رئيس المفوضية القومية للحدود د. معاذ تنقو لـ(الصيحة) (2ـ2)

  • هنالك أطماع لدى بعض الأثيوبيين في الأراضي السودانية
  • العودة إلى نظام الأقاليم تحدٍّ أمام المفوضية يحتاج لعمل جبّار
  • أكثر من (22) كيلو متر مساحة مثلث حلايب وشلاتين وتحديد المساحة المتنازع عليها مسألة طويلة.
  • (33) ألف كيلو متر مربع من مساحات بحرية وجزر لم تكن ملكا ًلأحد تمت تبعيتها للسودان
  • تم تعيين أكثر من (48) جزيرة ضُمّت للسودان بصورة علنية

 

لا يختلف اثنان حول كفاءة وخبرة هذا الرجل الذي يعتبر من القليلين بالسودان الذين يتحملون مسؤولة الدفاع عن حدود السودان وبيان حقوقه التاريخية. ربما لا يعرف الكثير من الناس خطورة هذا الموضوع المتعلق بالحدود وعند ذكر ذلك يتبادر إلى الذهن القضية التاريخية والمتنازع عليها مع مصر مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد بالإضافة إلى قضية الفشقة مع أثيوبيا، ولكن الذي لا يعرفه البعض أن المفوضية معنية أيضًا بالنزاع الحدودي مع كثير من الدول والحدود البحرية بجانب ذلك ترسيم الحدود الداخلية.

(الصيحة) جلست إلى الخبير د. معاذ تنقو رئيس المفوضية القومية للحدود، ووضعت أمامه الكثير من القضايا المهمة والمثارة أمام الرأي العام والقضايا القديمة والمتجددة، وهو يرى أن الإعلام مهم لعكس كثير منها، فماذا قال..

حاوره: صلاح مختار

* هل يمكن تقدير محدد للمساحات بالمناطق المتنازع حولها؟

من الصعب أن تحدد مساحات معينة، إلا أن تبدأ مع أي دولة مثلاً مثلث حلايب وشلاتين تقدر مساحتها بـ (22) كيلومتر مربع، وقد تزيد إذا أضفنا إليها المناطق حسب خط الأساس بين السودان، أيضاً هنالك مساحات أخرى مع إثيوبيا وتشاد ومساحات كبيرة مع دولة جنوب السودان، هذه لا يمكن أن تقدر إلا إذا قمنا بحساب المناطق المتنازع حولها والمدعاة بين الطرفين، وهذا بالطبع موضوع طويل ويأخذ وقتاً.

*إذاً هناك مساحات كانت خارج السيادة؟

حقيقة إعلان السودان في خط الأساس المستقيم تلقائياً يضيف للسودان مساحات بحرية وجزراً أصلًا لم يكن هنالك تأكيد لسيادة السودان عليها. الآن بلا منازع تعتبر جزءاً من السودان.

*كم تقدر تلك المساحات؟

تقدر بنحو (33) ألف كيلو متر مربع لم تكن ملكاً لأي أحد وإنما أكدنا تبعيتها للسودان. بالتالي من حق السودان وكل الدول الساحلية وبموجب اتفاقية الأمم المتحدة وقانون البحار لسنة 1982 أن تختار ما بين أدنى الجزر أي مع الساحل أو أدنى انحسار المياه في الساحل.

*ماذا نعني بخط الأساس؟

خط الأساس يربط ما بين الخلجان والجزر والساحل، وهذا الخط لا يحتاج أبداً لموافقة أي دولة فقط يحتاج إلى تشريع الذي صدر في شكل قرار رئاسي وقانون للمناطق البحرية والجرف القاري، وأكيد أصبح إضافة للسودان ولا يحتاج إلى إذن من أحد.

*لماذا تأخرت المفوضية في إضافة تلك المناطق؟

لم تتأخر المفوضية، إنما قامت بإصدار خريطة فيها خط الأساس الذي ضم جميع الجزر داخل الساحل السوداني تلك المناطق ما بين خط الأساس والساحل تعتبر مياهاً داخلية هي سلطة خاضعة بنسبة 100% للسلطة السيادية للدولة، ومحظور فيها أي عمل أجنبي إلا بإذن، خاصة إذا أضيف له أن هنالك البحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة مع خط الأساس تجاه البحر بواقع (4) أميال بحرية كلها أصبحت تحت سيادة السودان.

*هل هنالك خلاف حدودي مع السعودية؟

لا ليس لدينا خلاف حدودي مع السعودية، وإنما هناك تفاهم تام بل لدينا اتفاقية مشتركة 1974 التي تنص على الاستثمار المشترك في باطن الجرف القاري للدولتين.

ــ هل هي قائمة حتى الآن؟

نعم، الاتفاقية قائمة حتى الآن ولم تلغ ومصادق عليها وموضوعة بالأمم المتحدة.

*كيف تتم الاستفادة من تلك المساحات البحرية؟

الآن بعد صدور قانون المناطق البحرية والجرف القاري، أصبحت هناك جهة حكومية وهي المفوضية ومن أهم مهامها تنسيق جهود الدولة في إدارة البحر ومنع الصيد الجائر في المناطق البحرية بالإضافة لمنع التلوث البيئي وغيرها تقوم بها المفوضية جنباً إلى جنب السلطات الأخرى.

*إلى أي مدى تمثل تلك مصدراً للدخل؟

هناك كثير من الأشياء مثل الصيد وحماية البيئة والمياه الإقليمية واستغلالها تمثل مصدراً للدخل للدولة بالإضافة إلى المناطق التي يمنع فيها الشعب المرجانية، بالتالي تأتي أهمية حماية الساحل لأنه مصدر الدخل للسودان؟

*كم عدد الجزر التي أضيفت للسودان؟

هو تعيين الحدود أكثر من (48) جزيرة تم ضمها للسودان بصورة علنية وسوف نقوم بوضع علامات الحدود على تلك الجزر.

*يتجدد الحديث عن الحدود مع أثيوبيا كل فترة دون وضوح رؤية محددة للحل؟

الحقيقة عملنا إجراءات كثيرة جدًا وعقدنا عدد من اللقاءات والمخاطبات تبلورت في زيارة في رمضان إلى أديس للبحث في هذا الموضوع ومازلنا نتواصل عبر الخارجية معها.

*إذاً ما المشكلة؟

الحدود بين السودان وأثيوبيا حدود واضحة، لكن هنالك أطماع لدى بعض الأثيوبيين في الأراضي السودانية بغرض الاستغلال الزراعي، ولكن الحكومتين في الخرطوم وأديس متمسكتان جدًا بالحدود التي تم وضع علامات فيها على الأرض منذ سنين عديدة، كذلك متمسكة جداً بالاتفاقية الأساسية للحدود وهي مذكرة متبادلة وقعت عام 1972 اتفقت فيها الدولتان على مسار خط الحدود .

*هل هناك إجراءات صاحبت ذلك التطور؟

نعم، عملنا إجراءات عديدة بلورت في اتفاقية 2010 بين اللجنة السياسية واللجنة الفنية للحدود التي ذهبت إلى مسار الحدود ووقفت على أماكن العلامات ومسار الحدود وتنتظر الآن موافقة الدولتين على تمويل عملية إعادة ترسيم الحدود وستقوم في أقرب فرصة بوضع هذه العلامات.

* ما هو الإجراء المحدد للإسراع في تنفيذ الاتفاق؟

لا يجوز للحكومتين الركون إلى المماطلة في تأخير الموضوع نتمنى أن يكون هذا العام هو الحاسم في قضية الحدود بين الدولتين بوضع العلامات بصورة نهائية حتى يتأكد من يريد أن يعرف أنه في أراضٍ سودانية أو أثيوبية يجب أن لا نذهب إلى الخريف المقبل إلا ونحن على بينة أين تقع الحدود خاصة من جانب الطرف الذي يتشكك في وجودها وهو الطرف الأثيوبي.

*هل يمكن الاعتراف بجزء من الحدود وعدم الاعتراف بالآخر؟

لا يمكن ذلك أن تعترف بالحدود جزئياً، بمعنى المناطق التي تخدم مصلحة يتم عدم الاعتراف بها، أما المناطق التي ليست بها مصلحة لا يتم الاعتراف بهاـ لذلك لابد من حسم هذا الموضوع وعلى الجميع العمل بصورة أخوية لحل النزاع ومسار الحدود حلًا سلمياً في الوقت المناسب.

*إذا ماذا تنتظر المفوضية لإتمام ذلك؟

الآن المشكلة في التمويل بعد إكمال كافة الإجراءات وتم الاتفاق عليها فقط حتى تبدأ اللجان الفنية العمل نحن في انتظار التمويل، اللجان الفنية أدت ما عليها من عمل مطلوب منها.

*هناك ادعاء بأن المناطق المتنازع  عليها مع إثيوبيا أراضٍ تابعة لها؟

هو كلام غير صحيح، حتى وإن ذهب أحد منهم بجهاز (جي بي إس) يجد نفسه في الفشقة السودانية إلا إذا كانت لديهم منطقة أخرى تسمى الفشقة داخل إثيوبيا، بالتالي لم نجد لوزارة الخارجية الإثيوبية أي طلب بأن يتنازل السودان عن هذه الأراضي كل ما يقال عنها غير صحيح، حيث تم تأكيد ذلك الموقف يوليو الماضي.

*لماذا لم تحرك الحكومة الملف؟

هناك صمت اثيوبي تجاه هذا الموضوع ويطلبون كل عام التأجيل، ولكن هذا التأجيل أصبح تسويفاً لأنه لأكثر من (50) عاماً يتم التأجيل، ولذلك لا يمكن أن يستمر ذلك للأبد، من الأفضل أن يتم حل ذلك في أوفق الأوضاع واللحظات التي تمر على العلاقات بين الدولتين الآن العلاقات جيدة، ونحن متفهمون للاحتياجات المحلية للسكان، ولكن يتم ذلك في إطار السيادة ولا يمكن التنازل عنها في أي ادعاء.

* اتفاق جوبا أعاد الكرة مرة ثانية لملعب الإقليم ألا يشكل ذلك تحدياً للمفوضية؟

بالطبع يشكل تحدياً ومسؤولية للمفوضية، ولكن في النهاية للمجلس السيادي الحق في أن يعيد تشكيل السودان كما يريد. وطبقاً للاتفاق عدنا إلى الأقاليم وهي نفس الولايات أو المحافظات.

* ألا تشكل المسميات مشكلة؟

المسميات لا تشكل مشكلة بقدر ما يكون التحدي في إعادة الأقاليم او الأراضي التابعة لها بدمجها لأن عملية الدمج سهلة أصعب منها عملية الفصل، لأنك تهتم بالإطار الخارجي باعتبار أن جزءاً منها إطارها الخارجي مع دول ولا تشكل مشكلة. وأعتقد أن ذلك يتماشى مع المديريات القديمة القائمة منذ زمن الإنجليز، وبالتالي هو تحدٍّ يحتاج لعمل جبار ستقوم المفوضية بمباشرة عملها بمجرد أن يطلب منها.

*وضع المحليات بهذا الشكل القديم تسبب في كثير من المشاكل أليس هذا صحيحاً؟

بالطبع واحدة من الأشياء التي ساهمت في إبقاء المشاكل أن التقسيم الإداري تطور إلى تقسيم قبلي مما أفرز إشكاليات كبيرة في تسيير الدولة، وبدلاً من أن يذهب الناس للاندماج والوحدة أصبحت تعود إلى القبلية والنظارات وغيرها واحتموا بجهاز الدولة، لأن تفصل لهم إقليماً وحتى معتمدية، بمعنى يخلق لهم كينونة وهذا خطأ. أنا عمري لم أكن من مؤيدي التقسيم الكثير للسودان تحت دعوى تقليل الظل الإداري، أنا ضد ذلك، وأعتقد العودة إلى الـ(6) أقاليم أفضل لتقصير الظل الإداري ويؤدي إلى توفير إمكانيات الدولة للتنمية.

* هناك حديث عن خلاف حدودي مع دولة إرتيريا؟

لا يوجد خلاف فقط كان لديهم ادعاء حول مثلث البريقع الآن لدينا إشكالية في إعادة وضع العلامات الحدودية.

ــ كيف تواجه المفوضية الحديث عن خطط تقسيم السودان؟

هي خطط قديمة وجزء من خطط تقسيم الدول العربية ولم تترك أي منطقة الا وطالتها يد التقسيم بغرض إضعافها وهي خطط معروفة ليس فقط الإضعاف وإنما أشياء أخرى، تلك الدعوات تستخدم فيها النعرات القبلية بصورة منظمة، الآن تلك الخطط بدأت تؤتي ثمارها.

*هل الدعوات التي بدأت تنادي بأن يأخذ كل إقليم ويذهب جزء من ذلك المخطط؟

نعم، رغم أن الشعب السوداني لديه الكثير الذي يجمعه ولا يفرقه حتى شعب الجنوب ما زال جزءاً من الشمال وأقرب إليه بالتالي التفرقة تنهي قيمة الموجود والأفكار التي تنادي بأن يأخذ كل شخص حقه ويذهب هي أفكار هدامة لا تقدم شيئاً سوى أنها تقلل الموجود ولكن بالوحدة يمكن تعميق ماهو موجود وبالتالي ترتفع وتتعمق وتزيد ولابد أن نقف ضد كل من ينادي بتقسيم السودان.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى