صادر الماشية.. أسباب (الرُّجوع)

 

(حميدتي) يُطالب رجال الأعمال والمُصدِّرين بتقديم المصلحة العامة على الخاصة

وزير الثروة الحيوانية: المواشي المُبعدة سببها خللٌ في البواخر ومشاكل بوزارة التجارة

رئيس شُعبة مُصدِّري الماشية: عائدات القطاع (2) مليار دولار سنوياً

مُصدِّر: تكبّدنا خسائر بسبب صُعُوبة الإجراءات وتَعدُّد الرسوم

 الخرطوم- سارة إبراهيم عباس

تفاقمت العقبات والعراقيل التي تُواجه صادرات الماشية السودانية والتي وصلت ذروتها بإرجاع أكثر من (30) باخرة منذ بداية الأزمة، والتي بدورها  أدّت إلى مزيدٍ من المُعاناة للاقتصاد، والبحث عن مسارٍ جديدٍ وآمالٍ عريضةٍ بُنيت على قطاع الصّادرات لرفد الخزينة العامة بالنقد الأجنبي.

شُعبة مُصدِّري الماشية باتحاد الغرف التجارية أقامت أمس، ورشة حول “أزمة صادر الماشية وخارطة الحلول” تحت شعار “نحو رؤية علمية ومنهجية لترقية الصّادرات”، بحُضُور نائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) والمُصدِّرين والمُهتمين بالشأن.

العين بصيرة

حمّل النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وزارة الثروة الحيوانية (85%) من مسؤولية إرجاع صادر الماشية من المملكة العربية السعودية، واستهجن حديث وزير الثروة الحيوانية المُكلّف عادل فرح بأنّ وزارته تتحمّل (15%) فقط من المسؤولية، وقال إنّ المحاجر والفاكسينات كلها مسؤولية وزارة الثروة الحيوانية.

لكنه سرعان ما عاد وقال: “الوزارة ما عندها حاجة في يدها.. العين بصيرة واليد قصيرة”، ودعا إلى إيقاف صادر الماشية لمدة يومين أو ثلاثة حتى تنخفض أسعار اللحوم في السوق الداخلي، وقال: “في ناس ما لاقين يشموا ريحة اللحمة”، لافتاً إلى أهمية التعرُّف على مَطلوبات السعودية والعمل على تنفيذها، ورهن (حميدتي) خُرُوج البلاد من الأزمة الراهنة بإخلاص رجال الأعمال، وقال لرجال الأعمال “إذا أخلصتوا حتمرِّقوا البلد دي، وإذا بقيتوا ناس مصالح ستفقدون ما في أيديكم”، وهاجم (حميدتي)، المُصدِّرين ورجال الأعمال بشدة، واتّهمهم بالحديث وفقاً لمصالحهم الشخصية دون النظر إلى المصلحة العامة للبلد، ودعا لإيجاد حلٍّ جذري، واستهجن المُطالبة بحق الإنترنت، فيما هنالك من لا يجد المياه الصالحة للشرب، ودعا إلى بسط هيبة الدولة في قطاع الاستثمار، ومراعاة مصالح البلد في الاستثمار والتعامُلات، ونادى رجال الأعمال بحلحلة مشاكلهم، وقال: “إنتو ذاتكم عندكم مشاكل”، وأضاف: “رجال الأعمال خلُّوا عندكم وطنية وإذا عاوزين تعملوا لروحكم ما بتنجحوا”، وانتقد (حميدتي)، تهافت المُصدِّرين على الأسواق الإقليمية، وقال: “أسلوب التحنيس ما معانا”، وأضاف: “نحن مُرخِّصين رُوحنا برانا ونحن ما في زول أحسن مننا وليس هنالك أفضل من مُنتجاتنا”، ولوّح بإيقاف زراعة المُستثمرين للبرسيم حال لم تستفد البلاد بنسبة (70%)، وتساءل عن ذهاب عائدات صادر البرسيم، وقال: “الحكاية في النهاية مَصالح”، وبرّأ المُصدِّرين من بيع حصائل الصادر في الأسواق المُوازية وقال: “لو البلد نائمة نعمل ليها شنو؟”، وتابع: “المُصدِّر ما عندو ذنب”، وأكد (حميدتي) أنّ الحديث عن أنّ السودان سلة غذاء العالم وامتلاكه لـ(180) مليون رأس من الماشية مجرد أحلام وحديث غير موجود على أرض الواقع، وأقرّ بمُعاناة المُواطنين من الجوع ووجود قُصُور في مجال البنى التحتية لقطاع الثروة الحيوانية.

أوضاعٌ مأساويةٌ

وفي ذات السياق، رسم وزير الثروة الحيوانية، عادل فرح، صورة مأساوية للأوضاع التي تعمل فيها وزارته من تهالك للبنيات التحتية، كاشفاً عن إرجاع 36 باخرة ماشية من المملكة العربية السعودية لأسباب متفاوتة، وقال إنّ السُّلطات السعودية أعادت صادرات مواشٍ للسودان بلغت 249 ألف رأس، وأضاف أنّ 27 باخرة من البواخر المُبعدة تمّت إعادة تصديرها للمملكة بعد يومين، وأفاد الوزير بأنّ المواشي المُبعدة لم يكن سببها نقص المناعة، وإنّما هنالك خللٌ في البواخر ومشاكل تتعلّق بوزارة التجارة، وأضاف أنّ الوزارة تتحمّل 15% فقط من إرجاع البواخر، وأقر بوجود خلل في المحاجر وتدهور بالمعامل البيطرية ونقص في الفاكسينات، بجانب نقص في وسائل الحركة للكوادر الفنية والبيطرية، وأفصح عن 61 عربة تم تمليكها في العهد البائد، و45 عربة مُتعطِّلة، وذكر أنّ وزارته تسلّمت 4% فقط من ميزانية التنمية، كاشفاً عن انعدام الفاكسينات قائلاً: “نعمل بالدَّين وأحياناً رزق اليوم باليوم”، وأردف: الفاكسينات وصلت بعد قرار وقف الصادر.

بُطء الإجراءات

من جانبه، اعترف وزير الصناعة والتجارة مدني عباس مدني، ببطء إجراءات الصادر بوزارته، إلا أنه اعتبر فترة الأيام الثلاثة لاستخراج عقود الصادر ليست كثيرة، وكشف أن عجز الميزان التجاري يتراوح ما بين 6 – 8 مليارات دولار، وأشار إلى سعي الوزارة لإنشاء النافذة الواحدة لحل مشاكل الصادر، وأقر بوجود إشكالات في قطاع الصادر، مبيناً أن المشاكل متعلقة بالحكومة والميناء والقطاع الخاص، مؤكداً أن كل المشاكل تنعكس سلباً على الاقتصاد، وقال: نحنُ مُقبلون على مُوسمٍ جديدٍ للصادر، مُعرباً عن أمله في تحقيق القيمة المُضافة والاهتمام بالعملية الأساسية، وشدّد على ضرورة حل المَشاكل وفتح الأبواب للذهاب بالبلد إلى الأمام.

نَهضة الاقتصاد

ومن جهته، قال رئيس شُعبة مُصدِّري الماشية بالغرفة القومية للمُصدِّرين حسن محمد ابراهيم بدوي، إن قطاع الثروة الحيوانية يمكن أن تسهم عائداته بـ(2) مليار دولار سنوياً اذا تم توفير التمويل لتسهم في نمو ونهضة الاقتصاد القومي، وأوضح أنّ الورشة تناقش قضايا الصادر ووضع حلول للمشاكل التي تُواجهه، لافتاً إلى أنّ القطاع يُوفِّر العُملات الصعبة التي يحتاجها القطاع الاقتصادي في هذه الفترة، ودعا إلى ضرورة إيجاد شراكة ذكية بين القطاعين العام والخاص وإنشاء مزارع ومحاجر بمواصفات عالمية وذلك لرفع كفاءتها بتوسيع سعة مواعين الصادرات لتكون قادرة على المنافسه الخارجية، وشدد على ضرورة أن تقوم وزارة الثروة الحيوانية بتقديم خدمات وإرشاد بيطري للمحافظة على قطاع الثروة الحيوانية بالبلاد.

عصب الاتحاد

وقال ممثل شعبة مُصدِّري الماشية حسن محمد بدوي، إن القطاع يُشكِّل رابطاً رئيسياً مع القطاع الزراعي وعصب الاقتصاد السوداني وتوفير العملة الصعبة، مؤكداً أن القطاع الخاص يولي اهتماماً بصادر الماشية، مُطالباً بضرورة التغيير والتحول لتطوير المراعي الطبيعية وفقاً شراكة ذكية بمشاركة القطاع الحكومي وإنشاء المزارع الرعوية والمحاجر المطابقة للمواصفات، وأضاف أنّ تحقيق رؤية القطاع الخاص لتطوير صادرات البلاد من الثروة الحيوانية ألا يتم إلا بشراكة حقيقية مع الحكومي لإنفاذ السِّياسات الداعمة لزيادة الإنتاج وتحقيق عائد اقتصادي يُصب في مصلحة الاقتصاد القومي والعمل الجماعي للقطاعين الخاص والعام، وتجاوز التحديات التي تُواجه قطاع الثروة الحيوانية، وأهمية توفير التمويل المطلوب لتحقيق الإنتاج وتوفير الغطاء التأميني القابل للاستثمار في مجال الثروة الحيوانية مِمّا يُحقِّق قيمة للتنافُس الخارجي ويُساهم في توسيع مواعين الصادر، داعياً وزارة الثروة الحيوانية للقيام بدورها لتطوير وترقية هذا القطاع، لجهة أنه يُشكِّل وجودا مُهما في خارطة الاقتصاد السوداني، الأمر الذي يتطلب تقديم مزيد من الخدمات البيطرية وتوفير المُخيّمات وتقديم جُرعات الإرشاد البيطري المطلوب من أجل تحقيق الأهداف المطلوبة للحافظ على هذه الثروة وأهمية زيادة نسبة الصادرات والارتقاء بها، مؤكداً التزام المصدرين لإجراءات الصادر وفق الشروط واللوائح الصحية والفقز بالصادارت الى (2) مليار دولار لتُساهم في نهضة الاقتصاد السوداني.

مُواصفات الصادر

وصفت الخبيرة في مجال المواصفات والجودة، د. منال أبو بكر، عدم التزام السودان بمواصفات الصادرات بالعيب الكبير للدولة مثل السودان، وشددت على أهمية الالتزام بالمواصفات القياسية والإجراءات التصحيحية من قبل المؤسسات الخاصة بالجودة، وقالت لا بد من وجود جهة فنية مسؤولة من عدم خروج أي سلعة إلا بعد مُطابقتها للمواصفات، مشيرة إلى ضرورة الاستثمار في طرق إدارة المُنشآت الخاصة بالصادر، لافتةً إلى أن طريقة الإدارة الحالية لم تُؤدِ غرضها، وحذرت منال من فقدان الأسواق التقليدية لصادرات الماشية السودانية، حال عدم الالتزام بالمُواصفات القياسية ومعايير الجودة، وطالبت برفع الوعي لمصدري الماشية فيما يخص المواصفات والجودة، ودعت الى التزام سياسي لتبني برنامج حقيقي به ضوابط واضحة لتصدير منتجات مُطابقة للمواصفات.

صُعُوبة الإجراءات

وفي سياقٍ متصلٍ، أقرّ المُصدِّر صالح صلاح صالح بتقصير الحكومة وصعوبة الإجراءات التي تخص الصادر وتعدُّد الرسوم، وقال دخلنا في خسائر فادحة بوقف الصادر.

إجراء مسح

دعت ممثل شركة سيرجي الطبية الصيدلانية المحدودة إلى استيراد واستخدام  مصل فاكسينobp  لتطعيم الماشية لسهولة حفظه ومُدّة صلاحيته، وأشارت لحصوله على شهادات الآيزو ونجاح استخدامها في “جنوب أفريقيا وكينيا” وغيرهما، وقالت إن السودان من مناطق الانتشار المنقطع النظير لحمى الوادي المتصدع، وأشارت إلى تأثيرها الاجتماعي والاقتصادي والصحة العامة للإنسان والحيوان مما ينعكس على عمليات الإنتاج، وشددت على ضرورة إجراء مسح من قبل المنظمات والوكالات العالمية للسيطرة على ناقل المرض (البعوض)، بجانب استخدام المبيدات لمكافحتها وتطعيم الماشية.

التوصيات

وفي الختام، أوصت ورشة بإلغاء لجنة تأهيل المُصدِّرين وأيلولة دورها لوزارة التجارة وعدم ربط الإجراءات البيطرية باستمارة الصادر مع مراجعة دور عمليات شركات التأمين في عمليات الصادر، بجانب الالتزام بمنهج السلامة الغذائية على امتداد السلسلة الغذائية (من المزرعة وحتى المائدة).

وأكدت الورشة على أهمية اعتماد الفاكسين من جنوب أفريقيا التي طالبت بذلك السُّلطات السعودية، بجانب دعم الأمصال المُنتجة محلياً يدعم فيها معمل بحوث الثروة الحيوانية بسوبا وطرح المُستورد منها في مُناقصات في بداية كل عام للشركات المُتخصِّصة في ذلك، بجانب تأهيل المعامل القائمة وإنشاء معامل في المناطق الأخرى، وطالبت بإنشاء محجر بغرب أم درمان، وتأهيل مراكز التحقين والتفتيش من خلال زيادة الحظائر الظل ومصادر المياه ووسائل الحركة وتأهيل الحظائر بالمحجر والميناء وزيادة سعتها وتوفير الظل والمرافق الخدمية الأُخرى.

نافذة مُحَدّدة

ونادت التوصيات بضرورة عمل مسارات سريعة لشاحنات نقل المواشي عند معابر تحصيل رسوم الطرق وعمل نافذة محددة في إدارة النقل والبترول لتوفير الوقود مع مراعاة عبور الجسور والطرق البرية لشاحنات المواشي وتحديد نقاط لتحصيل الرسوم في ساحات الشحن بولاية المنشأ ونقطة عند المخرج للتأكد ومنع تحصيل أي رسوم على عبور بضائع الصادر بالولايات الأخرى، وأكدت الورشة على أهمية توفير قاعدة بيانات للأسواق الخارجية والترويج لإقامة المعارض وتفعيل دور الملحقيات الاقتصادية، بجانب اعتماد سعر تأشيري للصادر واعتماد سياسات تشجيعية تحفِّز صادرات الثروة الحيوانية مع التأكيد والالتزام بضوابط طرق الدفع والتسليم المنصوص عليها بالغرفة التجارية واعتماد المواصفات واللوائح الخاصة بالمنتجات وعمل دورات تدريبية للمُصدِّرين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى