آمال عباس تكتب.. وقفات مهمة.. ليس دفاعاً عن الرافضين ولكن..!!

(1)

الحديث عن الشباب وعن جيل الرفض.. والرافضة والرافض كثر في هذه الأيام بصورة واضحة.. وهذا في حد ذاته دلالة عافية.. وإن كان دائماً مما يأخذ طابع الدفاع والهجوم.. مع حيدتي هنا في ذهني ندوة قدمها برنامج تلفزيوني ناجح في إثارته للعديد من المسائل التي تهم الناس والبرنامج اسمه قضايا الناس الذي أتت معالجته للموضوع من نفس الزاوية.. أي زاوية من يؤيد ظاهرة الرفض ويقف معها.. ومن يرفضها ويهاجمها. ولما كان رفضي مبدئياً لوضع قضايا معينة في هذه الأطر.. مثل قضية المرأة.. تعليمها.. خروجها للعمل وقضايا الشباب.. أي أطر المواجهة.. والدفاع والهجوم وذلك لأسباب كثيرة.. ومتشعبة جداً وتحتاج للدراسة والتأني.

وفي هذه الوقفة ما أردت أن أدافع عن الشباب ولا أردت أن أعبر عن ارتياحي أو غضبي للتصرفات والأزياء التي يأتونها ويرتدونها ولكن..!!

تمر بلادنا والبلاد الأفريقية والعربية التي من حولنا بمرحلة تغيير فرضتها حركة النضال التي قادتها شعوب تلك البلدان منذ القرن التاسع عشر والقرن العشرين.. والتي أدت في كثير من هذه البلدان الى الحصول على الاستقلال السياسي وبقيت أمامها معاناة اجتياز مرحلة التغيير الاجتماعي بأقل قدر من المتاعب والتضحيات.

فهذه الشعوب تحاول أن تستعين بالعلم وبالوسائل التكنولوجية المتقدمة لتعويض التخلف الاقتصادي والاجتماعي الذي تركه فيها المستعمر، ومن ثم كان التعرض لتأثير الحضارة الغربية في حياتها الاجتماعية التأثير السلبي الذي يترك بصماته واضحة.

الظروف الاجتماعية والعادات والتقاليد التي كانت تسود حياة الناس في السودان قبل الاستقلال وإبان فترة الاستعمار التي امتدت طويلاً كانت تعبر عن ممارسات معاشية ومعبرة عن تشكيله الاجتماعي الذي تغلب عليه البداوة والبساطة من ناحية والقبلية والعشائرية والطائفية من الناحية الثانية.

أي مجتمع مغلق بفعل التخلف وانعدام التطلع لدى أفراده بأن ليس في الإمكان أحسن مما هو كائن. وبإرادة الاستعمار الذي يغلق كل ما يؤدي الى متاعبه وتهديد وجوده.

ولكن مع هذا تعرضت هذه الظروف الاجتماعية للتغيير واستطاع السودان ان يحصل على استقلاله السياسي ويناضل ويصارع بعدها من أجل إحداث التغيير المنشود والمأمول في نفس الظروف الصعبة والتي زاد من صعوبتها عدم الاهتمام الكافي بأمر الثقافة. وتغيير المناهج المدرسية بما يلائم ظروف الانفتاح التي أعقبت خروج المستعمر.. وكان ذلك لغياب المنهج السياسي الواضح الذي فشلت الحكومات الوطنية المتعاقبة في الإتيان به وظلت الحياة الاقتصادية والاجتماعية كما هي.. بزيادة الظروف الجديدة التي أدت الى استخدام الأجهزة الحديثة في مختلف مرافق الحياة.. التلفزيون والراديو والسينما وشريط الكاست والتلفون.. وتوسع التعليم وكثرت الترجمة عن آداب الغرب وسهولة الاتصال بين أجزاء العالم.. والمشاركة في المؤتمرات والبعثات الخارجية.. كلها أسباب ساعدت على انتقال مفاهيم وثقافة وحضارة غريبة عنا.. أخذت تكون اتجاهات وقيماً جديدة لدى شبابنا بصورة خاصة.. لعدم تمكننا من تسليحهم بملكات اختيار نافذة تختلف من أثر الاستعمار الحضاري.

هذه حقيقة عابرة وسريعة جداً أردت أن تكون مرتكزاً لمحاولة مناقشة قضايا شبابنا من منطلقات عميقة وبعيدة عن الهجوم والتحسر على الأخلاق والقيم والتقاليد السمحة وبعيدة أيضاً عن التجني وإطلاق الأوصاف الجائرة.. بل ومنطلقة من أن كل عمليات التغيير الجارية الآن يحدثها الشباب والشباب هو المستقبل.. وبقدر ما يأخذ من الاهتمام يكون عطاؤه فعالاً.

في السودان نسعى لإقامة مجتمع اشتراكي بصدق وأمل.. وهذا ما يطرح أمامنا في مجال الشباب مهمتين كبيرتين وأساسيتين ويجب أن تكونا همنا الأوحد والأكبر للاتحاد الاشتراكي السوداني ولاتحاد شباب السودان ولاتحاد نساء السودان ووزارة التربية والتعليم، والمهمتان هما:

  1. دراسة الواقع الاجتماعي دراسة تحليلية بأبعادها المختلفة.
  2. تهيئة الشباب للقيام بدوره الأساسي والإيجابي في عملية التحول الاجتماعي والاقتصادي نحو بناء المجتمع الاشتراكي حسبما أعلنت ثورة مايو الاشتراكية.

فالواقع الاجتماعي الذي نعيشه نتاج طبيعي لما يدور في حياتنا الداخلية ولما يدور على نطاق العالم فمثلاً إعداد البحوث والدراسات في المسائل الآنية يعد أمراً ضرورياً لوضع أي برنامج يفجر طاقات الشباب الخلاقة.

أ/ تأثير المدنية الحديثة على اتجاهات الشباب السوداني في مفهوم التمرد على التقاليد القديمة وقبول صور الحياة الجديدة المسموع عنها والمشاهد منها خلال شاشة السينما والتلفزيون.. ومن مكانها عن طريق البعثات والإجازات فيما يتعلق بحرية الأبناء والبنات في الاختلاط.. اختيار الأصدقاء.. الذهاب للأندية والسينما.. وفيما يتعلق بحرية المرأة وحقوقها.. وفيما يتعلق بعموم الممارسات الحديثة في الحياة.

ب/ اتجاه الأبناء والبنات نحو التحرر بمفاهيم مغلوطة وبقاء الأمهات والآباء على عاداتهم وتقاليدهم وطرق تفكيرهم القديمة.. وأي نوع من الصراع يتولد في مثل هذه الظروف حيث تتركز السلطة في رب الأسرة الذي يصرف أمورها ويلتزم جميع أفرادها باحترامه وطاعته.

ج/ التفسير العلمي لحركة الطلبة والشباب الرافض هل هي دلالة على الضياع الذي يعيشونه؟ هل هي رمز للثورة ضد التقاليد؟ هل هي رمز للتمرد على الأب؟ هل هي تمرد على النظام؟ أم هل هي تعبير عن الصراع بين الأجيال؟

المرة القادمة نواصل ما بدأنا مناقشته اليوم

من التراث:

أطلق أحد النقاد على ديوان صفي الدين الحلي وعلق قائلاً لا عيب فيه سوى انه خال من الألفاظ الغريبة فرد عليه الشاعر بهذه الأبيات:

إنما الحيزبون والدردبيس والطخا والنفاخ والعطالبيس والغطاريس والشفحطب

مقطع شعر لنزار:

شكراً لجيلي شكراً لأنك في حياتي

مربع شعر:

قال الشاعر الشعبي:

طول يا ليل على من شامل الأوكات

وخرخر يا جبيني وأغلب السكات

لان غاب سهيل وعدام براطم فات

قاعد في رجا تمر الممس ما جات

من أمثالنا:

كلام الطير في الباقير

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى