تعديلات قانون المعلوماتية.. هل يحد من الحريات؟

تعديلات قانون المعلوماتية.. هل يحد من الحريات؟

الخرطوم- صبري جبور

أعادت التعديلات التي أجرتها وزارة العدل  على قانون مكافحة جرائم المعلوماتية إثارة الجدل من جديد عقب خطوة إجازة مجلس الوزراء المكلف، للتعديلات حول المشروع تتضمَّن عقوبات مغلظة على المخالفين. وكانت الحكومة الانتقالية برئاسة عبدالله حمدوك، أجازت في يوليو 2020م، قانون مكافحة جرائم المعلوماتية (تعديل) لسنة 2020م، وهو معني بتشديد العقوبات لحماية حقوق المستخدم والحفاظ على الخصوصية ومنع انتشار الشائعات والنشر الضار. تأتي  هذه الخطوة من التعديلات الجديدة التي أقرتها الحكومة بحسب قانونيين ومحللين سياسيين، للحد من انتشار الشائعات وتفشي الصراعات القبلية التي لعبت فيها وسائل التواصل الاجتماعي دوراً مؤثراً في تـأليب المجتمعات، فضلاً عن النشر السالب الذي يأتي في خانة إشانة السمعة التي تلحق الضرر في المجتمع.

ولكن يرى البعض الآخر أن تعديلات القانون لا تتواءم مع روح الثورة وتحد من الحريات وفتح الباب أمام السطات فيما يتعلق بالتقديرات في ماهية النشر السالب والمخالف.

لذلك  تبرز تخوُّفات واسعة لا سيما وسط الصحفيين حال تطبيقه خاصة أنه يقضي بعقوبة تصل السجن (7) سنوات، لمن يحصل على بيانات أو معلومات تمس الاقتصاد أو الأمن القومي. أيضاً درجت السلطات مؤخراً على قطع خدمات الإنترنت بالتزامن مع الاحتجاجات المطالبة  بالحكم المدني.

عقوبة مشدَّدة

(الأربعاء) أجاز مجلس الوزراء المكلف، تعديلات حول مشروع قانون مكافحة جرائم المعلوماتية تضمَّن عقوبات مغلظة على المخالفين. وقال بيان صادر عن المجلس المكلف: (إن اجتماع مشترك للقطاعات الوزارية رأسه عثمان حسين عثمان وزير شؤون مجلس الوزراء المكلف أجاز قانون مكافحة جرائم المعلوماتية تعديل سنة 2022م، لسنة قدمه محمد سعيد الحلو، وزير العدل المكلف).وأشار إلى أن التعديل نص على (عدم جواز التنازل إذا كان المجني عليه أي من أجهزة الدولة أو من الشخصيات العامة التي تشغل مناصب فيها).وأوضح بأن تعديل القانون جاء نظراً لتطور جرائم المعلوماتية وإخفاء مرتكبيها لأنفسهم من خلال استخدام التطبيقات الحديثة، فضلاً عن بعض القصور من اكتفاء المحاكم بتطبيق عقوبة الغرامة التي لم تحقق الردع التام .وأضاف ( لذا كان لابد من التعديل وتغليظ العقوبة وجعل عقوبة السجن وجوبية بالإضافة إلى إلزامية الغرامة وترك تقديرها للمحكمة).

تضييق الحريات

ويقول المحامي والخبير القانوني، وليد الطيب، إن خطوة التعديلات التي أقرتها الحكومة في قانون جرائم المعلوماتية، بمثابة تضييق  جديد للحريات، وأشار إلى أن الهدف هو حماية شخصيات بالدولة من الانتقاد خاصة في وسائل التواصل بما في ذلك الإعلام، منوِّهاً إلى التعديلات السابقة كانت عقوبة الغرامة فقط ولكن الآن أصبحت العقوبين معاً (الغرامة مع السجن)، الأمر الذي يشكِّل تحدياً إذ لايتماشى مع روح الثورة  وأهدافها.

ووصف الطيب في تصريح لـ(الصيحة) أمس، التعديلات في قانون المعلوماتية بالخطيرة جداً، وقال: (يجب أن تسبق هذه الخطوة دراسة متأنية مع مواءمة الوضع الراهن)، ونوَّه وليد إلى أن القانون الموجود فيه نوع من لفت الانتباه والنظر فيما يتعلق بالنشر.

قطع الطريق

يرى المحلِّل السياسي الفاتح محجوب، أن التعديل الجديدة التي أجرتها وزارة العدل في قانون المعلوماتية جاء ليشتمل على إضافة بند السجن، إضافة للغرامة من التي تركها القانون للقاضي ليحددها وفق كل حالة.

وقال محجوب لـ(الصيحة) أمس: (جاء نص القانون غريباً بعض الشيء لأنه نص علي منع إعطاء الشخصيات العامة الحق في التنازل عن حقها في التقاضي ضد من يرتكبون في حقهم جريمة وفق قانون المعلوماتية)، وأضاف (هذا النص الغريب جاء لقطع الطريق أمام جماعة الجودية رغبة في تحصين المنصب العام من الإساءات غير المستندة إلى دليل ).

قانون ضعيف

وأشار محجوب (بما أن السودان مقبل على حكومة تسوية سياسية جديدة بقيادة قحت المجلس المركزي فإن هذا القانون يساعد على حماية قادة قحت المجلس المركزي ويسبغ عليهم حماية من الإشاعات الضارة ويساعد على حماية من يتقلدون المنصب العام من الإساءات المعتمدة على الأكاذيب). وتابع : (بالطبع سيستفيد -أيضاً- من التعديل القانوني قادة العسكر الذين من المتوقع استلامهم قيادة المجلس الأعلى للأمن والدفاع). ونوَّه الفاتح من المعلوم أن قانون المعلوماتية الحالي ضعيف جداً وقد ساعد على بث الإشاعات والإساءات وسط المجتمع السوداني حتى في الأوساط الشعبية غير السياسية، وقال: (فمن هذا المنطلق فإن تشديد العقوبة مهم لحفظ أمن المجتمع السوداني).

نشر ضار

في السياق قال المحلِّل السياسي د. راشد التجاني، إن تعديلات قانون المعلوماتية جاءت في وقت انتشرت فيه الشائعات والنشر الضار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأضاف: هذه الخطوة تؤكد تأثير وسائل التواصل على المجتمع وحياة الناس لا سيما فيما يتعلق بالاستخدام السيئ والنشر المعلومات الكاذبة والسالبة التي تسهم في تأجيج النزاعات  القبلية التي تفشت بصورة مخيفة خلال الفترة الأخيرة.

وقطع التجاني في تصريح لـ(الصيحة) أمس، أن الغرض الأساسي من خطوة التعديلات الحد من تأثير النشر الضار في وسائل التواصل من خلال تشديد العقوبات على كل من يقوم بذلك .

ولفت راشد، إلى أن تلك التعديلات لا تؤثر على حرية التعبير، بل أن القانون جرَّم أشياء محددة خاصة بث الشائعات وتفشي العنف بسبب تأثير النشر في وسائل التواصل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى