حواء الطقطاقة.. الأنموذج الناعم للنضال

كتب: سراج الدين مصطفى
(1)
تهل علينا هذه الأيام ذكرى أعياد الاستقلال ..وهي ذكرى تحمل في جوفها وتضاعيفها الكثير من الدروس التي تحتاج للتوقف والتأمل،لأن الفكرة في حد ذاتها ارتبطت بأسماء حفرت عميقاً في ذاكرة هذا الشعب،فمثلما نذكر الأزهري والمحجوب ونضالهم،كانت هناك حواء جاه الرسول الشهيرة بحواء الطقطاقة التي تمثل الأنموذج الناعم للنضال والبحث عن السيادة الوطنية..وحواء الطقطاقة رغم ارتباطها بالجانب الغنائي ولكنها وطنية غيورة اعتقلت عدة مرات في سبيل نيل السودان استقلاله الفن يجري في دمها تركت أهلها بسببه ولها العديد من الأغاني الوطنية المسجلة بالإذاعة قوية في شخصيتها منضبطة في عملها ومع أسرتها.
(2)
ولدت عام 1926 بمدينة الرهد بغرب السودان من والد صوفي وشيخ سجادة ووالدة (حكامة) أي تقوم بمدح وبث الحماس في فرسان القبيلة على إيقاع النحاس وكان لا بد للفنانة حواء أن تتأثر بهذا الجو وبطبيعة مجتمعنا السوداني المحافظ وجدت حواء الرفض من أسرتها لممارسة الغناء .
(3)
الطقطاقة شجرة توجد بالخرطوم وكان يتساقط منها ثمر له صوت يحدث طقطقة وعند مناهضتها للاستعمار وقتها كانت تنطلق مظاهرات في كل من أم درمان والخرطوم وبحري فكانت تجوب المدن الثلاث فشاهدها القائد الإنجليزي مستردوين ورصد تحركاتها فاطلق عليها اسم الطقطاقة تشبها بالثمر الطقطاق الذي يسقط في مواقع مختلفة.
(4)
بعد وفاة والدها الشيخ جاه الرسول هاجرت حواء الطقطاقة إلى أم درمان لتنمي موهبتها وخصوصاً عندما سمعت بإنشاء دار للإذاعة هناك في بيت المال وتبث عبر مكبرات صوت في ميدان البوستة، حيث تعرفت هنالك على المرحوم الكاشف وحسن عطية وعبد العزيز داوود وعائشة الفلاتية ومنى الخير ومهلة العبادية -رحمهم الله- جميعاً الذين أعجبوا بصوتها وإمكانياتها ووفروا لها كل السبل لتنمية موهبتها فسجلت العديد من الأغاني الوطنية وغيرها ومن أشهر أعمالها “العديل والزين” و “الشيخ سيرو” و “قمر السبوع” .
(5)
وتميزت حواء بقوة الشخصية وجمال الصوت القوي وكانت امرأة وطنية تؤمن بقضايا الوطن ومن مواقفها الوطنية شاركت مع زوجة البطل علي عبد اللطيف في مظاهرة وتم تكسير أسنانها من قبل القائد العام للجيش الإنجليزي وتم إطلاق رصاصة عليها فاصابتها في عنقها .
(6)
وانضمت إلى حزب الأشقاء بقيادة الزعيم الراحل إسماعيل الأزهري الذي تم تكوينه قبل الاستقلال ونظمت أغاني عنه وتعتبر أول امرأة تلبس الثوب السوداني بألوان علم السودان، كما أنها أول امرأة تغنت للاستقلال عندما رفع الزعيم إسماعيل الأزهري علم الاستقلال عام 1956 م (لا تعريفة ولا ملين عاش الشعب مع إسماعين) .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى