أمل أبو القاسم تكتب : لا فرق بين شهيد وشهيد

 

صحيح أن المناوشات التي تجري الآن على الحدود وحّدت قلب الشارع السوداني على البلد، وارتفع الحس الوطني ليشمل دعم الجيش السوداني بلا أجندة سياسية، وصحيح أن الحكومة التنفيذية وزير الخارجية ووزير الإعلام وبعض ذوي الصلة وقبلهم المدنيون بالسيادي وعلى رأسهم الناطق الرسمي باسمه الذي أدلى في مؤتمره أمس الأول تحدثوا عن أحقية السودان بأرضه التي يقف عليها الجنود الآن وفقاً لبنود واتفاقيات تأريخية تليدة. لكننا ومع ذلك افتقدنا بياناً  من (قحت)  يشجب ويدين ما تعرضت له النساء السودانيات في الفشقة واستشهادهن على أيدي الميليشيا الإثيوبية أسوة بما ظلت تفعله مع الشهداء أو الجرحى ضحايا التظاهرات وغيرها، رغم أن هؤلاء السيدات لسن بضابطات في الجيش السوداني أو ينتمين إليه بأي شكل من الأشكال، إنما هن مدنيات غدر بهن في دورهن وبينهن طفلة في موقف هز مشاعر الكثيرين وألّب حنقهم على المعتدين، وحسناً فعلت القوات المسلحة وقائدها الأعلى بزيارة أسرهن وتخفيف ألم المصاب عليهن، ومن ثم تكريمهن بأن حسبن ضمن شهداء القوات المسلحة، ولعمري فهو موقف إنساني أكثر من كونه يقع ضمن صلاحياتهم وأن الأمر برمته مسألة أمن قومي.

للأسف تجاهل تجمع المهنيين وبعض قوى (قحت) والفعاليات والكيانات النسائية  لهذه الحادثة يتعارض مع القيم والعادات والتقاليد السودانية، فضلاً عن قيم ثورة ديسمبر تستنكر ولا تقف مع أو تساند الإساءة للنساء السودانيات ناهيك عن قتلهن. إذن لم التمييز بين دم ودم ما يشيء بأن الشهداء يصنفون حسب أهدافهم وأجندتهم السياسية كما ألمح لذلك بعض الخبراء وأن هكذا أحداث إنما تندرج في إطار المتاجرة السياسية بدماء الشهداء أبناء الوطن الواحد (السودان).

(2)

نتمنى أن يكون تجمع المهنيين والذين يقفون خلف أجندته قد استوعبوا الدرس بأن الشارع بات أكثر وعيًا وأن تراكم قضايا الراهن وتطوراتها أثقلت حسهم الثوري والتوعوي ولم يعودوا كقطيع يجرونه يمنة ويسرة. هذا إلى جانب فقدان الثقة تماماً في مثل هذه الدعوات للخروج ذات الأجندة المحدودة والتي تصب في مصلحة حزب وكيان وليس مصلحة المواطن والبلد عموماً، ومسيرة الخميس الفاشلة خير دليل، إذن فليرعووا ويثوبوا إلى رشدهم ويعودوا لقواعدهم فلن تجدي مثل هذه المناورات المكشوفة.

قلنا مراراً إنه يتوجب علينا وعلى طريقة مكره أخاك لا بطل من تقبل الأمر الواقع ولنترك ونمنح الحكومة الانتقالية للفترة الثانية فرصة إذ ربما تستفيد من الإخفاقات الفائتة، هذا طبعاً في حال نأت بنفسها عن المحسوبية والمحاصصة آفة الحكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى