مُنى أبو زيد تكتب.. قمَّة الهرَم..!

“المعنى العميق للإنسانية هو أن تَكون في مكانك الصحيح وأن تُؤدي دورك كما تعتَقدُه.. إن حقل المُعجزات هو ذاتُه حقل الحب”.. د. سمية الناصر..!

يوم أمس باغتَني زوجي بالسؤال عن كتابين، “السماح بالرحيل” لديفيد هاوكينز و”قوة عقلك الباطن” لجوزيف ميرفي، وهو في العادة لا يفعل. كان السؤال مُفاجئاً وغير مُتَّسِق مع طبيعة “ونسات” الأمسيات، فابتسمتُ كَردَّة فعلٍ لسيناريو شيطاني انبثق في عقلي فجأةً، وتزامَن مع عودته إلى البيت في أوقاتٍ مُتأخِّرة من الليل، هذه الأيام، لدواعي العمل..!

تَخيّلتُ إحدى الحسناوات تتَسلَّل إلى عُقر شراكتي الزوجية خِلسةً، وعلى غَفلةٍ منِّي، وهي تُردِّد بعض مصطلحات التنمية البشرية ومفردات عالم الوعي، التي تَصَادف أنها كانت تَحشو بها رأسها الجميل – “المُوشى بشرائط مُلوَّنة من الحُمق” – عندما قابلَتْ صاحب السؤال..!

المُهم أنّ الرجل قد كفاني شر خصوبة الخيال عندما أخذ يُحدِّثني ببراءة عن “مشوار” ذهب إليه مع صديق مُقرَّب، التقيا خلاله برجلٍ مُثقفٍ، مُتصوِّف، رَوى لهما حكايته مع هذين الكتابين، وكيف أنهما قد غيَّرا طريقة تفكيره، ونظرته إلى ذاته، وإلى حقيقة الأشخاص والأشياء من حوله..!

قلتُ له إنّ الكتابين المذكورين يقبعان في بيته منذ زمنٍ بعيدٍ، في مكتبة البيت، وضمن نسخ كثيرة لكتب إلكترونية محفوظة في جهازي المحمول – أيضاً – فأيُّهما يُريد؟. كان قد فرَغ من تكوير “سَفَّة” مُعتبرة، وضَعَها برشاقة خلف شفته العليا، ثم التفَتَ إليَّ قائلاً – وهو ينفُضُ يديه على طريقة الوزير “خالد سلك” بعد “سفَّة” لقاء مُنتدى التيار إيّاها – إنه يُفضِّل النسخة الإلكترونية، وقد كان..!

ولأن “ديفيد هاوكينز” نفسه يقول إن لا شيء يحدث صدفة، فقد اعتبرت سؤال زوجي عن هذين الكتابين إشارة ربانية بشأن أمرٍ كُنت قد عزمتُ عليه، بعد انتشار ذلك اللَّغَط الإسفيري الكثيف – الذي رَاجَ على صفحات “الفيس بوك مؤخراً – بشأن علوم الطاقة وعالم الوعي، وانقسام السيدات “على وجه الخُصُوص” بين مُؤيِّداتٍ للتّنوير ورافضات للخزعبلات، وكل ما يدور من جدل بينهن على منصات الأسافير بشأن “قُرُوب روح” وما تُقدِّمه صاحبته من أفكار. كنت قد عزَمتُ على أن أكتب في هذا الشأن ثم انشغلت، لكن تلك الإشارة حرَّضَتني..!

دخلت “قروب روح” قبل فترة بعد أن دعتني شقيقتي أو إحدى صديقاتي – لستُ أذكر بالضبط – إلى عُضويته، لكنِّني لا أتابع القروب إلا لُماماً، ولم يحدث قط أن شاركت فيه بالكتابة أو التعليق، وذلك لأسباب تخصني. أولها أنني قد استثمرتُ نحو سنتين من عمري أبحث وأقرأ وأفنِّد وأحلل في مراجع علم الطاقة وأطروحات مجال الوعي، فتطَورتْ أفكاري وتَغيَّرتْ قناعاتي وأهدافي، على نحوٍ لم أكن أحلُم بتحقُّقِه لو لم أدخل هذا العالم..!

وعليه، فقد كنتُ وما زلتُ أشعر أنَّ ما وصلتُ إليه من معرفةٍ في هذا الشأن – وإن كانت متواضعة أو غير كافية – تتجاوز ما تُقدِّمه معظم تلك المجموعات والمواقع، وأنَّ كُل ما قد أجنيه من متابعتها هو الإلمام فقط ببعض الحراك الذي يحدث حولي كباحثةٍ صحفية. فضلاً عن الشعور بالأسف حيال بعض التسطيح الذي يُقدم على معظم تلك المنصات. وهذا شأن سأعود إليه ببعض الاستفاضة، إن مَدَّ الله في الآجال..!

الآن دعنا نُعَرِّج على هاوكينز وكتابه “السماح بالرحيل”، الذي يتلخّص في تقسيم مستويات وعي الإنسان إلى سبع عشرة درجة هي “العار، الذنب، اللا مبالاة والشفقة، الحزن والاكتئاب، الخوف، الرغبة أو الشهوة، الغضب، الفخر والكبرياء، الشجاعة، الحياد، الاستعداد، القبول، الحكمة، الحب، السرور والفرح، السلام والتنوير”. لكن الوصول إلى مراحل متقدمة في مدارج الوعي على سلم هاوكينز لا يتطلب قراءة الكتاب، لأنه شأن يتناغم مع الفطرة السليمة وحُسن الخُلق ومكارم الأخلاق..!

الحاج “عبد الله البلال” أحد أعيان البطاحين – الذي اقتحم حراسة “حلة كوكو”، قبل أيام، بعربة بوكس، مُحَمَّلة بطعام الإفطار، فأطعم الطعام، وأفشَى السلام، وصافح الشاب “قاتل ابنه”، وأعلن عفوه عنه لوجه الله تعالى – هل قرأ كتاب “السماح بالرحيل”..؟!

هل أفنى حياته في الصعود على مدارج الوعي التي تضمنها الكتاب، فمر بكَبواتٍ وتجاوز عقَبات، قبل أن يتَدرَّج إلى مرحلة الحكمة، وقبل أن يصل – بعدها – إلى مرحلة السلام فالتنوير؟. أغلب الظن أنه لم يسمع بالمؤلف ولم يقرأ الكتاب، لكنه وصل – بفطرته السليمة وطلَبِه لِمكَارم الأخْلاق – إلى قِمَّة هرَم الوَعي، فكَفى وأوفَى..!

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى