القائم بأعمال سفارتنا في بروكسل حامد الجزولي لـ(الصيحة):

 

زيارة حمدوك لبروكسل ناجحة وجاءت بعد انقطاع

المفوض السامي قالت إنهم سيرافقون حكومة حمدوك  مالياً واقتصادياً

نعم… مبلغ الـ(55) مليون يورو ضئيل لكن تزامُن إعلانه مختلف

الاتحاد الأوربي طلب تحديد الأولويات ويثق في حكومة حمدوك

مؤتمر أصدقاء السودان الأسبوع الثاني من ديسمبر المقبل

 

حاورته ببروكسل  مريم أبشر

 

 

كشف القائم بأعمال سفارة السودان ببروكسل الوزير المفوض حامد الجزولي في حوار مع (الصيحة)، خفاياً وأسرار الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك الأسبوع المنصرم لبلجيكا مقر مؤسسات الاتحاد الأوربي، وقال إن المفوض السامي للشئون السياسية والأمنية في الاتحاد الأوربي فدريكا موغيرني، وصفت عقب سماعها لتنوير من رئيس الوزراء عن الثورة السودانية ما جرى فى السودان  (بالقصه الجميلة)، وأشار إلى أن مسئولي الاتحاد الأوربي طلبوا من الدكتور حمدوك تحديد الأولويات الملحة لحكومته، وقال إن أكثر من عشرين مشروعاً وضعت عبر لجنة رباعية سيتم الإعلان عنها في مؤتمر أصدقاء السودان المقرر عقده في الخرطوم ديسمبر المقبل، وكثير من التفاصيل حول الزيارة في ثنايا الحوار التالي….

 

*السيد القائم بالأعمال بسفارة السودان ببروكسل بماذا خرجت زيارة حمدوك لمؤسسات الاتحاد الأوربي في تقييمك؟

– في تقديري الزيارة كانت ناحجة بكل المقاييس، وهي  الأولى بعد انقطاع طويل تتم فيه استضافة مسئول رفيع من السودان، وكون أن الدعوة أتت من الاتحاد الأوربي وبتوقيع السيدة موغيرني المفوض السامي لمجلس الشئون الخارجية للاتحاد الأوربي هذا يعطي إشارة واضحة أن الاتحاد الأوربي يرغب في التعاون والتعامل مع السودان.

*ما هو انطباع المفوض السامي للاتحاد الأوربي عن الثورة السودانية؟

– موغيرني أكدت عقب  الاجتماع الوزاري للاتحاد الأوربي وخلال المؤتمر الصحفي الذي تعقده عادة بعد الجلسات قالت إنهم  التقوا في المجلس  بالدكتور عبد الله حمدوك رئيس وزراء السودان، وقالت بالحرف الواحد (قد استعمنا لقصة جميلة حول تطورات الأحداث فى السودان).

وأضافت (ما حدث يعطي الأمل ليس لشعب السودان وحده، وإنما لشعوب الإقليم والمنطقة الأفريقية كلها).  وزادت:  إن الاتحاد الأوربي يود أن يدعم الحكومة الانتقالية ليس دعماً سياسياً فقط، وإنما  يرغب في مرافقة الحكومة الانتقالية في السودان دعماً مالياً واقتصادياً…

*البعض نظر لمبلغ الـ  55 مليون يورو الذي أعلنه الاتحاد الأوربي دعماً إنسانيا للحكومة الانتقالية بأنه ضئيل؟

–  بالطبع الاتحاد الأوربي أجاز مبلغ 55 مليون يورو كمساعدات،  بالتأكيد المبلغ ضئيل نسبياً وخصص للمساعدات الإنسانية التي لم تتوقف، ولكن دلالة إعلانية في ذلك التوقيت مع وجود الدكتور حمدوك في أروقة الاتحاد تشير إلى أن الاتحاد يقف مع الحكومة السودانية.

*أهم الرسائل التي بعثها الاتحاد الأوربي عبر الزيارة؟

في تقديري ونظراً لصعوبة التعقيدات داخل الاتحاد وصعوبة اتخاذ القرارات داخل المؤسسات المختلفة جاءت هذه الدعوة والزيارة الرفيعة، وهي تود فتح نافذة للدكتور حمدوك وإرسال رسالة واضحة جداً هي أن سوادان اليوم يختلف عن سودان الأمس، وأيضاً لتقديم الرؤية حول كيفية الدعم المتوقع من الاتحاد الأوربي، ولذلك كانت  معظم المداخلات لوزراء الخارجية في اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوربي  عن أهمية  تحديد الأولويات والاحتياجات الملحة والطارئة للحكومة السودانية حتى يتم التنسيق بين المكونات المختلفة للاتحاد الأوربي لدعمها سواء على المستوى الثنائي أو المتعدد أو على مستوى المؤسسات المالية الأوربيىة المختلفة.

*وهل طرح رئيس الوزراء مشروعات محددة للأوربيين؟

– حمدوك أشار في لقاءاته إلى أن  هنالك أكثر من عشرين مشروعا جاهزاً سيتم الإعداد لها  عبر آلية محددة (تضم  الأمم المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأوربي، بالإضافة للحكومة السودانية)، ستحدد المشروعات وسيتم عرضها على اجتماع أصدقاء السودان المتوقع في الأسبوع الثاني من ديسمبر المقبل بالتالي مع وجود هذه المشروعات والتنسيق في دعمها يكون الاتحاد الأوربي قد دعم الحكومة السودانية دعماً كبيراً.

*إذن هنالك رؤية محددة من وراء التوقيت في تقديرك؟

–  نعم، الزيارة نافذة مهمة وطيبة لرئيس الوزراء للالتقاء والاجتماع مع كبار مسئولي الاتحاد الأوربي سواء في المفوضية والمجلس أو البرلمان، أضف إلى ذلك التوقيت مهم وتاريخى ومفصلي من عمر السودان، وذلك في أعقاب  ثورة ديسمبر المجيدة، وتكوين مؤسسات الحكم الانتقالي وفي ذات الوقت مهم أيضاً  في أروقة الاتحاد الأوربى نفسه،  إذ تشهد مؤسساته المختلفة تغييراً كبيراً ومهماً، إذ ستنقضي ولاية المسئولين الذين كانوا يقودون دفة الاتحاد الأوربى خلال الأعوام الخمسة الماضية، بنهاية هذا الشهر، وتم انتخاب قيادة جديدة لمؤسسات الاتحاد وبالتالي كانت  فرصة سانحة لحمدوك للالتقاء بالمسئولين السابقين والجدد، ومخاطبة الاتحاد وتنويره بالأحداث السياسية في السودان ورؤية الحكومة التي تسعى لبناء مؤسسات الدولة وصولاً للصيغة التي تتراضى عليها كل مكونات الشعب السوداني للحكم الرشيد في السودان.

*تقييمك لموقف الاتحاد الأوربي إبان الثورة؟

– الاتحاد الأوربي ظل يدعم الشعب السوداني طوال فترة الحراك الثوري التي أطاحت بالإنقاذ، وذلك عبر البيانات الكثيفة والكبيرة التي صدرت عن مؤسساته المختلفة والتي استمرت  حتى بعد نجاح الثورة تعهد خلالها بدعم الحكومة المدنية لمجابهة التحديات الماثلة أمامها.

ولذلك في تقديري أن الثقة الكامنة من حكومة السودان الجديدة والاتحاد الأوربي الرغبة المتوفرة لكلا الطرفين ستعمل على تقريب وجهات النظر وتحديد ما يمكن فعله إزاء دفع العلاقات إلى الأمام.

*إذن الزيارة فتحت أفقاً جديداً للتعاون؟

– بالطبع، هنالك العديد من فرص التعاون الثنائي ولكن نظراً لصعوبة إقناع السياسيين في البلدان الأوربية، وأيضا لتعقيد إجراءات اتخاذ القرارات داخل مؤسسات الاتحاد تأتي ضرورة إيصال حكومة السودان للرسالة المهمة والواضحة، وهي أن السودان اليوم يختلف كلياً عن سودان الأمس، وكل ذلك لا يتم إلا عبر مثل هذه الزيارات رفيعة المستوى وعقد لقاءات مفتوحة  مع كبار المسئولين الأوربيين وتقديم رؤية السودان بصورة واضحة من قضايا مثار اهتمام الاتحاد الأوربي مثل قضايا حقوق الإنسان والحكم الرشيد والديمقراطية والعلاقات الاقتصادية فضلاً عن قضايا الهجرة ومكافحة الإرهاب.

*متى بدأت العلاقة بين السودان والاتحاد الأوربي؟

– بدأت العلاقة مع الاتحاد الأوربي بصورة جماعية عبر مجموعة الدول الأفريقية الكاريبية الباسفيكية ACP)) والتي أسست بموجب اتفاقية جورج تاون    1975 والسودان عضو مؤسس لهذه المجموعة واتفق الجانبان، المجموعة والاتحاد الأوربي على اتفاقية إطارية تحدد أطر وآفاق التعاون بين الجانبين، فكانت اتفاقيات لومي الأربع والتي امتدت من 75 حتى 99 حيث تم التوقيع على اتفاقية كوتونو التي أصبحت المحدد الرئيس لعلاقة المجموعة الكاريبية مع الاتحاد الأوربي.

*لكن السودان لم يوقع على الاتفاقية المعدلة؟

– صحيح لم  يوقع السودان على اتفاقية كوتونو المعدلة في العام 2010، هذا الأمر أدى إلى حرمانه  من الاستفادة من جميع فرص العون والدعم الفني والتنموي التي يقدمها الاتحاد الأوربى لدول المجموعة بصورة جماعية أو بصورة ثنائية، ولذلك فقد السودان العون الذي كان يقدم من أجل التنمية أو المعونات التي كانت تقدم في إطار القضايا العلمية التي تهم الاتحاد الأوربي مثل قضايا التغيرات المناخية أو البطاقة المتعددة أو قضايا الصحة العامة والدعم الذي يقدم للقطاع الخاص أو دعم الاستثمار. وكانت كل  محاولات السودان لطرق الأبواب تصطدم بشروط اتفاقية كوتونو، صحيح هنالك استعادة جزئية عبر المشاريع ذات الطابع الإقليمي عبر المنظمات شبه الإقليمية  التي ينتمي  الشعب السودان لها مثل مشاريع الربط الكهربائي والطرق والأمن الغذائي

وأيضًا كانت هناك نافذة للاستفادة من الفرص المتاحة للدول الأقل نمواً والتي يمكنها أن تصدر منتجاتها إلى أوربا دون التقيد بالكم والضرائب، غير أن ذلك لابد أن يتم وفق المعايير الأوربية خاصة فيما يلي المسائل الصحية، وهي بالتأكيد معايير صارمة تحد كثيراً من فرص الاستفادة من هذه النافذة.

*لكن في نهاية العهد السابق حدثت بعض التطورات مع الاتحاد الأوربي؟

– صحيح، بعض التطورات في علاقة السودان والاتحاد  الأوربي حدثت  في العام 2015 وذلك بعد تزايد تدفقات المهاجرين غير الشرعيين إلى أوربا عبر البحر المتوسط انطلاقاً من الساحل والقرن الأفريقي، وقد شارك السودان بفاعلية في الاجتماعات الإقليمية، واعترف الاتحاد الأوربي حينها بدور السودان المهم في مسألة مكافحة الهجرة، لذلك قرر تقديم العون والمساعده اللازمين لتعزيز جهود السودان في مكافحة شبكات التهريب داخل الأراضي السودانية، وفي الإقليم  وعلى حدوده مع دول الجوار.

*هل يعني ذلك أن دور السودان في هذا الملف هو الذي فرض التعاون؟

– نعم، اعتراف الاتحاد الأوربي بدور السودان في مكافحة الهجرة جعله يقدم الدعم الفني والتدريب لمقابلة قضايا مكافحة الهجرة وقضايا الإرهاب والتطرف الديني التي نتجت من اضطراب دول الإقليم، الأمر الذي أدى إلى زيادة نشاط  بؤر التطرف وتكوين الشبكات وخلايا التنظيمات الأرهابية، لذلك سيكون هنالك دعم مالي وفني كبير يقدم للسودان عبر نافذة مكافحة الهجرة والتطرف بعيداً عن الفروض المشروطة باتفاقية كوتونو.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى