السفير الصادق المقلي يكتب :التطبيع .. نفاج البرهان وفِقه الضرورة (1-2)

 

قدرُ السودان أن التطبيع مع واشنطن لابد أن يمر عبر بوابة تل أبيب… حسب آراء فقهية ليس ثمة علاقة بين التطبيع والدين… السودان من أكثر الدول دفعاً لفاتورة مناصرته للقضية الفلسطينية بينما لاذ العرب بصمت القبور والحروب والأزمات الاقتصادية تنهش في جسد السودان منذ الخمسينات..

يبدو أن الرئيس البرهان آثر أن ينتهج نهجاً براغماتياً فيما يتعلق بمسألة التطبيع مع إسرائيل… وقد حمل تصريحه وهو عائد من عنتبي بمدلول في هذا الصدد ولسان حاله يقول… لقد فتحنا نفاجاً يطل به السودان على العالم الخارجي، وأن المعيار لأي خطوة سياسية أو دبلوماسية هي مصالح السودان العليا الاقتصادية والأمنية.. ولعله أراد أن يمشي على هذا المنوال البراغماتي عند العودة من الإمارات وقراءة الحصيف اللبيب لما بين السطور للبيان الرئاسى عقب العودة من الإمارات فضلاً عما ورد في خطابه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاقتصادى حيث ذكر.. (هناك فرص سانحة ينبغي العمل على اغتنامها خاصة فيما يتعلق بإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب… الأمر الذي يتيح للبلاد الاندماج في المجتمع الدولي وضخ روح عالمية متجددة في جسد الاقتصاد الوطني وإعادة بناء علاقات السودان الخارجية بما يعزز المصلحة الوطنية..)، واللبيب بالإشارة يفهم.. الفريق أول حميدتي خاطب جمعاً بأن قال لهم (حتى شيوخكم مع التطبيع).

. جاء ذلك في لقاء تلفزيوني  قبل ايام من جوبا.. انه مع التطبيع مع إسرائيل.. يعنى علاقات مع إسرائيل…. وقال نحن دايرين علاقات مش تطبيع.. نحن لازم نشوف وين مصلحة السودان.. نحن محاصرين كم سنة. لازم نبعد العواطف و نشوف مصلحتنا وين.. ما في حل غير علاقات مع إسرائيل… كل الدول العربية لها علاقات مع إسرائيل… مع دعمنا التام القضية الفلسطينية… و اهم حاجه في الهدية دى. قال الشيوح.. أهل الدين كما أسماهم طلبوا منا التطبيع.. و أهم من ذلك المفاجئة….. قال انا استغرب جماعة المؤتمر الوطني يكوركو.. الدين.. الدين ليس شعارات.. الدين تطبيق… والقنبلة فجرها فى اتجاه جماعة المؤتمر الوطني… قال البشير ذاتو مع التطبيع… قال لى هو بنفسه انهم حا يطبعوا مع إسرائيل..

بينما تحاشى حمدوك التعليق فيما خلا تعليقه السابق بأن موضوع التطبيع ليس من صلاحية الفترة الانتقالية… ولا يستبعد أن تكون هناك مداولات  أو مشاورات تتم وراء الكواليس بين كافة مكونات الفترة الانتقالية…

في هذه العجالة رأيت أن أدلو بدولي وأتناول موضوع التطبيع من منظور فقهي وسياسي دبلوماسي..

هناك من ينظر إلى الأمر بمنظور ديني رغم أن القضية الفلسطينية في الأساس قضية سياسية اكتسبت بمرور الزمن أبعاداً دولية وإقليمية، وشكّلت فزّاعة لما عُرف في الدوائر الغربية والصهيونية بإعادة تشكيل خارطة الشرق الأوسط…. ولعل في إطار النزاع في بُعده الإقليمي أن كان قدر السودان بحكم انتمائه للوطن العربي أن يكون جزءاً من اللعبة الإقليمية، حيث دفع ثمناً لاهتمامه بقضايا الآخرين دون أن يجد منهم سنداً في مِحَنه وأزماته الداخلية…

(السؤال بمليون دولار للشعوب الإسلامية والعربية التي تناصب بناء علاقة معها إسرائيل عداءً واعتراضاً. هكذا تساءل الشيخ محمد آدم إسماعيل السوداني وإمام أحد المساجد بأمريكا

هل أنتم أحرص على الإسلام من معلم البشرية ورسول الإنسانية ومبعوث العناية الإلهية عندما تعامل مع اليهود اجتماعياً وسياسيًا وتجاريًا في دولة المدينة التي أقامها كدولة مواطنة وليست دولة كهنوتية دينية وبها مزيج من مشركي مكة والمنافقين والذين في قلوبهم مرض، ويهود من بني النضير وبني قينقاع وبني قريظة وخيبر، حتى مات عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند يهودي؟. ما أحسب كائناً من كان يكون أعبد لله وأحرص على دينه من سيّد الأولين والآخرين محمد “صلعم” فدعونا من المزايدة باسم الدين.  (السودان أحوج ما يكون لبناء علائق مع إسرائيل ليس بالضرورة حباً لها أو اتفاقاً معها بيد أن اتقاء لشرورها المتواترة وتأثيرها علي الدول الكبرى والتي سعت من قبل لفصل الجنوب وما تزال تعشم في قضم جنوب كردفان من الخارطة السودانية. السودان كدولة وضعها مأزوم سياسيًا ومخنوق اقتصادياً ومنهار أمنياً، والأعداء ومنهم إسرائيل والدول الغربية الكبرى يتربصون به الدوائر ويكيدون لها كيداً ومكراً كباراً فلا بد من يأوي إلى جبل يعصمه من هذه المكائد والدسائس من الأقربين والأبعدين حتى يقوى عوده وينعم شعبه بالعيش الكريم باستخراج خيراته التي تكفيه ذل المسألة وإراقة ماء الوجه. السودان أنعم الله عليه ورفده بخير وافر  في باطن الأرض وظاهرها، ولن يهنأ شعبه بهذه النعم ما لم يستقر سياسيًا ولن يستقر سياسيًا ما لم يلعب السياسة على أصولها وباحترافية).  لعل الشيخ على ما يبدو استند في قوله على ما عُرف بفقه الضرورة…

فليس لإقامة علاقة للسودان مع إسرائيل أو عدمها خطراً على الدين، فهي قضية سياسية يجب ألا يقحم الدين فيها… لكن ذلك لا يمنع أن  نناصر الحق الفلسطيني وأن ندين أي محاولة لتدنيس القدس الشريف وتهويده.

وقال الإعلامي السعودي عبد الرحمن الراشد في مقال له معلقاً على لقاء البرهان ونتانياهو متسائلا.ً.. (تتعامل السلطة الفلسطينية مع الحكومة الإسرائيلية لأنها مضطرة لذلك.. لماذا لا يلتقي مسؤول سيادي سوداني مسؤولاً إسرائيلياً؟؟ لأن بلاده محاصرة وهو مضطر للبحث عن حلول لحل أزمتها).

الداعية د. يوسف الكودة الذي أيد هذه الخطوة.. أشار  في تصريح له أن مقاطعة إسرائيل موقف وليس مبدأ… وأن المواقف تتبدل وفقاً للمصلحة.. وأضاف أننا جربنا أسلوب المقاطعة ردحاً من الزمن دون جدوى بل تضررنا منه. لذا حان الوقت لاتخاذ طرق أخرى مثلما فعلت كل من تركيا، مصر، الأردن، وقطر.. وكل ذلك جائز شرعاً كما حكت عنه السيرة النبوية…

عضو هيئة علماء السودان المحلولة كندة غبوش صرح في مقابلة صحفية أن التطبيع مع إسرائيل يجوز فقهياً لأن الرسول صلى الله عليه وسلم آخى بين اليهود والمسلمين في المدينة… قال ذلك في تعليق له على فتوى مجمع الفقه الإسلامي… بل أضاف قائلا.. من المفترض أن يحصل تطبيع مع إسرائيل

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى