محمد البحاري يكتب : حسن الزبير.. طيش الحقيبة!!

 

جامعة أم درمان الأهلية من المحطات المهمة جداً في حياتي كانت مليئة بالنشاط الثقافي والسياسي لم تكن تستهويني النشاطات لأنني كنت منهمكاً بين العمل والتوفيق في الدراسة أكثر ما كان يعجبني الأسلوب الجزل الذي يجمع به الطلاب لركن النقاش، فكانت تلك اللحظات المحببة الطريقة الجزلة والبهلوانية من مقدمي ركن النقاش.

كنت أحضر هذه البداية ثم أنصرف غير مهتم بموضوع ركن النقاش، لكن من الأيام التي لا تنسى في الجامعة حفل للراحل محمود عبد العزيز، كانت فرصة لأرى التدافع الكبير من الطلاب على حفل الراحل، لكن لم يؤدّ أغنيتين حتى أصبح عالي الحفلة واطيها، وأشفقت في نفسي على الراحل كيف يستطيع الخروج من هذا التفلت.

قطع حبل أفكاري تلك شخص مفتول العضلات في لحظات معدودة وبتلويحة واحدة من يده ترك الأرض صعيداً زلقاً ثم انسحب الراحل ومجموعته كأن شيئاً لم يحدث.. من الذكريات العالقة أيضا دخلت سور الجامعة وعلى الجهة الغربية هناك صيوان وشخص متحدث والطلاب يصفقون أخذني فضولي للوقوف لأرى من هو المتحدث رأيت شخصاً نحيلاً على المنصة يبادل الطلاب القفشات والنكات لم أعرف من هو إلا عندمات سرد قصته مع الراحل الفنان (خوجلي عثمان) في آخر أعماله أغنية (ما بنختلف)

في تلك اللحظات عرفت أنه الشاعر (حسن الزبير) َكان يتحدث بتلقائية جميلة تحدث عن كيف كان يقف بالقرب  من جامعة الخرطوم في انتظار المواصلات وكيف جذبته تلك الفتاة التي كانت تقف جواره وهو ينظر إليها فجأة قالت ليه ما عرفتنى يا حسن فكانت ميلاد أغنيته (أعاين ما الشبه باين)  هذه الأغنية التي أداها الفنان كمال ترباس وسكب عليها ألواناً من الإبداع.

أتاحت تلك السانحة التعرف على الجانب الآخر من الشاعر (حسن الزبير) لطيف لدرجة تجعلك لا تمل حديثه يحكي بلسانه كيف أنه كان راكب الحافلة ويجلس أمامه ولد وفتاة يقول إن البت كان تضع رأسها على الكرسي في دلالة على الخجل وولد يتحدث قال إنه لما  هم بالنزول قال لتلك الفتاة خجلانة من الريدة مالك فكانت بداية لقصيدة جديدة فتبين أن مغظم قصائده من نبض الشارع لذلك تجدها مفعمة بكثير من السهولة والتلقائية.

وتحدث أيضاً فيما أذكر عن علاقته بالشاعر الدكتور أحمد فرح  شادول والود المتبادل بينهما والحميمية التي تجمعهما فكانت جيرة البيوت والقلوب وسرد المجادعة الشعرية الجميلة بينه وشادول (إن شاء الله القيامة تقوم). الشاعر مسيرة قلم مفعمة بالكثير من الجمال والشاعرية أول أغنية له كانت مع الفنان حسن الأمين آمنت بيك يا أمدرمان.

وحسن الزبير كما يقول عن نفسه إنه طيش الحقيبة لأنه عاصر شعراء الحقيبة، له عدة دواوين شعرية (فرايحية) و(ما بنختلف) الذي أعيدت طباعته عدة مرات، فهو مسيرة شاعرة مليئة بالعطاء الزاخر حباً وجمالاً له كثير من الأغنيات المعروفة والراسخة في وجدان الشعب السوداني تعامل مع مجموعة من الفنانين (كمال ترباس) و(محمد ميرغني) و(مجذوب اونسة) و (خوجلي عثمان)، وكان أيضاً لجيل الشباب نصيب من كلمات حسن الزبير (محمود عبد العزيز) و(جمال فرفور) و(عاصم البنا).

رحم الله المبدع المتجاوز حسن الزبير (طيش الحقيبة) كما كان يقول على نفسه، ولكنه أول كل الأجيال الجديدة من الشعر الغنائي المفعم بالبساطة والتلقائية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى