نقص الوقود.. تعطيل مؤسسات الحكومة

الخرطوم: جمعة عبد الله

ضربت أزمة الوقود المستفحلة منذ فترة، قطاعاً حيوياً  وهو المواصلات، ولم تسلم من آثاره السلبية حتى القطاعات الحكومية، ووصل حد الأزمة أن تأثرت   شركة المواصلات العامة، التابعة  لولاية الخرطوم، مما أدى إلى خروج نحو 50% من اسطول البصات عن الخدمة، بسبب إيقاف وزارة الطاقة والتعدين للحصة المقررة للشركة من الوقود المدعوم.

وتعاني الشركة من تبعات الزيادة الكبيرة في سعر الجازولين حتى المدعوم منه للمواصلات، ومع قرار رفع الدعم عن الوقود، تم تخفيض الكمية المقررة للشركة بما يعادل النصف تقريباً، مع عدم انتظام الإمداد اليومي لهذه الكمية المنقوصة.

وهو ما كشف عنه المدير العام للشركة، محمد ضياء الدين، في بيان أشار فيه لقرار من وكيل النفط بالوزارة بإيقاف حصة الوقود المقررة للشركة، وطالب الإدارة العامة للإمدادات وتجارة البترول، أن تضع ضمن أولويتها توفير الوقود المدعوم لشركة المواصلات، باعتبارها الشركة الحكومية الخدمية الوحيدة العاملة فى قطاع المواصلات بولاية الخرطوم، وحذر من اضطرار الشركة للتوقف من جديد بسبب توقف إمداد الوقود المدعوم.

وأدت هذه المعطيات لإثارة التساؤلات حول تبريرات الحكومة إبان شروعها في تحرير أسعار الوقود، والتأكيدات المتواصلة بأن التحرير لن يمس القطاعات التي تخدم المواطن، بيد أن ما حدث هو العكس، حيث تشكو عدة قطاعات حيوية من نقص الوقود واضطرارها للشراء عبر السعر التجاري، ولم تقتصر الشكاوى على شركة المواصلات العامة لوحدها، بل عانت حتى مكاتب شركات الكهرباء من نقص وانعدام الوقود مما جعلها تضطر لتقليل فترات العمل لتخفيف أعباء تشغيل المولدات بالوقود التجاري.

محاولات للمعالجة

وأكد ضياء الدين بذل إدارة الشركة والعاملين جهد كبير، بدعم وإسناد من والي الخرطوم أيمن نمر في معالجة هذه الأزمة، إلا أن ذلك لم يكلل بالنجاح مع الإدارة العامة للإمدادات وتجارة النفط لإيجاد صيغة مستقرة للإمداد وانتظامه ما أدى لخروج كامل لباصات الشركة العاملة في الشهر الماضي لثلاثة أسابيع متواصلة، مشيراً إلى ان قرار الوكيل بإيقاف الحصة المقررة للشركة يدعو للتساؤل حول هل هناك جهة لديها مصلحة في إفشال جهد العاملين بالشركة والولاية من أجل حل أزمة المواصلات، قاطعاً بأن أزمة المواصلات لا تقل أهمية عن جملة الأزمات التي تأخذ برقاب المواطنين بولاية الخرطوم، مبدياً أمله بمعالجة عاجلة لهذه التداعيات التي ستؤثر حتماً على تفاقم أزمة المواصلات مع عودة الطلاب للمدارس والجامعات.

توقف المصفاة

وأرجع مصدر بوزارة الطاقة والتعدين تحدث لـ”الصيحة” طالباً حجب اسمه، تراجع حصص الوقود المدعوم، إلى توقف المصفاة للصيانة، موضحاً أن الوقود المتاح  جزء كبير منه  تابع للاستيراد الخاص، ويباع بالسعر التجاري، لافتاً إلى أن تقليل الحصص المدعومة للوقود كان خياراً اضطرارياً ولفترة مؤقتة تشغيل المصفاة.

وبسبب تناقص الإنتاج أو بقائه على معدل ثابت لعدة سنوات، مع الزيادة السنوية لمعدل الاستهلاك وفقاً لعوامل موضوعية، تضطر الحكومة لاستيراد أكثر من 60% من المواد البترولية، لتلبية الاستهلاك المحلي، وحتى هذه النسبة تراجعت خلال العامين الأخيرين بسبب العجز عن توفير الاعتمادات المالية اللازمة للاستيراد وتعرض السودان لأزمات مالية متلاحقة.

تبعات المشكلة **

وأدى نقص الوقود لزيادة حدة الأزمة في قطاع المواصلات وعانى المواطنون من صعوبات واضحة وكبيرة في التنقل نظرًا لأن قطاع المواصلات يعتبر المستهلك للنصيب الأوفر من حصص الوقود المتاحة بالبلاد، بنسبة 58%، وبموازاة ذلك تزايدت الأزمة باصطفاف عشرات المركبات أمام محطات الخدمة، بمختلف أنحاء العاصمة، ووضحت بصورة جلية في الولايات، وأثرت على حركة نقل البضائع، خاصة بورتسودان، حيث أكدت مصادر وقوف شاحنات لعدة أيام بحثاً عن حصة من الوقود.

ورصدت “الصيحة” تكدساً في محطات الخدمة حتى للوقود التجاري وقال سائقو مركبات إن الحصول على الوقود بات “مهمة صعبة”، مشيرين إلى اضطرار البعض للبقاء ساعات طويلة حتى يتذود بالوقود، كما عمقت الأزمة صعوبة المواصلات، بتوقف بعض المركبات في محطات الخدمة لحين التعبئة.

دعوة للمعالجات**

وترى أستاذة الاقتصاد بجامعة الجزيرة إيناس إبراهيم، أن المطلوب من الحكومة سياسة متكاملة لتنظيم قطاع النفط وليست معالجات جزئية، ونوهت إلى عجز الإنتاج المحلي عن تغطية حاجة البلاد من الاستهلاك ودعت لتسريع وتيرة العمل في المربعات المستكشفة تمهيدًا لإدخالها في دائرة الإنتاج لسد العجز المحلي، موضحة في حديث لـ “الصيحة” أمس، أن تحرير سوق المنتجات النفطية لم يؤد لتحقيق الوفرة رغم السماح للقطاع الخاص بالاستيراد، وارجعت الامر لكون الحكومة نفسها من أكبر مستهلكي الوقود ويذهب أكثره مجانياً لكثير من مؤسساتها ومسؤوليها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى