صلاح الدين عووضة يكتب : أبوكِ بلد !! 

 

إحباط…….

ومن الإحباط ما يجعلنا نتشكك في أحد أشياء ثلاثة :

إما في سلامة قوانا العقلية… وإما في سلامة اختياراتنا السياسية..

وإما – وهذه يقودنا إليها شدة الإحباط – في سلامة بلادنا من الغيبيات السحرية..

بمعنى إنها قد تكون ملعونة… أو مكتوبة… أو معيونة..

وهذه كلمة كتبناها أواخر عهد الإنقاذ ؛ حين كانت الكلمات تُحجب… وأصحابها كذلك..

بل وربما الصحيفة نفسها ؛ حجباً قد يطول مداه…وقد يقصر..

وكنت أظن إني أعبر بها عن أسوأ ما يمكن أن يؤول إليه حال شعب ؛ بعقلياته…و نفسياته..

فإذا بنا نفقد الآن ما تبقى من تلك العقليات…والنفسيات..

تقول الكلمة ؛ والتي سطرناها حين كنا نمتلك (نصف) عقل…و(ربع) نفس:

بدافع من الفضول وقفت أنظر إليه..

كان مشغولاً بالنظر إلى عمارة أنيقة أمامه..

عمارة (تحت التشطيب)….. كادت أن تلامس أقطار السماء طولاً..

أو تلامس خيوط سحاب كان (تحت التجميع)..

كل شيء فيه كان طبيعياً عدا نظراته..

فالتجربة علمتني أن نظرات كهذه توحي باضطراب نفسي (تحت التكوين)..

وصدق توقعي – بالفعل – حين صاح فجأة (أبوكِ بلد)..

ثم أردفها بصيحة أشد (ما قادرين ناكل…..وناس تبني العمارات)..

ثم ختمها بدندنة هي التي شككتني في سلامة عقله..

أو في سلامته النفسية…وهو الظن الأرجح..

فغالب السودانيين الآن يرزحون تحت وطأة ضغوط معيشية جبارة..

وهذه الضغوط تتمخض عنها ضغوط نفسية أشد..

وبما أن عامة الناس لا يميزون بين المريضين فهم يقولون (مجنون)..

ودلالة ذلك المقطع الغنائي الذي دندن به صاحبنا..

فقد طفق يغني بصوت أجش – أعياه الجوع – (أنحنا هل جنينا أم عقولنا نصاح؟)..

والمجنون لا يعي (مفارقات) ما يفعل..

أما هو فقد انتبه إلى أنه يحادث نفسه بصوت مسموع..

وربما شعر بشيء من الخجل – أيضاً – حين رآني أحدق فيه دهِشاً..

وكثيرون أضحوا ذوي عاهات نفسيات في زماننا هذا..

ولكن المصيبة أن يصير مثلهم أبناؤنا كذلك..

فقد قالت وزارة الصحة – في تقرير لها – إن (27%) من الطلاب مضطربون نفسياً..

طلاب العاصمة المثلثة فقط..

وعلى قرائنا في الولايات مراعاة فروق (الضغط)..

ثم انتقلت الإفادة إلى كبار السن بالولاية..

وأوضحت أن نحو (17) ألف منهم يترددون على العيادات النفسية..

وبعد ……………..

هذا ما كتبناه قبل سقوط الإنقاذ بعام..

والآن – وبعد سقوطها بعام – نجد أنفسنا نتساءل مدندنين بالمقطع ذاته :

(أنحنا هل جنينا أم عقولنا نصاح) ؟..

أبوكِ بلد !!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى