عضو مجلس السيادة الفريق ركن إبراهيم جابر لـ(الصيحة): 2/2

 

كل المؤشرات تؤكد رفع السودان من لائحة الإرهاب قريبا جداً

أكون سعيدًا أن أرى السودان بحكم مدني وأنا على كرسي قماش أمام منزلي

الدستور المُقبل عليه تجريم عمل الأحزاب بالقوات المسلحة

العسكري والمدني يعملان بتنسيق وتجانُس والعمل التنفيذي مسؤولية حمدوك

أنا سعيد بالحكم المدني ويجب إشراك كل المواطنين في كتابة دستور البلاد

 

في هذا الحوار امتدح الفريق الركن إبراهيم جابر عضو مجلس السيادة، العلاقة بين المدنيين والعسكريين، وقال إن القرارات تتخذ بصورة توافقية وأنهم في طريقهم لإكمال هياكل الحكم المدني بتعيين المجلس التشريعي بعد توقيع السلام الذي بات قريباً. وأكد أنهم ليس لديهم عداء مع الولايات المتحدة الأمريكية وأن العلاقة بينهم تتطور كل يوم نحو الأحسن، وتوقع أن يُرفع السودان من لائحة الاٍرهاب قريباً جداً.

ولفت جابر إلى أن قيم الثورة السودانية لم تخرج من الخرطوم وأن أيادي تعبث بدارفور لإعادتها إلى العنف القبلي والحروب الأهلية. ودعا السودانيين لنشر قيم الثورة السلمية في الأقاليم. وشدد على ضرورة أن تبتعد الأحزاب عن القوات المسلحة السودانية التي يجرم قانونها الانقلابات العسكرية، وأن دورهم سينتهي بكتابة الدستور وإجراء الانتخابات وتسليم السلطة لقوى مدنية منتخبة.

ووضع جابر في حواره مع (الصيحة) خارطة طريق للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية وقام بتشريح الاقتصاد السوداني وتقديم روشته للانطلاق به للأمام بنجاح كبير، كل هذه الإجابات في مضابط الحوار التالي

 

حوار/ فاطمة علي

 

*هناك تخوف من عودة العنف وما هي التحديات التي ستواجه الولاة المدنيين؟

بصراحة نحن تأخرنا كثيراً في تعيين الولاة المدنيين، والثورة اليوم أكملت 16 شهرًا، وبالتالي كان لابد من تعيين الولاة المدنيين ليؤدوا دورهم في الفترة المقبلة، وأعتقد أن التخوف من رفض بعض الولاة مقدور عليه، صحيح أنه حراك سياسي وتمرين ديمقراطي وتعلّم، ونحن في بداية خط سيرنا لبناء الديمقراطية في السودان، أكيد سيكون هناك معارضون، ولكن الأمر في النهاية يعتمد على مهارة الوالي وعلى إمكانياته في التصدي لهموم الولاية وتجرده وأمانته ونزاهته.

كل هذه المشاكل أيضاً لو نظرت لها بتمعن تجد أنها مشاكل خدمية وبعدها تتطور إلى نزاعات ثم إلى حروب قبلية، وبالتالي لابد للوالي أن يبذل قصارى جهده في خدمات التعليم والصحة والتي يمكنه إنجازها من إمكانيات ولايته الاقتصادية، ويتبقى دوره في خلق مشاريع للطرق والكهرباء، وهذه تحتاج دعم المركز وسيجد عندها كل الدعم منا.

*العلاقة مع الولايات المتحدة بعد تعيين سفير جديد للسودان في واشنطن؟

علاقتنا مع أمريكا كل يوم تسير إلى الأحسن. صحيح أن الولايات المتحدة لديها مؤسسات، لكن كل المؤشرات تشير إلى أن السودان سيتم رفعه من لائحة الإرهاب قريبًا جداً، وبالنسبة للتسهيلات المالية والحظر القائم تسير الأمور كل يوم من حسن إلى أحسن، وكون الولايات المتحدة تطور علاقتها مع السودان هذه نقطة تحوّل كبرى ونحن ليس لنا عداء مع أمريكا وخلال فترتنا في الحكومة الانتقالية نسعى لعلاقات جيدة مع كل العالم بالشكل الذي يحفظ مصالح السودان. نقترب من علاقة طبيعية مع الولايات المتحدة، وفي وقت قريب جداً سترفع العقوبات بالذات مع وصول سفيرنا الجديد لواشنطن الذي ستتاح له كل القنوات الخاصة للاتصال بالإدارة الأمريكية في كل مستوياتها، وهو رجل مميز ومهني، جلست معه كثيراً ووجدت أنه صاحب إمكانات عالية ومؤكد سينجز ملفاته بسرعة عالية والدفع بعلاقتنا الثنائية إلى الأمام.

*هل من المحتمل أن ترسل الولايات المتحدة سفيراً لها بالمقابل؟

هذا هو ما طالبنا به. ومرحباً به متى تمت تسميته ومتى ما وصل للخرطوم، لأنه سيساعد في تطبيع العلاقات بشكل كامل. وبالمناسبة علاقتنا مع أمريكا ومع كل دول العالم ستأخذ منحى إيجابياً لأن التغيير الذي جرى في السودان أرسل رسائل لكل أنحاء العالم أن هذه الثورة التي أنجزها الشعب السوداني هي ثورة حرية وتنشد الديمقراطية والتحول السلس، ونحن الآن نسير في الخط الصحيح، ونسأل الله التوفيق.

*كيف تُقيّمون العلاقة بين المدنيين والعسكريين؟

نحن شركاء في السودان في المقام الأول كمواطنين سودانيين، كما أن الوثيقة الدستورية كانت بين المكون العسكري والمكون المدني في الحرية والتغيير، وهي التي وضعت الإطار لدستوري لحكم السودان، وما تم الآن هو تقدم كبير جداً متمثل في تكوين هياكل الحكم التي تمزج بين المكونين العسكري والمدني، وهما يعملان في تنسيق وتجانس كامل طيلة الفترة الماضية، والدليل أننا لم نختلف في أي قرار بل لم نحتاج للتصويت على أي قرار إلى اليوم وظلت القرارات توافقية على الدوام وهذا دليل نجاح.

وكذلك الإخوة في مجلس الوزراء أدوا مهامهم بصورة مُرضية والأمور تسير بشكل ممتاز ومسألة إحلال وإبدال الوزراء طبعاً هي شأن خاص برئيس الوزراء، لأنه هو المسؤول الأول عن العمل التنفيذي وهو من حقه التقييم حتى لا يتحمل مسؤولية قصور وزير، وحقيقة الشعب صبر كثيراً ويحتاج إنجازات ويحتاج شيئاً ملموساً بالذات المسائل المتعلقة بمعاش الناس وضروريات الحياة، وبالتالي الناس دائمًا يستعجلون وهذا لا يعني أن الوزراء لم يعملوا الذي عليهم، لكن الشعب أيضًا يحتاج عملاً أكبر.

الأمر الثاني متعلق بتعيين الولاة، أعتبره عملاً طيباً وأظهر ارتياحًا وسط الشعب السوداني. صحيح أن بعض المواطنين يمكن أن يناهضوه، لكن دائمًا هناك أناس ضد أي تغيير أو تقدم، لكن طالما نحن في جو ديمقراطي ولديك حق التعبير يمكن أن تعبر، لكن لا تستخدم العنف، وسنعمل جادين لإكمال المجلس التشريعي والذي عند تعيينه سيرى كل إنسان نفسه وصورته في السودان الجديد.

*لكن المكون التشريعي تأخر هو الآخر؟

نحن توافقنا على قضايا ونقاط كثيرة جدًا حوله، وتوقيع اتفاق السلام سيكون فاتحة كبيرة جداً في تشكيل المجلس وبعدها الناس ستمارس حياتها الطبيعية، وسيكون درساً كبيراً نقدمه للعالم أننا استطعنا في هذه الفترة أن نتوافق ونكوّن كل أضلع الحكومة الانتقالية. لكن علينا أن نسعى لعمل أكبر من هياكل الحكم، والأحزاب نفسها تحتاج لتجهيز نفسها وترجع لقواعدها وتفتح دورها وتعقد ندواتها، وفي نفس اللحظة يجب تكوين مفوضية الانتخابات وتحضير السجل الانتخابي وتقسيم الدوائر بحيث أننا بعد نهاية الفترة الانتقالية بسلام، نسلم البلد إلى حكومة مدنية توفر استدامة الممارسة الديمقراطية في السودان للأبد.

* هناك نقاش وجدل حول الدستور، البعض يرى كتابته قبل نهاية الانتقالية، والبعض الآخر يرى بعدها؟ 

هناك خلط بين كتابة الدستور وصناعة الدستور، وأنا في المؤتمر تحدثت عن صناعة الدستور والتي بها أكثر من محور، ومثل هذه الورش التي عقدتها جامعة الخرطوم أمر جيد، لكن ما يتم في هذه الورش لا يكفي، ولكي تكتمل الصناعة لابد من تنزيل هذه النقاشات على أرض الواقع عبر التوعية ومشاركة كل مواطن، وما يخرج منهم يصعد إلى أعلى حتى تتم كتابة الدستور من أسفل إلى أعلى. ولكن حكاية أننا ننتظر ثلاث سنوات وفي نهايتها نكتب دستوراً أعتبر أنها مسألة طويلة وغير منطقية، لأن عمر الشعوب يُقاس بالثانية، ونحن الآن بدون دستور ولن تمضي الأمور بسلاسة نحو نظام ديمقراطي مستدام. وفي تجارب دول كثيرة جداً حصلت فيها نفس هذه الإشكالات من تناحر وتنازع وموت، ولكن بدأت وبسرعة جداً بتطبيق العدالة الانتقالية وأسست للدستور وانطلقت بسرعة جداً، ونحن يجب أن لا نحجم أنفسنا بثلاث سنوات، وهناك تجارب يمكن أن يتم نقلها وهناك مبادئ أساسيىة عامة مثل كفالة الحرية والممارسة الديمقراطية، ولكن دعونا نبدأ في تجهيز الصناعة وهي عملية معقدة وطويلة جدًا تبدأ بنشر كل المراحل حتى يعرفها الناس وبعدها يمكن أن نستمزج آراءهم في صياغة المبادئ.

*هناك من يرى أن المؤتمر الدستوري يضم 50 أو 100 شخص ويقومون بكتابة الدستور بينما أنت لديك رؤية مختلفة من سياق حديثك؟

لا يمكن أن ترى السودان كله في المؤتمر الدستوري، لذا يجب أن نبني ثقافة الدستور وأنت إن لم تر نفسك في الدستور لن تدافع عنه إذا لم تكن مشاركاً فيه، لذا يجب علينا استصحاب آراء المواطنين من البداية وفي النهاية الذين يناقشونه هم أناس معينون، ومن يصوغون المواد سيكونون أقل منهم  بالطبع، لكن من البداية يجب أن نشرك كل الشعب ليعرف قيمة الدستور وهل هو مفيد أم غير ذلك، وماذا نعني به وما يمثله في حفظ الحقوق، وهذا عمل كبير يجب أن يبدأ من الآن. البعض كانت لديهم آراء مختلفة في ملتقى جامعة الخرطوم وهي آراء أحترمها لكن أختلف معها، لكن لا وقت لأن ننتظر ونكتب الدستور بعد ثلاث سنوات، البلد لن ينتظر وكلما سرّعنا في وضع الإطار الذي يقودنا إلى إطار ديمقراطي وانتقال سلس وسلمي للسلطة هو الأفضل لنا. صحيح أننا أيضاً لدينا حروب وسنستصحب معنا اتفاقيات السلام وتضاف، بالمناسبة أنت إذا وضعت المبادئ العامة بشكل جيد يمكن لأصحاب الاتفاقات أن يقولوا لك لا نريد إضافة، لأنهم وجدوا ما يصبون إليه في الدستور، من الذي يدري، لذا كلما أسرعنا فيه فهو أفيد لبلدنا وللاستقرار واستدامة الديمقراطية.

*القوات المسلحة ما دورها بعد الفترة الانتقالية في ظل التخوفات من الانقلابات؟

هي انحازت أولا للشعب السوداني. وعليها أن تحفظ دماء الشعب السوداني وأي دولة في العالم مؤسساتها تدار بسياسة قوى الدولة الشاملة التي تتمثل في السياسي والاقتصادي والدفاعي، ونظام الحكم الديمقراطي يحتاج لهذه القوى الثلاث ليكون منها مجلس الأمن والدفاع الذي يخطط وينفذ سياسة التأمين والحماية للثورة والحدود وحراسة الديمقراطية، والدستور نفسه ينظم عمل القوات المسلحة ويحدد واجبها وهي بدورها تحمي النظام الديمقراطي والدستور.

أما الانقلابات هذه عندما تنظر لها تجد أن القوات المسلحة مثلها مثل وزارة الزراعة والخارجية في العموم، لكن لأن عندها القوة تستخدمها بإيعاز من أحد مكونات الشعب، والانقلابات قد يكون أساسها إثنياً أو جهويًا أو حزبياً لكن القوات المسلحة بدون أي من هذه الحواضن لا تعمل انقلاباً بمفردها، وبالتالي يجب أن نضع فقرة واضحة في الدستور المقبل تبعد وتُجرّم عمل الأحزاب داخل القوات المسلحة، لأن وجودها يتسبب في الانقلابات، والجيش به قانون واضح يصنف الانقلاب جريمة كبرى، والآن القانون الذي نعمل به والمجاز يُجرّم الانقلاب، وبالتالي نحن نسعى عبر الدستور النابع من الشعب لتنظيم دور كل من الجيش والأحزاب ويعرف الجميع حدوده، لأن هذا هو الذي يحفظ الديمقراطية في السودان.

* التوقيع بالأحرف الأولى لاتفاق السلام  كيف تراه؟

التوقيع الذي تمّ يعتبر خطوة في الطريق الصحيح، ويؤكد الجدية في تحقيق أحد شعارات الثورة، وخطوة نحو الاستقرار، ولبناء سودان موحد ديمقراطي، وعلى كل الحركات التي لم توقع اللحاق بالتفاوض ووقف الحرب، حتى لا يصبح النضال والكفاح الذي حملوا السلام من أجله خصماً على أهلهم في معسكرات النزوح واللجوء، وهناك بعض القضايا يمكن إرجاؤها للمؤتمر الدستوري.

*أين سيكون إبراهيم جابر بعد نهاية الفترة الانتقالية؟

إبراهيم بعد الفترة الانتقالية، سنكون أكملنا دورنا وأكون سعيداً جداً أن أرى السودان حراً ديمقراطياً ومحكوماً بنظام مدني حافظ لكل الحقوق والواجبات ومتقدم ومزدهر، وسأكون سعيداً وأنا أرى ذلك وأنا على كرسي القماش أمام منزلي.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى