يُهدِّدون الأمن.. الوجود الأجنبي.. قسمة القُوت والخدمات!!

 

تقرير- عوضية سليمان

كتب أحد الناشطين على صفحته في تطبيق “فيسبوك” إن طالباً سودانياً يدرس في أديس ابابا التقاه وأخبره ان إقامته التي يجددها كل 3 أشهر انتهت قبل 4 أيام، وعليه فإنه يدفع عن كل يوم يخالف فيه شروط الإقامة مبلغ 20 دولاراً، فذهب معه لتجديد الإقامة وعندها أصرت الموظفة على دفع مبلغ 80 دولاراً، وعند مناقشتها بأن الإثيوبيين يعيشون في السودان دون أوراق ثبوتية، حتى قالت “ماذا نفعل لكم.. بلدكم فوضى”.. ربما الانطباع بأن السودان “فوضى” هو الذي دفع ملايين الإثيوبيين والاريتريين وغيرهم من دول غرب أفريقيا ودول أخرى لاتخاذه ملجأً، فعدد اللاجئين في السودان يمثل ربع عدد سكان السودان، وكثير منهم يتواجدون داخل العاصمة الخرطوم، وكثير منهم يلعبون دور الخابر والتجسس، بينما آخرون يرتكبون جرائم تدمير العملة والقتل والنهب.. الوجود الأمني غير المقنن ظل يمثل معضلة للبلاد وقد عبّر عن ذلك وزير الداخلية الفريق عز الدين الشيخ أمس عندما قال إن اللاجئين يشكلون ضغطاً كبيراً على بيئه المجتمع اجتماعياً وأمنياً واقتصادياً.

زيارة

الوزير الفريق عز الدين الشيخ سجّل زيارة أمس لمقر مساعد معتمد اللاجئين بولاية الخرطوم، وأكد حرص واهتمام الدولة على تقنين اللجوء بالبلاد وفق النظم واللوائح المنظمة لذلك والمعمول بها عالمياً، مُشيراً إلى أن اللاجئين يضغطون على الخدمات ويشاركون المواطنين الخدمات كلها.. والملاحظ أن عدد اللاجئين تزايد بصورة لافتة في الفترة الأخيرة، حيث أصبح السودان يضم لاجئين من غالبية دول الإقليم ولأسباب متعددة، فعلاوة على الحروب التي تدفع بالآلاف الى السودان، هناك أسبابٌ أخرى تدفع مواطني تلك الدول لمغادرة دولهم إلى السودان، أهمها سيولة القوانين وضعف الرقابة، فضلاً عن الحدود المفتوحة والمداخل المتعددة، خاصة وان السودان يمثل معبراً نحو شمال أفريقيا للحالمين بالهجرة غير الشرعية لأوروبا، كما انه يمثل معبراً نحو الأراضي المقدسة لمواطني غرب أفريقيا الذين يخرجون في رحلات بغرض الحج، لكنهم يستقرون في السودان سواء في رحلة الذهاب أو العودة، وغالبا ما يمتهن هؤلاء مهناً هامشية او يمتهنون التسوُّل.

وقد أكد خبراء لـ(الصيحة) أن تواجد اللاجئين بهذا العدد الكبير يُضيِّق على المواطن في المعيشة ويضغط على الخدمات الصحية.

معسكرات

ويعتبر اللجوء جراء الكوارث أحد الأسباب التي تجعل السودان قبلةً، ففي شرق السودان توجد عشرات المعسكرت التي أقيمت منذ ثمانينات القرن الماضي ولا تزال مفتوحة، منها معسكرات في كسلا واخرى في القضارف تضم عشرات الآلاف من اللاجئين الإثيوبيين والإريتريين، ومنذ نوفمبر الماضي بدأت موجة لجوء جديدة وكبيرة لمواطنين إثيوبيين الى السودان بعد انفجار حرب التيغراي، وقررت السلطات السودانية في ولاية القضارف “شرق” إنشاء معسكر ثالث في بلدة باسندة يقطنه حتى الآن أكثر من 3 آلاف لاجئ، بعد أن استضافت اللاجئين من قومية التيغراي في معسكري أم راكوبة والطنيدية، كما تضم ولاية الخرطوم 8 معسكرات لجوء، غالبية سكانها من مواطني دولة جنوب السودان.

عبءٌ كبيرٌ

ويعتبر اللواء عبد الرحمن أرباب، الوجود الأجنبي في السودان مُشكلة كبيرة تُعاني منها منذ حكم الرئيس المعزول عمر البشير، مستنكراً حديث وزير الداخلية حول شكواه من تزايد اللاجئين والاجانب المقيمين بصورة غير شرعية، وقال في حديثه لـ(الصيحة) إن من المعروف دولياً ان يتواجد اللاجئون في مناطق محددة وفي معسكرات، ومن المفترض ان يكون المجتمع الدولي مسؤولاً عنهم مسؤولية كاملة ويضمن عدم مشاركتهم للمواطنين في الخدمات, بأن يوفر لهم الخدمات داخل منطقتهم التي حُدِّدت لهم كلاجئين إلى نهاية لجوئهم او الذهاب إلى دولة أخرى محددة أو الرجوع إلى دولتهم, وأضاف: ان في السودان الكثير من اللاجئين هربوا من المعسكرات الى المدن والقرى واختلطوا بالمواطنين واصبحوا يشاركونهم في كل المستلزمات اليومية، ما شكّل عبئاً كبيرا على المواطن والدولة, ويساهمون بالتالي في تفاقم الأزمات الاقتصادية، وأضاف “المواطن السوداني لا يفرز بين المواطن واللاجئ، لذلك فإن الأثر يكون كبيراً جداً” معتبراً أن الحديث عن اللاجئين ليس جديداً وظل يطرق لأكثر من عشرين عاماً دون حلٍّ!!

الحل سياسي

وينبه أرباب إلى أن تأثير الأجانب على الجانب الامني اكبر من الجانب الاقتصادي، وقال “هنالك لاجئون داخل السودان لا يُعرف عنهم ماذا يعملون وأي المهن يمتهنون، ولا يعرف أحد ما ان كانوا يتعاملون مع مخابرات أجنبية أو يعملون في جرائم التزوير والتجسس، لافتا الى ان الهجرة غير الشرعية تُدار بطريقة خفية جداً وتشكل اثرا كبيرا جداً، مشيراً الى أهمية وجود حل سياسي لذلك، وطالب بعدم توظيف أي شخص غير سوداني في المؤسسات الحكومية ما لم يكن لديه رقم وطني، باعتبار ان الرقم الوطني للأجانب يعتبر اللاجئ مقيماً وليس مخالفاً لشروط الإقامة، وأضاف: “الأمر مقدورٌ عليه، لكن كان هناك عمل سياسي يُعطِّل ذلك من زمن البشير”, وكشف عن أن عدد اللاجئين كبير جداً ويمثلون قرابة ربع السودان واكثرهم من دول أفريقيا.

الطين بلّه

وربما يرى خبراء أن وجود الأجانب في السودان يؤثر بشكل مباشر على معيشة المواطنين، ويرى الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي ان الوجود الاجنبي يزيد من أعباء البلاد أكثر مما هي عليه، وقال في حديث لـ(الصيحة) إن الوجود الأجنبي يجعل الدولة تستورد له احتياجاته كما تستوردها للمواطن السوداني، وهذا يعني ان الدولة في حاجة لمزيد من العملات الأجنبية، فضلاً عن أن الأجانب أنفسهم يعملون على تحويل مدخراتهم إلى عملات صعبة وإرسالها للخارج، وهذا ما يجعل الطلب عليها يزيد، وقال “اللاجئون سبب أساسي في ارتفاع الأسعار، لذلك وجدوهم يؤثر على الاقتصاد بصورة كبيرة جداً”، ولفت إلى أنهم يُمكن أن يكونوا مُفيدين حال الاستعانة بهم في المشروعات الإنتاجية بأن يتحوّلوا إلى عناصر منتجة، وقال: “لكن للأسف 80% من اللاجئين عاطلين ولا يمارسون عملاً ويزيدون (الطين بلّه) وهذا قد يؤدي إلى انفلاتٍ أمني.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى