عبد الماجد موسى يكتب.. حتى لا يتم ابتلاعكم للمرة الألف… صيحة في أُذن شباب الثورة

لا بد من ثورة، ثورة بمقاييس وإحداثيات جديدة، ثورة شبابية صرفة بعيداً عن كل العقليات المُتكلِّسة والمسمومة والخبيثة والسقيمة التي اُبتلي بها هذا الوطن منذ فجر الاستقلال إلى هذه اللحظة.

نفس الموال، نفس الوجوه، نفس القلوب، نفس السُّحنات، نفس الوسوسة وذات الخُبث ومكر السُّوء، حكومة مدنية يتصارع الساسة عليها دون أدنى اهتمام أو اعتبار لمُستقبل هذا الوطن، ويشي بعضهم على بعض للقريب والغريب ويكسر بعضهم أجنحة بعض ويطعن بعضهم في أعراض بعض ويخنق بعضهم بعضاً ويلعن أولهم آخرهم

ها هي ثورة ديسمبر، الثورة التي قامت ضد الجُوع والعطش والظلم والقَهر والعُنصرية والاعتقالات والسجون والتعذيب ها هي تسير في نفس النفق تماماً كما أُعِد لها، بعد تضحيات ودماء وتشريد ومجازر وانتهاكات لم تحدث من قبل، وها هم نفس خبراء سرقة الثورات ومهندسو الأزمات وزارعو الفتن وطباخو السموم وخبراء الدجل ومصاصو الدماء ومتلونو القلوب يعودون للعب نفس الأدوار القذرة التي توارثوها ليعودوا بنا إلى مربع الديكتاتورية الغاشم، يجب على الشباب تنظيم أنفسهم في كيان واحد متناغم ومؤسس جيداً ليعمل في جدٍّ وإصرارٍ وعزيمةٍ لمُواجهة التحديات التي سيعيقكم بها الحرس القديم وأذنابه والعقبات التي سيضعونها أمامكم للحيلولة دونكم والوصول بها إلى أشواق كل الشعب السوداني.

كل العالم الحُر يستقطب الشباب للانخراط في العمل السياسي والميداني والاجتماعي والرياضي والنقابي وغيره لأنه عماد الدولة ومستقبلها الذي ستستند عليه وهذا شيءٌ بديهيٌّ، ولكن ما يحدث في السودان هو العكس تماماً لا يريدون الشباب أن يتقدّم الصفوف ويكون في موقع المسؤولية أبداً، لا يريدون أفكار الشباب في النهضة والتقدم العلمي ومواكبة العصر كلا، إنهم يريدون شباباً ذليلاً محطماً يائساً خائراً مُدَمَّراً ضائعاً مُستهتراً يجري خلف شهواته ونزواته، مهيئين له كل الظروف لذلك ثم يلقون باللائمة عليه، فلينتبه الشباب من الدسائس والمؤامرات التي يحيكها الحرس القديم وأذنابه ليلاً ونهاراً فهم لن يتنازلوا عن السلطة (بأخوي وأخوك) ويتركونها للشباب لأن أفكارهم عقيمة ونظرتهم لمفهوم الدولة قاصرة وأفقهم شديد الضيق .

الآن حصحص الحق، يجب أن تكون الثورة شبابية خالصة بعقول متفتحة ونيِّرة، بعيداً عن تأثير كل الساسة في الأحزاب والحركات المسلحة وغير المسلحة، يجب أن تكون الثورة الشبابية القادمة بعيدة جداً عن كابوس اسمه الإدارة الأهلية وكوابيس القبلية والمناطقية، وبعيداً عن الشحنات العاطفية، يجب أن تكون ثورة نقية في دواخلها، ثورة أمينة في مُبتغاها، ثورة متحدة متكاتفة تسعى لهدف واحد ويجد كل سوداني نفسه فيها وتمثل كل الشعب دون استثناءٍ، دون إقصاءٍ، دون هضم حقوق، ثورة تُعيد بناء الإنسان والوطن، ثورة تُعلِّي من قيم العدالة والحق والإنسانية والإخاء والمساواة والحرية والسلام، ثورة شبابية مُستقبلية حقيقيّة تُحرِّكها العزيمة القوية ويُخطِّط لها العقل الواعي .

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى