من (الكندماية).. جنوب كردفان تتنفس عبق السلام

تقرير- عبد الله عبد الرحيم

بدأت المجتمعات هناك يعتريها شيء من التفاؤل العريض ونفاج التواصل المجتمعي بين مكونات جنوب كردفان بمناطق الحكومة وسيطرة الحركة الشعبية شمال، يتسع ليفتح الباب واسعاً للسلام الشامل القادم بإرادة مجتمعية وفق معطياته وفرصه المتاحة. وقد سئم الناس الحرب، بعد أن أكتووا بنيراها، وتداعياتها وصلت لكل قرية وبيت وأسرة هناك. بيد أن التعايش السلمي والسلام المجتمعي والحياة السهلة التي كان يعيشها إنسان تلك المناطق جعلته يحن بصورة كبيرة للعودة لتلك الفصول بشجونها وتاريخها التليد عبر نداءات السلام التي عمت وشغلت حيزاً واسعاً مكونات تلك المناطق قبائل “دار نعيلة جلد، وأولاد نوبة”، وقد كانوا بالأمس يعيشون حالة حرب وشتات قاتل. حيث انطلقت حوارات الصلح المجتمعي بقيادة السيد والي ولاية جنوب كردفان د. حامد البشير بين المكونات القبلية في المنطقة ومشاركة الحركة الشعبية شمال برئاسة عبد العزيز آدم الحلو، فيما احتضنت منطقة (الكندماية) هذا اللقاء والذي اعتبره الكثيرون ناجحاً لدرجة الإقبال غير المشهود عليه من قبل المكونات القبلية المختلفة وإبداء الرغبات الصادقة في التعايش السلمي. ويشير الكثيرون من أبناء الولاية هناك، إلى أن تلك الحالة من الشقاق قد أقعدت المنطقة وقتاً طويلاً أن وعى المجتمع تماماً واستوعب الدرس وتفهم أن الصراع المميت بين الراعي والمزارع وبين الحكومة والحركة الشعبية يهدر الطاقات والموارد، ويزيد الدماء على دماء، ويهرس اللحمة المجتمعية المتماسكة لتصبح بلا تماسك ووحدة.

 لم الشمل

ومن جانبه عبر القائد بالحركة الشعبية الباقر إبراهيم عن سعادته بالمعايدة مع الحوازمة، واصفاً الخطوة بلم الشمل الحقيقي، واستعرض التحالفات القديمة بين النوبة والحوزامة، ونقل تحيات ورسالة القائد عبد العزيز الحلو بقوله: “قربنا للسلام” مباركاً خطوة الإدارة الأهلية حول اللقاء، وأضاف: لا يمكن أن نمشي وننهض برجل واحدة، ودعا للوحدة ومعالجة تهتك النسيج الاجتماعي في الـ65 سنة الماضية، ولفت الباقر أن الحرب بجنوب كردفان مصنوعة وتم تحديد مناطق للحرب وأخرى للسلم، مشدداً على ضرورة تحقيق السلام، وزيادة فاعلية لجنة (7+7) لعمل التصالحات وانتشال الإقليم من حالة الحرب، منوهاً إلى أن وقف العدائيات له أعداء من تجار الحرب والحرامية، مطالباً بعمل محكمة مشتركة ومن يقتل يقتل لإيقاف الإجرام. ووجه الباقر صوت لوم للشباب بقوله: “أنتم خربتوا العلاقات بالسلاح”، مشيراً أن الأجداد وضعوا أساساً متيناً للتعايش. داعياً الحكامات للتغني للسلام ولعب دور إيجابي. وبشر بالسلام من خلال انطلاق المفاوضات في جوبا، وقدم شكره إلى حكومة الولاية بقيادة الوالي دكتور حامد البشير التي سمحت لهم بالمعايدة للحوازمة بمناطقهم كما شكر لجنة (7+7) للغلفان ودار نعيلة برئاسة فطر جمعة مؤمن، وشكر جميع الحضور الذي شارك في الاحتفال.

رسائل عديدة

رئيس مجلس شورى الحوازمة الأستاذ حسن رحمة رحب بالحركة الشعبية، قال: أهلًا وسهلًا بكم وفي مسيرة السلام تجدوننا عند حسن ظنكم وجنود من جنودكم. كما حيا ممثل الشباب إسماعيل الإمام زمام قادة الحركة الشعبية، لافتاً إلى أن اللقاء تم بحوار قوي، وقادرون على تحقيق السلام، مقدماً رسائل للشباب للعمل الجاد والسير على خطى الأجداد والآباء لنكون أبناء شرعيين حسب تعبيره. من جانبه قال ممثل اللجنة العليا فضل المولى بابو: التقينا بأهلنا النوبة لتحقيق التعايش السلمي والسلام المجتمعي، آملاً مواصلة الزيارات واللقاءات الشبابية. وناشدت ممثلة المرأة الأستاذة فاطمة صباحي بتحكيم صوت العقل والعودة للإرث القديم، وطالبت بمشاركة المرأة في المفاوضات القادمة.

أما مك منطقة التكمة قسم الله ديجو وصف المناسبة بالفريدة والجريئة، ممتدحاً شجاعة الحوزامة للتلاقي والسير نحو البناء المجتمعي، ودعا للوحدة وخدمة البعض من أجل العيش في سلام.

سلام شامل

وقدم العمدة بخاري محمد الزين رسائل إلى شباب الحوازمة والنوبة بقوله “الأوطان تبنى بسواعد بنيها، فلنعمل لمعالجة آثار الماضي والوصول إلى سلام شامل، ورسالة إلى الغلفان الأونشو كفانا حرب 15 سنة، لا بد من وقف الحرب وتحقيق السلام المستدام، ويد الزناد تتجه للطورية والكوريك، وناشد القائد الحلو بتوقيع اتفاق السلام الشامل في الأيام المقبلة من أجل إقامة دولة ديمقراطية للحقوق الأساسية واتفاق للمزارعين والرعاة. وطالب نائب أمير أمارة الغلفان علي حامدين بأن يكون لقاء اليوم مؤتمراً جامعًا لكل قبائل الولاية، موصياً السياسيين بفرز الكيمان بين القبيلة والسياسة والحزب وتسمية الأشياء بأسمائها، منوهاً أن السلام السياسي لا يقود إلى تنمية ما لم يكن هناك سلام مجتمعي، وأكد: إذا ترك الأمر لنا لحققنا السلام وحدنا، مشدداً على ضرورة الاتحاد لمواجهة السرقات والحرامية الذين أصبحوا شبكة متصاعدة. وتحدث أيضًا من جانب الحركة الشعبية كل من سكرتير الصحة الاقليمي الدكتور أحمد زكريا، وممثل مقاطعة هبيلا صابر مكي حسين، سكرتير التخطيط الإقليمي مولانا عبد الرحمن إسماعيل، ممثل الشباب نزار عوض الكريم حارن، إبراهيم خاطر الأستاذ بمدرسة الكادر والتأهيل السياسي بكاودا، ممثل المجتمع المدني الهادي حسن كومي، ممثل المنطقة الغربية القائد صنفور.

جلد الذات

ويشير مراسل (الصيحة) الأستاذ عبد الوهاب أزرق إلى أن اللقاء جاء للتعايش السلمي، واتسم بجلد الذات، والاعتراف بالأخطاء، وقول الحق، وتبادل النصائح، فيما طرحت القيادات المواضيع المسكوت عنها، وبداية للتعاون في محاربة المجرمين والمتفلتين، وبدا أزرق متفائلاً لجهة أنه أشار إلى أن اللقاء يعتبر بـ(ألف مؤتمر وحوار وتفاوض للسلام)، خلف الغرف المغلقة وقاعات الفنادق المكيفة، حيث وضع اللبنة الأولى للسلام السياسي والعسكري والاقتصادي انطلاقاً من السلام المجتمعي في فضاءات الهواء الطلق والأكثر فاعلية ونجاعة وصدق. وأكد أزرق أن لقاء (الكندماية) جاء بين كافة قبائل النوبة وبطون الحوزامة، وأن وجود الحركة الشعبية فيه حرك السكون، وفكك الجمود، وكسر القيود، وأعطى أملاً بقرب تحقيق السلام المستدام. فيما يرى مشاركون أن الحركة الشعبية بوجودها أسكتت الأصوات النشاذ التي كانت ترى استحالة التقارب، لعدم إئتمان النوايا. مؤكداً أن الرد جاء تلاحماً وانصهاراً ودموعاً للتلاقي، بين المواطنين وأوضح أن اللقاء ناقش قضية التعايش مستقبلاً ودرجة التناغم بين المزارع والراعي، والحركة الشعبية. مؤكداً المكاسب الكثيرة التي تستنبط من لقاء الكندماية الذي وصف  بالجريء.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى