انتهاكات حقوق الإنسان.. هل السودان في مرمى العقوبات؟

انتهاكات حقوق الإنسان.. هل السودان في مرمى العقوبات؟

تقرير- مريم أبَّشر

أتاحت فرصة زيارة المفوَّض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، للسودان خلال اليومين الماضيين ووقوفه بنفسه على الحالة الإنسانية خلافاً للتقارير الرسمية المكتوبة التي تصله خاصة وأنه ابتدر مهمته الأممية بزيارة السودان كأول محطة له لتدشين مهمته.

الوقوف على حقيقة الانتهاكات التي حدثت في السودان مؤخراً عقب قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر بعد التطور الملحوظ للأوضاع الإنسانية ومصادقة الحكومة على العديد من المعاهدات  والالتزامات الدولية إبان فترة الحكومة الانتقالية، وأمس الأول وبمقر مكتب بعثة الأمم المتحدة بالعمارات أقر فولكر تورك، في ختام زيارته التي امتدت أربعة أيام  بوجود (19) حالة اغتصاب   وانتهاك جنسي، مؤكدة،  خلال المظاهرات التي اندلعت منذ 25 أكتوبر العام الماضي.

وقال فولكر: مكتب الأمم المتحدة بالخرطوم  “وثق (19) حالة اغتصاب وانتهاك جنسي، وربما أكثر من ذلك خلال المظاهرات التي اندلعت في 25 أكتوبر 2021م.

وأضاف أن “السودان يمر بمنعطف خطير، ولأجل ذلك  زرت السودان لأول مرة منذ تعييني في المنصب، وشدَّد على أن حقوق الإنسان يجب أن تكون في جوهر الانتقال بالسودان.

وأضاف “يجب أن تكون حقوق الإنسان في صميم العملية الانتقالية.،  وقال في الخصوص “لقد كان شعب السودان مصدر إلهام للكثيرين منا في أصقاع الأرض. عندما نزل الناس – ولا سيّما شباب ونساء السودان – إلى الشوارع في ديسمبر 2018 للمطالبة بحقوقهم الإنسانية وإزاحة دكتاتورية استمرت 30 عاما، تبعناهم في رهبة وإجلال، وانضممنا إلى الزخم من أجل التغيير والأمل في مستقبل أكثر إشراقا وأكثر سلاما وعدلا لشعب هذا البلد المذهل”.

ونبَّه كذلك إلى أن “إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر التي اتخذت العام الماضي أنهت التطوُّر التشريعي والقانوني في البلاد، بينما انخفض دخل الفرد اليومي إلى دولارين، وارتفعت أسعار الكهرباء إلى (25) ضعفاً، كما ارتفعت -أيضاً- أسعار الخبز والوقود والاقتصاد في حالة انهيار”.

الذخيرة الحية

ونوه في حديثه لعمليات القتل التي طالت 119 شخصا منذ سيطرة اكتوبر من العام الماضي بقوله: ناقشت هذه القضايا وغيرها مع مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة، من بينهم رئيس مجلس السيادة الفريق الركن عبد الفتّاح البرهان ونائب الرئيس اللواء محمد حمدان دقلو، ووزراء الخارجية والعدل والداخلية بالإنابة، والنائب العام والآليات الوطنية لحقوق الإنسان وغيرهم كما التقىت في الفاشر بشمال دارفور سلطات إقليمية رفيعة المستوى، بما في ذلك رئيس سلطة دارفور الإقليمية وولايتي شمال دارفور وغرب دارفور، وبالعديد من ممثلي المجتمع المدني وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في الخرطوم والفاشر” وأضاف “القضايا التي أثاروها والتي وثقها مكتبي خطيرة.”

كما تطرق تورك إلى التقارير “المقلقة” عن العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات، وكذلك الرجال والفتيان.

المساءلة والمحاسبة

وأوضح تورك أنه في منطقة دارفور، سلّط المجتمع المدني والنازحون داخليا الضوء على تفشي الإفلات من العقاب على الانتهاكات والتجاوزات الجسيمة لحقوق الإنسان، مشيرا الي ان مكتبه وثق 11 حالة اشتباك مميت واسع النطاق أسفر عن مقتل 1,091 شخصا على الأقل منذ يناير 2021.

وفيما يتعلق بالنزاعات القبلية قال تورك: “كانت استجابة السلطات لعلامات الإنذار المبكر بالعنف ضعيفة، مما خلق تصوّرا بأن السلطات غير مستعدة لحماية المدنيين الذي ينتمون إلى قبائل مختلفة.”

وشدَّد فولكر تورك على أن “ثلث سكان البلاد في حاجة إلى مساعدات إنسانية، مع وجود (7) ملايين، شخص، يهددهم الجوع في ظل انعدم الأمن الغذائي في البلاد.”

وأكد المفوَّض السامي “وجود (211) ألف نازح، خلال العام الجاري جراء اندلاع (11) نزاعاً، داخلياً، بين مختلف القبائل في دارفور غربي السودان”.

ولفت إلى أن التقارير أثبتت مقتل (400) شخص، جراء النزاع القبلي في ولاية النيل الأزرق (جنوب شرق) و(150) شخصاً، في ولاية جنوب كردفان (جنوب).

وأضاف: الوضع في السودان “يائس”، وهناك حاجة ماسة لحماية المدنيين ونحتاج إلى خطة عمل قومية لتوفير الأمن والسلام”.

 الواقع مختلف

مصدر دبلوماسي -فضَّل حجب اسمه- رأى أن  الأحاديث التي أدلى بها المندوب السامي لحقوق الإنسان عكست واقعاً حقيقياً مختلف عن تلك التقارير التي  رفعت وبموجبها تمت إعادة عضوية السودان في مجلس حقوق الإنسان. وقال المصدر: إن وجود المفوَّض في السودان في ظل الوضع الحالي بعد التغيير الذي حدث لحقوق الإنسان خلال العام المنصرم منذ الانقلاب وحتى الآن، كشف العكس تماماً لحالة التطوُّر التي شهدتها إبان حكومة الثورة، ونبَّه إلى أن اللجنة التي كشفت الانتهاكات والتجاوزات التي تمت إبان العهد المباد معظم قياداتها الآن خلف القضبان، والذين مارسوا الانتهاكات والفساد ومرتكبي الجرائم ضد حقوق الإنسان الآن هم خارج السجون وتمت إعادة كل ما نهبوه من أموال وشركات، وأشار  المصدر لـ(الصيحة) حتى قضايا القتل والانتهاكات الموثقة والتي مضى التقاضي فيها للمراحل النهائية تم إطلاق سراح مرتكبيها عبر محاكم الاستئناف.

واستبعد المصدر تحقيق عدالة أو إعادة حقوق من طالهم العنف والقتل في ظل الوضع الراهن، وأضاف أي شخص يظن أن حقوقه سترجع في ظل الوضع الراهن يجب أن يراجع نفسه وقطع بأن استعادة الحقوق لن تتم إلا في وجود الدولة المدنية بتطبيق مبدأ العدالة .

الإفلات

مراقبون أبدوا عدم تفاؤلهم  من إمكانية تطبيق العدالة  في حكومة التسوية المرتقبة وفق التسريبات والتصريحات التي صدرت .

وشدَّدوا على أن التمسُّك بروح الثورة التي تمثلها لجان المقاومة وقوى التغيير الجذري  وهي القوة الحقيقية والأمل الوحيد لاستعادة حقوق ضحايا العنف و القتل والسحل ووصفوا قوى الحرية و التغيير بأنها أضعف من أن تحقق مطالب وحقوق قوى الثورة الحيِّة، وأكدوا أنه طالما أن هنالك ثورة مستمرة فإن الحقوق لن تضيع .

قاب قوسين

قيادي بقوى الحرية والتغيير رهن تحقيق العدالة للشهداء، والذين انتهكت حقوقهم جراء التعذيب والاعتقالات بقيام الدولة المدنية ودولة العدالة غير أنه أشار إلى أن قضايا أخذ الحقوق واستعادتها لا زال الجدل يدور حولها هل توضع ضمن قضايا العدالة أم العدالة الانتقالية، وكشف الأستاذ آدم جرجير، القيادي بقوى الحرية والتغيير  وعضو حزب الأمة أن هنالك أربعة ملفات أرجأ النقاش  حولها من بينها  قضايا العدالة والعدالة الانتقالية،  مشيرًا إلى أنها قضايا مهمة ومختلف عليها   تحتاج لرؤى كل القوى الثورية والمدنية وليس قوى الحرية  وحدها وأكد أن الاتفاق الإطاري الأول المتعلق بتكوين حكومة مدنية كاملة الدسم تم الفراغ منها وأن ما تبقى من الملفات الأربعة بانتظار رؤية وملاحظات القوى الأخرى، مؤكداً أن كل مطلوبات الشارع المنادي بالدولة المدنية إبعاد العسكر تم تضمينها في الاتفاق والمتبقي فقط حسم الملفات الأربعة وتوقع الفراغ من الاتفاق بشكله النهائي خلال عشرة أيام .

نفس الزول

فيما يلي تحديد مسؤولية الجاني الذي ارتكب جرائم القتل والسحل والاغتصاب التي تحدث عنها المفوَّض السامي لحقوق الإنسان ووثقها مكتب الأمم المتحدة في الخرطوم. قال جرجير: إن تلك القضايا تحتاج لتحقيقات باعتبار أنها شبيهة بقضايا فض الاعتصام التي لايزال التحقيق حولها لم يصل إلى نتائج نهائية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى