلب مؤتمر شمبوب التي رفعها تطابق الى حد كبير مطالب مؤتمر سنكات الرافض لمسار الشرق، غير ان اللافت ان مقررات مؤتمر شمبوب وضعت بنداً واضحاً يرفض مقررات مؤتمر سنكات واعتباره مهدداً للسلم الاجتماعي.

ويرى مراقبون ان ما تم يؤكد حدة الاستقطاب القبلي الذي يحدث حالياً في شرق السودان، مشيرين الى ان مؤتمر سنكات الذي رفضه مناصرو مسار الشرق كان بقيادة ترك ونظارات البجا، بينما مؤتمر شمبوب جاء تحت رعاية وتشريف خالد شاويش والامين داؤود، ما يؤكد ان الخلافات القبلية بين مكونات الشرق وصلت مدىً بعيداً.

تصعيد وحل

واكد مصدر مطلع ان القضة الآن وصلت حداً يوجب التدخل المباشر فيها، مشيرا الى ان الفريق اول ركن شمس الدين كباشي سيقود وفداً لزيارة بورتسودان وكسلا اليوم الأحد بهدف التوصل لحل للقضية بكاملها، خاصة بعد ان امتد إغلاق المؤسسات الحيوية صباح أمس ليشمل الخط الناقل للنفط المستورد، بينما استمر إغلاق ميناء بشاير للبترول ومطار كسلا، بينما ارتفع التصعيد مساء امس عندما منع المحتجون مرور البصات السفرية، وأشار القيادي بتنسيقية نظارات البجا سيد أبو آمنة الى انهم قرروا منع مرور البصات السفرية التي لم تتأثر بالإغلاق منذ الجمعة قبل الماضية بعد ان تنامى الى علمهم ان منسوبين لجهات امنية بدأت تستغل البصات لجمع معلومات عن نقاط الإغلاق وتقوم بتصويرها.

مخطط

ولكن المحلل السياسي الدكتور صلاح الدومة ينظر الى الوضع في شرق السودان من منظور مختلف، اذ يرى ان الازمة كلها لا تخرج عن مخططات الدولة العميقة التي لا تزال مسيطرة على مفاصل اساسية في الدولة، وقال لـ(الصيحة) ان الدولة العميقة تمثل منظومة ضخمة داخل الدولة وارادت من قضية الشرق ان تخلق سيولة سياسية يسهل معها استلام المجلس العسكري للسلطة امتداداً لنظام الإنقاذ، بيد أنه أشار الى أن الأوضاع لم تسر كما أرادت الدولة العميقة ومضت ضدها تماماً، إذ أنها أدت لإيقاظ المارد النائم، فهب المجتمع الدولي للمحافظة على الثورة والحكومة الانتقالية، ولفت الى أن إغلاق الشرق يتم من ذات الدولة العميقة كون أن إغلاق خط البترول تم بمُساعدة من القوات النظامية التي كانت متواجدة هناك، بيد انه لفت الى ان كل ذلك ليس إلا مضيعة للوقت والجهد كونه لن يؤثر في الحكومة ولن يحقق الهدف المرجو منه.

تحركات خاسرة

الدكتور صلاح الدومة يرى ان حراك الشرق حراك من الدولة العميقة، وقال “هو لا يعدو ان يكون حراكاً في نفس إطار التحركات السابقة شاكلة الزحف الأخضر وعصابات النيقرز وعصابات 9 طويلة وشد الأطراف شاكلة ما حدث من تفلتات قبلية في بورتسودان وفي غيرها من المناطق”، واضاف “كل ذلك زوبعة لن تصل لأهدافها”، واصفاً الدولة العميقة بأنها تعاني فقراً في الذكاء، مشيراً إلى أن كل مسرحياتهم سيئة التأليف والإخراج ودائماً ما يكونوا مرتبكين ولا يحسنون التصرف، ما يجعل تحركاتهم ترتد اليهم، وقال “مطالب الناظر ترك بحل لجنة إزالة التمكين وتفويض المجلس العسكري لاستلام السلطة تؤكد ذلك”.

رفض دولي

وأكد الدكتور صلاح الدومة في حديثه لـ(الصيحة) أن جميع المُحاولات التي قامت بها الدولة العميقة ارتدت اليهم وجاءت في مصلحة الحكومة الانتقالية، مستدلاً بالرفض الكبير للمحاولة الانقلابية الفاشلة من المجتمع الدولي والدعم الكبير الذي تجده الثورة من المجتمع الدولي، وقال “الرئيس الأمريكي بايدن أشاد بالكنداكات في خطابه أمام الأمم المتحدة وهذا يؤكد اهتمامه بالثورة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى