إعلان الحكومة في رمضان.. حقيقة أم مناورة؟

تحديات عدم التوافق

إعلان الحكومة في رمضان.. حقيقة أم مناورة؟

تقرير- صبري جبور

في ظل حالة الانسداد السياسي، وعدم التوافق بين الأطراف السودانية على العملية السياسية، والاتفاق حول القضايا الوطنية، يكاد الحديث عن أي اتفاق نهائي دون استصحاب بعض القوى المؤثرة، بحسب مراقبين لا يؤدي إلى حلول شاملة تنهي الأزمة المستفحلة في الوقت الذي يقول فيه محلِّلون آخرون بالإمكان تكوين الحكومة بمن حضر في إشارة إلى عدم انتظار الممانعين .

على الأقل للوصول إلى حكومة مدنية ومؤسسات انتقال متوافق عليها تقود المرحلة إلى بر الأمان.

وفي اتجاه تيسير العملية السياسية انعقد  الأسبوع الماضي اجتماعاً ببيت الضيافة بين العسكريين والمدنيين حول كيفية المضي قدماً بالاتفاق الإطاري الموقع بين الجيش وأطراف مدنية إلى نهايته.. تلك الخطوة -أيضاً- وجدت رفضاً من قبل الكتلة الديموقراطية الرافضة للاتفاق الإطاري.. لكن على أرض الواقع يأمل السودانيون أن ينتشل المشهد من الضياع وتحسُّن الأحوال الاقتصادية والمعيشية، في ظل أوضاع صعبة، خاصة مع عدم وجود حكومة لأكثر من عامين، عقب قرارات رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في الخامس والعشرين من أكتوبر ٢٠٢١م، تلك الإجراءات التي أفضت إلى إنهاء الشراكة مع تحالف الحرية والتغيير.

وخلال هذه الأيام ظلت قيادات الحرية والتغيير المجلس المركزي تبشِّر بقرب الوصول إلى اتفاق نهائي يفضي إلى تشكيل حكومة مدنية خلال الفترة المقبلة. كذلك المكوِّن العسكري أكثر من مرة يشير إلى دعمهم الكامل للحكومة المدنية وخروجه من العملية السياسية، لكن في ظل حالة الشد والجذب بين الأطراف حول الوضع الراهن، يرى خبراء ومختصون أن المرحلة الحالية وما تشهده من خلافات بين تلك القوى السودانية  يتطلب الجلوس في طاولة حوار وطني تتفق فيه على القضايا التي تهم الوطن والمواطن، بجانب الوصول إلى تفاهمات جديدة بشأن تكوين حكومة مدنية تحقق السلام والاستقرار في البلاد.

 حكومة جديدة

قال متحدث باسم قوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي)، الخميس، إن التوقيع النهائي على التسوية السياسية بين القوى المدنية والقادة العسكريين، وتشكيل الحكومة الانتقالية، سيجري خلال شهر رمضان، كاشفاً عن اجتماع مطلع الأسبوع المقبل لإجازة مصفوفة زمنية خاصة بالعملية السياسية، وقال طه عثمان، في مؤتمر صحفي: “سيتم التوصل لاتفاق نهائي وتكوين هياكل السلطة في شهر رمضان”، وأوضح بأن لجان صياغة الاتفاق النهائي ستباشر أعمالها في أسرع وقت ممكن، دون النظر لنتائج ورشة العدالة الانتقالية، والإصلاح الأمني والعسكري، وتتخذ من القصر الرئاسي مقراً لها، وأفاد عثمان بأن اللجنة تتخذ الاتفاق الإطاري ونتائج ورش العمل بشأن القضايا الخمس المعلقة والإعلان السياسي واتفاقية جوبا للسلام، كمرجعيات لعملها، وصولاً للاتفاق النهائي والتوافق حول الإطار الدستوري الحاكم للفترة الانتقالية.

وقال عثمان: بإمكانية تجاوز الرافضين للاتفاق الإطاري وتشكيل الحكومة المدنية، في حال تمسَّكهم بمواقفهم  المناهضة للعملية السياسية.

 تقاطعات

يقول الباحث في الشأن السياسي الطيب عبد الرحمن الفاضل، إن هناك عوامل كثيرة جداً تجعل تشكيل الحكومة صعب جداً جداً نسبة للتقاطعات بين (المكوِّن العسكري العسكري والقحتاوي قحتاوي)  وهي سبب أزمة البلاد هذا التقاطع والتشاكسات، وأضاف الفاضل في إفادة لـ(الصيحة) حتى لو تم تكوين حكومة ستكون حكومة ليس لها أي أثر في حياة ومعاش الناس لأنها ستكون غير متوافق عليها)، وتابع: “وأن كوِّنت ستكون بإيحاء من الخارج وترضيات لأحزاب وأشخاص يريدون الكرسي وخوفاً من إزاحتهم منه”، ويؤكد الطيب “تكوين حكومة يحتاج إلى تجرُّد وهذا لا يتوفر في أي جهة من الجهات التي تتصدر المشهد..والشعب (ما فارقة معاه) لأنه -الآن- يعيش بدون حكومة منذ فترة طويلة فقط ما يريده توفير الأمن وقفة الملاح، ونوَّه الفاضل ” أما الخارج يريد أن يعيش السودان في هذا الفراغ والنزاع والشقاق ولا يريد خيراً أبداً لنا”، وأشار الطيب “من يؤمن بغير ذلك فعليه مراجعة وطنيته.

بشريات

في السياق أعلنت نائبة رئيس حزب الأمة القومي مريم الصادق المهدي، بشريات بقرب التوصل لحل ينهي أزمة البلاد،وقدَّمت مريم خلال مخاطبتها الورشة التنظيمية النوعية لقيادات الوحدات الإدارية للحزب بشمال دارفور تنويراً حول جهود الحزب مع القوى السياسية للوصول بالعملية السياسية إلى نهاياتها”.

حكومة عريضة

ويقول القيادي بالجبهة الثورية والكتلة الديموقراطية، د. محمد إسماعيل زيرو، من الضروري أن تكون حكومة مدنية ذات قاعدة عريضة تنهي حالة الاحتقان والانسداد السياسي والتأخير غير المبرر، حيث أن الخاسر الوحيد من هذا التأخير هو الشعب السوداني، وأضاف: ” لذا نحن كجبهة ثورية وكتلة ديموقراطية حريصين كل الحرص على تكوين حكومة مدنية ذات قاعدة عريضة دون إقصاء لأي مكوِّن من المكوِّنات الثورية، ويؤكد زيرو في إفادة لـ(الصيحة) أن حديث الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري حول تشكيل الحكومة بمن حضر وحصرها على الموقعين فقط يعد هذا بمثابة صناعة واقع أزمة جديدة أشد ضراوة من الأزمة الحالية، وقال: ” بالتالي عدم استقرار الفترة الانتقالية.. لذا الأطراف الموقعة على الإطاري أن تدرك هذه المخاطر  التي تحدِّق بالبلد جراء الإقدام على احتكار القرار السياسي للبلد دون تفويض من الشعب السوداني بذلك، كما أن الهوة ليست كبيرة بين الأطراف، بيد أن أطراف الإطاري تتحجج بأحقيتها في الاحتكار وتوزيع الصكوك الثورية حسب رغبتها، وأبان إسماعيل “كما نذكِّر المركزي بأن هذا النهج قد جربوه من قبل وفشل وأدى إلى الانقلاب وليس ببعيد أن يتكرر مرة أخرى في ظل هذا التعنت على الانفراد بحكم الفترة الانتقالية واختطاف قرار الدولة.

 تحديات وتباينات

يؤكد المحلِّل السياسي محمد علي عثمان،  أن الإعلان عن تشكيل حكومي في رمضان مستبعد تماماً في ظل القطيعة السياسية الماثلة في المشهد الآن، وأشار إلى أن بعض القوى المدنية تدعي بأنها تمتلك صكوك المشاركة في الفترة الانتقالية وتعمل على إبعاد القوى السياسية الفاعلة الأخرى، وأضاف عثمان في إفادة لـ(الصيحة) مع هذا الإبعاد الذي تمارسه الآلية الثلاثية وبعض القوى المدنية الأخرى تظهر تباينات وتصريحات من شأنها تعيق تشكيل الحكومة الانتقالية، وتابع: “حتى أن تم الإعلان عنها تكون غير مرضية لهذه القوى المدنية وقوى الشارع، وأكد محمد علي “تبقى الحقيقة المُرَّة بأنه لايوجد سياسي واحد -الآن- يمكن أن يقدِّم تنازلات من شأنها تعمل على دفع الحركة السياسية الانتقالية للأمام لتنعكس مباشرة على حياة الشعب والذي تأثر بصورة كبيرة بالضائقة المعيشية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى