حول زيارة (منوشن).. المُحلّل الاقتصادي د. عادل عبد المنعم لـ(الصيحة):

حول زيارة (منوشن) 

المُحلّل الاقتصادي د. عادل عبد المنعم لـ(الصيحة):

زيارة الخزانة الأميركية تُمكّن السودان من استحقاقاته المالية الدولية 

الدولار في السوق الموازي سوف يشهد تراجعاً كبيراً 

 السودان موعود بتحوُّلات اقتصادية كبرى 

حوار: رشا التوم 

تفاءلت الأوساط الاقتصادية بتوقيع مذكرة التفاهم بين وزارة المالية ووزير الخزانة الاميركية بالخرطوم ستيفن منوشن  والتي ستمكن السودان  من الحصول على ما يزيد على مليار دولار  سنوياً من البنك الدولي  لأول مرة منذ 27 عاماً.

 وفي قراء سريعة لدلالات الزيارة الاقتصادية وتأثيرها على مفاصل الاقتصاد السوداني من  الاستثمارات والسوق الموازي للدولار والديون الخارجية، ومعدلات التضخم، التقينا  بالمحلل الاقتصادي د. عادل عبد المنعم، والذي بدوره أكد  أن زيارة وزير الخزانة الأميركية وتوقيع مذكرة تفاهم مع وزارة المالية تمهد تلقائياً الطريق للسودان للعبور إلى كبريات المنظمات  العالمية والدولية للاستفادة من  المنح والقروض  لتمويل المشاريع في المجالات المختلفة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحسين مؤشرات الأداء الكلية للاقتصاد، وتوقع أن يشهد السودان مزيداً من الاستثمارات العربية والأجنبية بحلول منتصف العام المقبل. 

 *ماهو تعليقك على مذكرة التفاهم مع وزير الخزانة الأميركي والتي بموجبها يتحصل السودان على تسهيلات تمويلية؟

تمثل الزيارة  معاني اقتصادية كبيرة، لأنها أتت من أكبر دول العالم اقتصادياً، وتأكيداً على دعم ثورة ديسمبر المجيدة، ولا شك لها دلالاتها أنها امتداد للجهود التي قام بها دولة رئيس مجلس الوزراء حمدوك، وجهود وزير المالية المكلف د. هبة  وسياستهما  التي قاداها  لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والتوقيع على المذكرة يعتبر  امتداداً وتتويجاً لتلك السياسات في الجانب السياسي والاقتصادي. 

  الزيارة أكدت أن الأميركان قاموا بسداد  مبلغ مليار دولار للبنك الدولي حتى يتمكن من مساندة السودان والذي تلقى وعوداً بقروض ومنح تعادل ملياراً ومائة مليون دولار سنوياً. 

*تلك القروض والمنح فيم يمكن توظيفها؟

1100 مليار دولار مبلغ كبير يغطي فاتورة استيراد الوقود والقمح  والكهرباء، وهي تمثل معضلة كبيرة،  وحال تم استيفاء هذه الاحتياجات يعد هذا الأمر انتصاراً كبيراً  للثورة وسياساتها ودعماً للاستقرار في السودان،  وذلك المبلغ يحقق جانباً كبيراً من الاحتياجات للدولة، إضافة إلى أن الزيارة  تبعث تطمينات  للأسواق العالمية بأن الاستثمار في السودان  أصبح آمناً ومدعوماً من قبل أكبر الدول في العالم، مما يعني أن الحكومة السودانية وبضمان  الأصول المالية للبترول السوداني، ومشروع الجزيرة وشركات الكهرباء ومصانع السكر، وهي أصول مالية تبلغ مليارات الدولارات،  إضافة الى  الأراضي الزراعية،  وكل هذه  الموارد  الهائلة يمكن أن  تمثل ضماناً  للمؤسسات المالية والبنوك العالمية لتشجيعها لتقدم للسودان  القروض وتسهيل الاستدانة  بأريحية تامة. وحتى الدول العربية  التي كانت تقف موقف المتفرج، ولم تسع لتقديم العون والمساندة للسودان جراء العقوبات الأميركية السابقة  ولم تف بالتزاماتها من المساعدات المالية  المقدرة بـ 2.7 مليار دولار، وسددت منها ما لا يتجاوز 700 مليون دولار فقط  منذ بداية الفترة الانتقالية يمكن أن يتبدل موقفها الآن.

 وعقب رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب  وإدراجه تحت الرعاية الأميركية  المالية، يمكن لتلك الدول أن تقبل مرة أخرى على دعم السودان. 

 *وماذا عن مستقبل الاستثمارات في البلاد عقب الانفتاح العالمي؟

 تم الإعلان قبل فترة عن اتجاه عدد من المستثمرين والشركات الأوروبية والأميركية  للاستثمار في البلاد، ومتوقع  زيارة  للمديرين التنفيذيين لأكبر 10  شركات زراعية أميركية  مع بداية العام الحالي، وهي سوف تأتي تلقائياً عقب رفع وإزالة كافة القيود التي كانت تقف عائقاً في طريق الاستثمارات السودانية. 

*هل تسهم الخطوة التي تمت في سداد الديون الخارجية؟ 

كما أسلفت تم سداد مبلغ مليار دولار للبنك الدولي، بجانب المنح والقروض  والمساعادات العينية والمادبة والفنية من الحكومة الأميركية مباشرة، والسودان  تترتب عليه التزامات أخرى لتنفيذ سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي قطع فيها شوطاً بعيدًا وتمثلت في رفع الدعم عن الوقود والدعم الجزئي عن الكهرباء والرفع التدريجي  لسعر الدولار الجمركي وتعديل سعر الصرف بما يتناسب مع الأسعار العالمية. 

ومن المؤكد  أن بدء الحكومة في تطبيق هذه السياسات يمكنها تلقي القروض والمنح، وسوف يدرج السودان في مبادرة “الهيبك”، ويصبح له كامل الحق في أن يحصل على  الإعفاءات من دول نادي باريس  وغيرها من الدول الأخرى  الدائنة، وتدريجياً وأسوة ببقية الدول الأفريقية  التي حصلت على إعفاء لديونها سوف يمضي السودان في نفس المسار. 

 *رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب هل كان مفتاح الانطلاق نحو تلقي المساعدات الدولية؟

 السودان له استحقاقات ومساعدات تم تجميدها وفقاً لبقائه ضمن القائمة طوال الحقب الماضية، وبالنسبة لبعض المنظمات الدولية والدول الأوروبية يصبح السودان مستوفياً الشروط للحصول على المساعدات من تلك الدول، والحكومة السودانية تعول على موازنة 2021م بمبلغ 4 مليارات دولار تقديرات لمنح وقروض شبه معتمدة، وهذا إضافة  كبيرة للموازنة عقب تقييمها بسعر الدولار المجزي في حدود 120 جنيهاً  للدولار مما يخلق إيرادات حقيقية لدعم الموازنة بدلًا عن طباعة النقود.

 *تقييمك لموازنة العام 2021م في ظل الدعم الخارجي المتوقع؟

 هي موازنة ضخمة جداً  في حدود 98 مليار جنيه منها 300 مليار جنيه إيرادات ضريبية وقد تصل إلى 400- 500 مليار مع تعديل سعر الدولار الجمركي المتوقع، وأتوقع أن ينتفي العجز في موازنة 2021م نهائياً أو يتراجع بصورة كبيرة خلافاً للفترة السابقة مع الوضع في الاعتبار إزالة التشوهات الاقتصادية، ولأول مرة يحدث في السودان أن تتساوى أسعار الوقود والكهرباء مع الأسعار العالمية.

 *هل تؤثر زيارة الخزانة الأميركية على السوق الموازي للدولار؟

 بالتاكيد.. السوق الموازي للدولار سوف يتأثر،  نحن في الغالب نلجأ إلى السوق الموازي  لشراء الدولار بغرض استيراد السلع الاستراتيجية ومحفظة السلع، الحكومة ذاتها تتجه للسوق الموازي لسد حاجتها، وهذا ساهم في ارتفاع الدولار  في حدود 270 جنيهاً بنهاية العام 2020م، ومن المؤكد عقب انسياب القروض والمنح  بالدولار سوف يتراجع سعر الدولار في السوق الموازي.  وبعد أن أتيحت الفرصة لتواجد السودان في السوق العالمي بضمان الأصول  قد يحدث تراجع كبير في الدولار.

*إلى أي مدى تتوقع تراجع الدولار؟

 حتى منتصف العام المقبل أتوقع أن يتراجع الدولار إلى أقل من 150 جنيهاً وتلاحظ في أغسطس الماضي ارتفع الدولار من 160 جنيهاً إلى 270 جنيهاً  وهي قفزة غير واقعية  في مقابل شراء الاحتياجات الأساسية، وسوف تنتفي كل تلك الأسباب تدريجياً وأتوقع أن ترتفع قيمة الجنيه السوداني  وتصبح له قيمه تبادلية أفضل، ويتمكن من تعويض الانخفاض.  

*هل لزيارة الخزانة الأميركية أثر على معدلات التضخم مستقبلاً؟

 العام القادم سوف يشهد  معدلات تضخم مناسبة  في حدود 60 إلى 70%، ومن المؤكد سوف نعود إلى هذا الرقم  عقب تطبيق  السياسات الاقتصادية المطلوبة، ولن نعود إلى معدلات التضخم التي شهدها العام 2020م مطلقاً، وسوف يشهد الأداء الاقتصادي  تقدماً ملحوظاً، بما أن كل المؤشرات الاقتصادية تدلل على ذلك الأمر. 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى