أكثر من (43) ألف لاجئ أثيوبي بالشرق.. مواجهة الأزمة!

 

تقرير/ صلاح مختار

تخشى الحكومة من تدفقات كبيرة من اللاجئين الإثيوبيين أن يؤدي إلى تأثيرات أمنية وسياسية بين الدولتين، وزيادة  الأزمة الاقتصادية التي تمر بها، إضافة إلى تأثيرات أمنية هي في غنى عنها، حيث تريد الحكومة الإثيوبية من السودان موقفاً واضحاً من الحرب الدائرة في إقليم التغراي، والتعامل بحسم مع الفارين من الإقليم خاصة غير المدنيين، في وقت دخل فيه أكثر من 40 ألف لاجئ إلى السودان منذ بدء النزاع في الرابع من نوفمبر، فإن المخاوف من التدفقات الكبيرة تثير قلق الحكومة من امتداد تأثيراتها إلى داخل السودان، حيث أن النزاع بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية وبين إقليم تيغراي المتمرد تقع على تخوم الحدود المجاورة للسودان، حيث أكدت مصادر أن الجيش الأثيوبي ألقى القبض على بعض السودانيين الذين يعملون بالزراعة في المنطقة الحدودية.

اللاجئون الفارون من المعارك الذين تمكنوا من الوصول إلى داخل الأراضي السودانية أقيمت لهم معسكرات في مناطق على الحدود بولاية القضارف، وهي معسكرات غير صحية على الجانب الآخر من الحدود في شرق السودان، حيث ينقصها والمياه والمرافق الصحية.

أكبر من قدراتنا

ويقول سليمان علي والي القضارف لـ”فرانس برس” (إن عدد اللاجئين أكبر من قدراتنا (على الاستقبال) وأي زيادة في الأعداد ستؤدي الى ضغط إضافي ليس فقط على الولاية ولكن على السودان ككل). وأضاف: (منذ بداية الأزمة، كانت استجابة المنظمات غير الحكومية ضعيفة وبالتأكيد ليست على مستوى الأزمة الحالية).

ويقول حاكم القضارف: (الوضع الصحي الآن رهيب). ويبدو أن النزاع بين الطرفين لا يتجه نحو التهدئة في ظل صدور أمر من رئيس الوزراء الاثيوبي أبي أحمد الخميس الماضي بشن هجوم نهائي على السلطات المتمردة في ميكيلي عاصمة تيغراي. فيما قال وزير الإعلام الأثيوبي بأن الحرب في الإقليم سوف تنتهي في غضون اليومين وأن الجيش الأثيوبي سيدخل عاصمة التغراي.

انعكاسات مختلفة

ويرى المحلل في الشئون العسكرية د. أبوبكر آدم، أن امتداد النزاع بين الجيش الأثيوبي والمتمردين في إقليم التغراي سوف تمتد تأثيراته إلى السودان، وأكد أن التدفقات سوف تتضاعف خلال الفترة المقبلة بسبب إصرار القوات الإثيوبية على دخول عاصمة التغراي، وقال: هنالك مؤشرات أن الفارين من بينهم عناصر قد يكونوا من التغراي، حيث أكدت تقارير إعلامية أن هناك عناصر مسلحة بين الفارين بالمعسكرات، بالتالي يرى آدم لـ(الصيحة) من الضروري ضبط تلك العناصر ونزع أسلحتها، وقال إن التخوف الآخر من الضغط الاقتصادي الذي يمثله تدفق اللاجئين.

ويعتقد الخبير الاقتصادي محمد الناير أن “تدفقاً أكبر للاجئين ستكون له انعكاسات اقتصادية بالغة الخطورة على السودان”. ويقول محمد الناير: طنحن بحاجة إلى مساعدة المجتمع الدولي، وإلا فإن الاقتصاد في السودان سينهار.

 الأكثر فقراً

ويأتي نزوح اللاجئين في وقت تمر فيه البلاد بأسوأ أزمة اقتصادية في ظل تأثيرات الموجة الثانية لوباء كورونا حيث تعمل الحكومة على ترميم سنوات من العزل الاقتصادي وبسبب سنوات من العقوبات الأمريكية وسوء الإدارة.

وتتجاوز نسبة التضخم في السودان 200%، ويعاني البلد من نقص مزمن في العملات الأجنبية، ما يؤدي إلى طوابير طويلة لشراء الخبز وأخرى أمام محطات الوقود. وتنقطع الكهرباء 6 ساعات على الأقل. ويشعر سكان شرق السودان، في القضارف وكسلا، على وجه الخصوص بحدة الأزمة الاقتصادية، وهما الولايتان اللتان استقبلتا اللاجئين، وتتأثران بالاستقرار على الحدود، وقال جوناس هورنر من مجموعة الأزمات الدولية إن “شرق السودان هو المنطقة الأكثر فقراً في البلاد وتدفق اللاجئين سيؤدي إلى تزايد التنافس على الموارد والمساعدات”. وأضاف أنه “سيتعين على الحكومة الاعتماد بقوة على مساعدات المنظمات المحلية والدولية”. وتعتمد مدينة حمداييت الحدودية على تجارة الحدود بين الدولتين.

ويقول مصدر لـ(الصيحة) إن المنطقة تأثرت بعودة العلاقات الطبيعية بين أثيوبيا وإرتيريا، إلا أن ذلك لم يؤثر على النشاط التجاري في المنطقة ورغم أن المنطقة استقبلت 28 ألف لاجئ. يقول السكان هناك أنه مع مجيئهم ارتفعت الأسعار في الأسواق المحلية. ويقول حاكم القضارف “كنا نعاني أصلاً من نقص في الدقيق والوقود وسلع أخرى أساسية. ولكن الأزمة الحالية جعلت الحصول على هذه السلع مكلفاً أكثر”.

 وضع صحي

ويقول آدم: إضافة الى المشكلات الاقتصادية، فإن الوضع الصحي سيئ في معسكرات اللاجئين. فيما يؤكد أطباء المعسكرات ظهور حالات إيدز وحمى ودوسنتاريا وسل بين اللاجئين. غير أنه لم يعلن أي رقم رسمي بعد. ولكن التكدس وتردي الظروف المعيشية يمكن أن يزيد  الموقف سوءًا خصوصا مع الفرص المحدودة في اللجوء في المستشفيات والمنشآت الصحية. وقال: لم يتم تسجيل أي حالة إصابة بكورونا رسمياً.

ودعت منظمات وطنية وأخرى أجنبية المجتمع الدولي التدخل لوقف النزاع ولتلعب دوراً في إغاثة المتضررين إلى جانب لعب  دور أكثر أهمية إذا ما استمر النزاع، وأكدت أن تدفقات اللاجئين ستخلف وضعاً أكثر مأساوية في المعسكرات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى