الدولار.. آثار كارثية على العملة الوطنية

الخرطوم- رشا التوم
واصل الدولار الأمريكي ارتفاعه أمام العملة المحلية، حيث تجاوز سعره (581) جنيهاً، في السوق الموازي، وأرجع خبراء في الشأن الاقتصادي أسباب الارتفاع المتواصل لأسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني إلى عدم استقرار السياسات المالية والنقدية والتقلبات في مجريات الاقتصاد الوطني في ظل عدم توفر موارد النقد الأجنبي بصورة كافية لمقابلة تسيير احتياجات الدولة.
وأوضح أحد المتعاملين بالدولار لـ (الصيحة) أن ارتفاع الدولار يرجع لارتفاع الطلب في ظل شح المعروض بالأسواق من النقد الأجنبي، مشيراً إلى رفع البنوك التجارية لأسعارها -أيضاً- في مجاراة لأسعار السوق الموازي مما جعل البيع والشراء في السوق الموازي أكثر إقبالاً من السوق الرسمي نتيجة الفرق في السعر لعمليات البيع والشراء بمبالغ كبيرة، مشيراً لعدم وجود أسباب حقيقية للارتفاع، ولفت إلى استقرار أسعار الدولار خلال الفترة الماضية في حدود (570) جنيهاً.
وأكد تاجر آخر في سوق النقد الأجنبي أن أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المحلي قفزت بصورة كبيرة خلال اليومين الماضيين.
وقال: إن الدولار يرتفع لأسباب مجهولة وغير معلوم ماهية الجهات التي تقوم بتحديد مؤشرات الأسعار.
وأضاف: لفترة طويلة إلى حد ما حافظت العملات الأجنبية على ثبات أسعارها في السوقين الرسمي والموازي نتيجة سياسات وإجراءات داخلية تم تطبيقها في محاولة لكبح جماح الارتفاع خاصة الدولار الأمريكي.
وأرجع حالة عدم الاستقرار في أسعار العملات الأجنبية إلى ارتفاع الطلب وشح العرض من العملات بصورة كافية في السوق الرسمي بالبنوك التجارية والصرافات بجانب دخول وكالات السفر والسياحة لشراء العملات الأجنبية من السوق الموازي لمقابلة طلب بيع تذاكر السفر بالعملة الأجنبية.
وشدَّد مراقبون على أن عدم استقرار اسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني نتيجة عدم وجود ضوابط وسياسات تحكم سوق النقد الأجنبي رغماً عن كافة المحاولات التي جرت سابقاً من قبل بنك السودان المركزي في وضع الضوابط والمعاجات اللازمة لاستقرار سعر الصرف، إضافة إلى أن المتعاملين في السوق الموازية يشعرون أن الدولة حتى الآن لا تمتلك احتياطي مقدَّر يمكِّنها من تحقيق استقرار سعر الصرف، علاوة على أن الاقتصاد السوداني مازال يواجه صعوبات تجعل تحقيق الاستقرار مطلباً بعيداً، مما يؤثر في أسعار العملات هبوطاً وصعوداً طوال العام دون استقرار تام فضلاً عن ربط عملية الاستيراد كافة بالدولار.
ومن جانبه أوضح الخبير الاقتصادي طارق عوض، خلال حديثه لـ(الصيحة) أن الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع الدولار من وقت لآخر هي عدم وجود سوق منظم للتعامل بالنقد الأجنبي، لذلك هنالك جهات بعينها تتسبب من وقت لآخر في الارتفاع
بجانب خروج البنك المركزي من صلاحيات تحديد سعر للعملات الأجنبية الأمر الذي أثر سلباً على الوضع الاقتصادي في البلاد دون أن يجد الرقابة أو الدراسات المناسبة للوقوف على الأسباب الحقيقية للتأثير على الأسعار ومن ثم اتخاذ الإجراءات المناسبة.
وقال: هنالك رجال أعمال ورأسمالية ومؤسسات وطنية أخرجت رؤوس أموالها إلى خارج البلاد بمختلف الطرق أو عن طريق تسييل الأصول الثابتة والأرصدة بالبنوك وغيرها والتي تساهم بدورها في ارتفاع الأسعار، مشيراً إلى المعالجات التي يجب أن تضعها الدولة والتي تتمثل في منع استيراد السلع غير الضرورية في الوقت الحالي خاصة السلع الكمالية، إضافة لتفعيل قانون التعامل مع النقد الأجنبي ومحاربة تجار العملة بالإضافة للتهريب في سلع الصادر والوارد وتفعيل آليات المراقبة والتشدُّد في المعاملات التجارية لمنع المضاربات والاحتكار للعملات الأجنبية.
واعتبر أن استقرار الدولار وثباته مؤخرا يدل على نجاح آليات الحكومة في محاربة الانفلات في سوق العملات.
وأردف بأن ارتفاع أسعار الدولار خلفت آثاراً كارثية على الجنيه السوداني طوال السنوات الماضية وأثرت في قيمته الشرائية إلى حد ما، وهي مشكلة ممتدة منذ فترة طويلة لم تفلح معها كافة المعالجات من قبل القائمين على الأمر في الحكومات السابقة.
وأضاف خبير مصرفي، فضَّل حجب اسمه، أن سعر الصرف لأي عملة مؤشر على مدى استقرار الوضع الاقتصادي في أي بلد وبقدر ما يرتفع معدل التضخم تتآكل القوة الشرائية للعملة وينهار سعر الصرف، مشيراً إلى أن عدم استقرار سعر الصرف يعتبر علامة لأزمة اقتصادية عميقة تؤثر على الصناعة والزراعة وكل مناحي الحياة، مبيِّناً أن مشكلة الاقتصاد السوادني تتعلق بالنقد الأجنبي ويجب معالجتها عبر إنشاء بورصة للمعادن حتى تكون أسعار الذهب جاذبة للمعدِّنين وبيعها بالداخل بدلاً من تهريبها للخارج ما يساهم في تنظيم التعدين في البلاد وإيقاف الشركات الحكومية من العمل بالتعدين، إضافة لذلك الاهتمام بتحويلات المغتربين لتوفير نقد أجنبي وبالتالي تساهم في استقرار سعر الصرف في البلاد.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى