عبد الواحد في جوبا.. هل انتهت مرحلة التمترس؟

تقرير- نجدة بشارة

في خطوة مفاجئة، وصل إلى مدينة جوبا، رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، في إطار تلبية لدعوة من رئيس جمهورية جنوب السودان سلفا كير ميارديت. في حين أوضح المتحدث باسم الحركة محمد عبد الرحمن في بيان له، أن الحركة ستقوم بتنوير ميارديت حول مبادرتها لعقد مؤتمر الحوار السوداني السوداني. وقال إنّ زيارة نور تأتي تلبيةً لدعوة رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت بهدف التباحث والتفاكر حول الطريقة المثلى لتحقيق سلام شامل وعادل ومستدام بالسودان والاستماع إلى رؤية الحركة في تحقيق السلام بالسودان. وأضاف: أن “الخطوة تأتي للخروج من حالة التوهان وانسداد الأفق السياسي والتأسيس إلى مشروعٍ وطني حقيقي يعالج جذور الأزمات التاريخية والوصول إلى سلام شامل وعادل ومستدام يضع حداً للنزيف السوداني وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة وبناء دولة مواطنة متساوية بين جميع السودانيين”. لكن في ذات الوقت كشفت الحركة أنّ الزيارة لا علاقة لها بالتفاوض مع حكومة الخرطوم أو الالتحاق بمنبر جوبا الذي أوضحت الحركة رأيها حوله منذ بدايته.

ضغط أم تنازل

في المقابل، رجح محللون أن وصول نور إلى جوبا، يعد قفزة واسعة في اتجاه  السلام؛ ويفسر على أنه  تنازل من قبل الحركة التي ظلت متمترسة في خندق التعنت والرفض لأي حوار مع الحكومة السودانية.. خاصة وأن نور يحمل في حقيبته مبادرة الحوار السوداني.. السوداني.. وعبروا عن تفاؤلهم وارتياحهم لمبادرة نور.

لكن في المقابل قلل بعض المتابعين من تواجد عبد الواحد في جوبا وحجتهم أن عبد الواحد ظل من أكثر قيادات العمل المسلح إثارة للجدل، منذ تأسيس حركتة 2002م، حيث تبنى مواقف سياسية مصادمة وأحياناً مجافية للوقائع على الأرض، حتى إنه لم يسبق له أن انخرط فعلياً في مسارات للتسوية السياسية أو جلس إلى طاولة للتفاوض منذ توقيع اتفاقية (أبوجا عام 2006)، وعلى اختلاف الجولات التي جرت بعدها مع الحركات الدارفورية المسلحة، حتى بات يطلق عليه في كل المحافل المحلية والدولية لقب مستر (نو)، وحتى بعد سقوط نظام الإنقاذ الذي كان يعده عقبته الكؤود وشرطه الوحيد للجنوح للسلام، ظل نور يرتدي ذات العباءة القديمة ويسلك سبيل الرافضين، مع تبدل مفرداته في التبرير، وعقب اتفاق جوبا كان قد برهن عدم مشاركة حركته في المفاوضات بأن  الأخيرة لن تصنع سلاماً للمواطن السوداني وستتحول إلى محض محاصصات حزبية وإقليمية ليس للمواطن السوداني فيها ناقة ولا جمل، ثم ذهب بعيداً بعدم اعترافه بالحكومة الانتقالية.

وإذا وضعنا في الاعتبار مبادرة نور للسلام.. إذن هل انتهت مرحلة تمترس نور خلف الرفض أم زيارته نتيجة لضغوط دولية؟.

إرادة السلام

وقرأ المحلل السياسي والمراقب للعملية السلمية د. موسى دودين الحر مامن  في حديثه لـ(الصيحة) زيارة عبد الواحد المفاجئة لجوبا بالتنازل من قبل حركته للوصول إلى سلام.. وقال إن نور لديه أفكاراً وأطروحات مختلفة عن قيادات الحركات المسلحة الأخرى.. من حيث حديثه عن ضرورة تطبيق العدالة أولاً وتحقيق التنمية في مناطق الهامش.. قبل أن يجلس إلى طاولة التفاوض مع الحكومة السودانية.. وأوضح أن نور تبنى مبادرة لمخاطبة جذور الأزمة الوطنية بمشاركة كافة المكونات السياسية والمدنية والشعبية والعسكرية”، وأعلن عنها في العاصمة الأوغندية كمبالا، نوفمبر العام الماضي. وقال دودين: لكن نور ظل يشدد على أن  المبادرة التي يتبناها، لا علاقة لها بالجلوس إلى الحكومة والحركات المسلحة، وأنه لا يعترف بالحكومة الانتقالية في السودان، ويقول إنها لا تلبي تطلعات الشعب ولا تملك القدرة على تحقيق السلام، وأردف: لكن خطوة نور تعبر عن إرداة قوية من جانبه لتحقيق السلام.

تحت التهديد 

وكان مجلس الأمن الدولي قد هدد في وقت سابق  بفرض عقوبات على الحركات المسلحة الرافضة لاتفاق السلام وعلى التوقيع عليه، وحث الجماعات الدارفورية الرئيسية غير الموقعة على الانخراط في محادثات سلام مع الحكومة في أقرب وقت ممكن.

ويؤكد المتابعون أن تلويح مجلس الأمن بفرض عقوبات على الأطراف المعرقلة من شأنه أن يُنهي الجمود الذي يعتري مفاوضات السلام، ويسرع في استكمالها، ولعل تلويح مجلس الأمن الدولي أخيراً بفرض عقوبات على الحركات المسلحة الرافضة لاتفاق السلام في السودان يعتبر ضغطاً مباشراً على كل من الحركة الشعبية شمال جناح عبد العزيز الحلو، وحركة جيش تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور، وهما اللتان لم توقعا على اتفاق جوبا للسلام بين الحكومة السودانية والجبهة الثورية، مطلع أكتوبر الماضي.

وأوضحت لجنة مجلس الأمن الخاصة بالسودان، أنه في حال لم تمتثل الحركات الممانعة للسلام وظلت تشكل عقبة أمام السلام، فستنظر اللجنة في إدراجها كأفراد وكيانات تحت طائلة العقوبات عملًا بالقرار 1591، لعام 2005. واستبقت الخرطوم الضغوط الدولية بتأكيدها أن استكمال السلام يأتي على رأس أولويات الحكومة الجديدة.

بناء الثقة

من جانبه عبر المحلل السياسي ومراقب العملية السلمية بدارفور د. عبد الله آدم خاطر في حديثه لـ(الصيحة) عن تفاؤله بزيارة عبد الواحد.. وقال إن نور الآن يقف على أعلى درجات الهواجس وعدم الثقة من الدولة المركزية التي تمثلها الحكومة الجديدة، وما زال ينظر لنفسه نظرة المغدور به التي سبق ووجدها في أبوجا عندما ألقى بكامل ثقته في النظام السابق، ومن تلك الطاولة لم تبارح نور الهواجس وكلما تقدم خطوة قفزت مخاوفه من العودة إلى المربع الأول.

ويرى ضرورة بذل المزيد من الجهود من جهة الحكومة الانتقالية وحركة هور لحل الأزمة من جذورها بالتخلص من القبضة المركزية بأي صورة حتى في شكل الفدرالية، وأردف: ما يحتاجه نور أو يريده هو إعادة بناء الثقة، بفك العزلة السياسية والإقصاء الثقافي عن دارفور أو نظيراتها من ولايات السودان التي لم تجد حظها في ظل المركزية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى