صلاح  الدين عووضة يكتب : ثقالة!!   

وهي صفة ذميمة..

والجاحظ كتب كتاباً عن الذين يراهم ثقلاء بينما هو الثقيل في نظرهم؛ ربما..

ولو كان حضر زماننا هذا لكتب عن ثقلاء أشدّ ثقالةً..

وهم المسؤولون الذين يصرخ الناس في وجه أحدهم (استقيل يا ثقيل) فيزداد ثقالةً..

ثم يزداد (ثقلاً) على الكرسي..

فصفة الثقالة قد تكون نسبية… مثل عديد الصفات..

وصديقٌ شاعر ذرف دمعاً في هيئة قصيدة؛ يبكي حبيبته التي (حان زفافها)..

كان يراها بدر البدور…. وكنت أراها (أم النمور)..

وحين قلت له عليك أن تشكر هذا الذي جعل (الزفاف يحين)، قال لي أسكت يا ثقيل..

فسكت وأنا أهمهم (صحيح؛ قد أكون ثقيلاً بالفعل)..

وصديق للأسرة كان يزورنا كثيراً – في صغري – لا كلام له إلا عن الأراضي..

وأنا منذ صغري ذاك – وحتى كبري هذا – أكره كلام الأراضي..

سواء زراعية… أو سكنية… أو حتى خلوية..

وذات مرة عطفت على مسنٍّ يقف بطرف الشارع فأخذته معي في طريقي..

ولكنه لم يعطف عليّ ويرحمني من حديث الأراضي..

وكلما مررنا بمنطقة يقول: المتر هنا كان بكذا… زمن الجنيه كذا… في سنة كذا..

وبدا لي متر المشوار وكأنه سنة… إلى أن نزل..

فنزل عني همٌ ثقيل؛ ولا أقول – احتراماً لشيخوخته – نزل عني ضيف ثقيل..

وربما يكون نزل هرباً من ثقالة (المضيِّف)..

وأحد الضيوف الثقلاء – فعلاً – نزل عندي أمسية (لقاء قمة)..

فطفق يحدثني عن أمور البلد… وناس البلد… وأراضي البلد؛ إلى أن انتهت المباراة..

ومما ضاعف من إحساسي بثقالته أن فريقي هُزم..

وسأعذره إن رأى هو أنني الثقيل بما أن بالي كان مع الكرة… لا أراضي البلد..

وزميل دراسة – في الثانوي – ما كنا نرى أثقل منه..

وحين أقول (نرى) فذلك لأن جميع أفراد شلتنا كانوا يرونه كذلك؛ لا وحدي..

فهو ما كان يشاطرنا اهتماماتنا بالكرة… ولا السينما… ولا الورق..

وإنما اهتمامه كان مصوباً فقط نحو (الحب)..

وتحديداً نحو واحدة بحيِّنا؛ كان يأتيها (مهاجراً) من بعيد..

ومن الطبيعي أن يكون مكان تجمعنا هو (مستقر) هجرته تلك؛ لا منزل المحبوبة..

وفضلاً عن (كلام الحب) كان كلامه – عموماً – كثيراً جداً..

كان يثرثر مثل سياسيي الإنقاذ… ومندوبي جامعة العرب… ومذيعي هذه الأيام..

وقبل فترة استوقفني اسمٌ في سجل هاتفي لم أعرفه..

واتصلت بالرقم لأستوثق من صاحبه؛ فإذا هو – لسوء حظي – صاحبنا الثرثار..

ولسوء حظه هو انقطع الاتصال سريعاً…… بفعل فاعل..

ولا أدري إن كنت أنا الثقيل في نظره؛ أم الشبكة..

والبارحة قال لي زميلٌ إن فلاناً… وعلاناً… وترتكاناً…. يرونك ثقيلاً جداً..

فقلت: يا سبحان الله..

نفس الشعور!!.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى