رئيس حركة العدل والمساواة د. جبريل إبراهيم لـ(الصيحة):

 

سنشارك في الانتقالية، وبعدها نكون راضين بصناديق الاقتراع

 نحن في بداية الطريق وأمامنا “كباري كبيرة”

* عبد الواحد لا تعوّلوا عليه كثيراً، ماعندو مشروع يعيش على الشعارات فقط!

* الحلو تؤثر فيه قومية من جبال النوبة بروحهم الانفصالية

* الجنوب عاش ذات المشكلة لذلك فك الشفرة

* عودة النازحين تحتاج إلى الآف الدولارات

* النضال لا يوجد فيه تعويض وفقدت شقيقيَّ بسبب الحرب

بدأ حديثه وتعلو محيّاه ابتسامة عريضة، تنبئ بأن راحة نفسية قد نالها بعد مسيرة شاقة.. هكذا وجدناه د. جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة، الرجل الذي جاء على خلافة رئيس حركة ذائع الصيت خليل إبراهيم، شقيقه الأكبر، وقد توقع الكل ألا يكون مؤثراً لدرجة أن يقود حركته بنجاح في مفاوضات السلام التي احتضنتها جوبا عاصمة جنوب السودان.. ولكن التجربة الثرة في النضال السياسي، أكسبت الرجل طول بال، أهله لينال شرف السلام الذي تم توقيعه، وهو يقود أكبر الحركات التي يعوّل عليها كثيراً في إنجاح مرامي هذا الاتفاق المهم. كعادته كان حديثه كله مهما، ولكي لا نفسد على القارئ شغف المتابعة  ندعوه مباشرة لتلقف ما أفرزته كنانة رئيس العدل والمساواة عبر هذا الحوار وهو يستحق أن يكون حوار الافادات والمراجعات.. فإلى نص اللقاء:-

حاورته بجوبا: عوضية سليمان

* نبدأ من آخر الأحداث، توقيع السلام بالأحرف الأولى وسودان جديد؟

هذه التسمية هناك من لا يقبلها من الناس.. ما تحقق إنجاز كبير وحلم ينتظره الناس منذ فترة طويلة، وما جاء من اتفاق سوف يؤدي إلى فرق كبير جداً في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ونحن الآن نحول قضية السلام إلى سلام مجتمعي وليس سلام اتفاق بين حكومة وأشخاص يرفعون السلاح.

* لهذه الخطوة تحديداً ماذا أنتم فاعلون؟

نجتهد في أن يتعايش الناس بأمان ونجمع السلاح كما نجمع كل الأطراف ونعالج مشاكلهم ونوقف الاحتكاك بين الرعاة والمزارعين.

* وهل بمقدوركم فعل ذلك؟

لا أحد يدعي أنه سوف يحقق هذا الأمر اليوم ولا حتى غدا.. ولكن ببناء السلام الاجتماعي يمكن، وإن لم يشعر الناس بالأمان ويتيقنوا أن الحكومة قادرة على توفير الأمن، فإن جمع السلاح وقتها ليس بالأمر السهل.. وسوف نسعى لتوفير الطمأنينة بين الناس أولاً ولكن المشروع طويل وليس في يوم وليلة.

* كم تتوقع من الزمن لنصل لهذه المرحلة؟

بمعاونة من الدولة وعبر الإدارة الأهلية يمكن أن نصل وهذا الجهد (صعب وما  ساهل).

* هذا يعتبر من عقبات السلام؟

أكيد..والعقباتكثيرة، واتفاقية السلام تحتاج إلى موارد كثيرة لأن الدولة الآن ليست قادرة على توفير ذلك ولأن النازحين واللاجئين ملايين، وتوفير الخدمات في مناطق العودة مشكلة كبيرة لهم وتحتاج إلى ملايين الدولارات.. والذين سكنوا في أـراضي غيرهم لا نستطيع رميهم في البحر، ولابد من مواقع جديدة توفر فيها الخدمات.. ولو كانوا رعاة فكيف نوفر لهم الماء والكلأ للماشية.. الخطة كبيرة جداً لأنهم غير مطمئنين وفي ذهنهم لا يوجد من يحميهم.

* المرحلة الأصعب الآن الجانب الأمني أم الموارد المالية؟

المسألة الأمنية تحتاج إلى موارد في تحريك القوة غير احتياجات المدارس والمياه والكهرباء والمراكز الصحية. ولو أن هناك من يقول بالتوقيع على الاتفاقية، وأن السلام أتى فإنه يكذب على نفسه، نحن في بداية طريقنا لعبور “الكبري الأول” وأمامنا “كباري كبيرة” وذلك كله لأننا نريد السلام.

* هل توقيع السلام تم في وقت غير مناسب؟

كل الأجواء مناسبة لعملية السلام، فالوضع الاجتماعي والاقتصادي لا يوجد ما يخفف وطأتهما على الدولة غير السلام.

* رأيك في جوبا كحاضنة للسلام؟

لا يوجد شخص ظن مجرد الظن أن تنجح جوبا في ان توصل الاطراف السودانية للسلام ولكن لحكمة يعلمها الله.

* مع ذلك أفلحت؟

لأسباب كثيرة، لأنها لديها مصالح في الخرطوم مع الحكومة، وليس لديها موارد، لكن الناس نسوا عنصرا مهما، وهو أن الجنوب يفهم في مشكلة السلام  فهم من عايش ذات المشكلة، قاتلوا حتى توصلوا لمرحلة الانفصال.. ومهم جداً أن يكون الوسيط لديه معرفة بأصل المشكلة، والجنوب قريب وجدانياً ويعلمون مشاكلنا بالتفصيل وهذا ساعدهم كثيرا جدا.. والأمر الآخر غير المنتبه إليه، هو أن السلام لم ينجزه الجنوبيون فقط، لكن الحقيقة تكمن في أن الطرفين توفرت لديهما إرادة السلام، الحكومة والمعارضة، وأن ثورة ديسمبر غيرت مسار كل الناس.. ونحن تجربتنا في المفاوضات، في نظام الانقاذ كانوا يجلسون معنا لتسجيل النقاط ولأجل أن يشتري منك ويشق جماعتك، وليس لديهم نية الوصول إلى السلام.. الروح الآن تغيرت وصرنا كلنا نبحث عن السلام ولأننا كمعارضة تضررنا كثيرا وصرنا نموت.

* لكن الحكومة تقول إنها ظلت تناشدكم وأنتم متمسكون بمواقفكم  ورافعون السلاح؟

الحكاية ليست هكذا الناس يعرفون أننا في يوم من الأيام قد “حردنا” ورفضنا السلام، لكننا لم نجد الشريك لأجل توقيع السلام.. ولم نجد من له رغبة حقيقية لمخاطبة مشكلة المواطن والوطن، فهم ليس لديهم استعداد أن يقولوا للمواطن سندفع لك قروشا ووظيفة لحل مشكلتك!.. كان حديثهم مع قيادات الحركات ولم يتحدثوا عن العدالة أو الحريات ونحن وضعنا لهم ذلك ولكنهم رفضوا عندما كان أمين حسن عمر ممسكا بملف التفاوض.

* لم تصلوا لأي اتفاق وقتها رغم استغراقكم وقتا طويلا في هذا الأمر؟

مواقفهم ثابتة وطالبنا بحكم إقليمي وكان التفاوض معهم “موت عديل”، ووصلنا معهم إلى تأخير نسبة من الموارد الموجودة في المناطق المتأثرة ولكن النظام السابق رفض وقال إنه لن يتحدث عن الموضوع وطالبنا أن تكون هنالك شراكة أمنية ليطمئن المواطن، رفضوا حتى القضايا الأساسية لم يكن لديهم استعداد لها وهكذا…

* هل عرفت الحكومة الانتقالية فك شفرة الحركات؟

نعم هم صادقون ولديهم الرغبة في تحقيق السلام ونحن منذ البداية نعرف مشكلتنا والطرفان محتاجان للسلام وهذا موقف ثابت لهم ولنا ولا يوجد منبر للتفاوض قدمت  لنا دعوة للالتحاق به ولم نذهب إليه.

* ما بعد السلام المنتظر؟

سنكون جزءا من الحكومة، والسلام لا يحقق عبر تنظيمات سياسية، لكننا سوف نعمل تعبئة للجميع، وهذا هدفنا الأساسي ليفهم الناس المضامين ويدافعوا عنها، ومن غير مشاركة المواطن لن نستطيع..

*هذا كله بعد الانتخابات؟

نعم أكيد إن شاء الله.

* هل الانتخابات هي الفيصل القاطع أم أن هنالك رأي آخر؟

لا.. نحن سنشارك في حكم الفترة الانتقالية، وبعدها تفصلنا الانتخابات ونكون راضين بصناديق الاقتراع.

* في الانتقالية إذا لم ترضِ المشاركة طموحكم؟

ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، والحكاية ليست مزاجا ولا أعتقد أن الشخص الموقع للسلام يقول لم  تعطه ذلك الموقع سيتراجع.. والآن تقسيم السلطة جزء من التفاوض.

* هل هنالك تعويضات للاجئين والنازحين؟  

النضال ليس لديه ثمن، فقدت شقيقيَّ الاثنين بسبب ذلك.. ليس هناك ثمن للبشر فهم أغلى من كل ثمن، ولكن نقول هم ضحوا من أجل الأحياء وإن السلام الآن هدية كبيرة إليهم وسوف يغير حياتنا وسوف نشعر بالاستقرار المجتمعي. ونؤكد أن الدولة لن تستطيع توفير مبلغ ألف دولار لأي شخص، الدولة لا تملك وليس هنالك جهة تمنحنا لا مجتمع دولي ولا إقليمي.

* سبب مباشر لعدم وجود الحلو في التوقيع دون الأسباب المعلنة؟

عدم انضمامه للجبهة الثورية لأنه مختلف مع إخوته مالك عقار وياسر عرمان وخاصم أي شخص له علاقة بياسر، وهذا الموقف لعدم دخوله الجبهة الثورية لذلك رفض أن يكون جزءا منهم. وحتى في إعلان جوبا وقع بصورة منفصلة ولم يتفق مع الوفد الحكومي المفاوض واشترط تقرير المصير ولم نقبل بجر الحبل مرة ثانية، وفصل الجنوب كان حكاية مرة واشترط الدولة العلمانية، لا توجد حكومة عاقلة تعلن دولة علمانية، والحكومة رفضت لأن الأمر يتعلق بالعقيدة.

* لكن الوساطة الجنوبية قادرة على إقناعه؟

“ما بتقدر”.. وفهم أن جوبا تستطيع أن تقنع أي شخص غير صحيح.. ولو أن الحلو كان في الجيش مع سلفاكير كان متوقع تعليمات فقط ويأتي الحلو، لكن الآن الحلو منظومة سياسية ومؤثرون فيه جداً من لديهم روح الانفصال بجبال النوبة، فهم مسيطرون على الحركة الشعبية في جبال النوبة.

* وماذا عن عبد الواحد محمد نور؟

لا تعولوا عليه كثيراً.. لا يملك مشروعا عمليا، يريد أن يعيش على الشعارات وهو غير واقعي.

* لكن الحكومة قدمت له دعوة؟

دعته مئات المرات، لكن هو يصر ويتّبع نظام “خالف  تذكر”.. وهو الآن غير حريص ويريد للناس أن يعيشوا في معسكرات النزوح .. 17 سنة وهو لم يقدم لهم شيئا بل يؤخرهم.

* انتقد التوقيع وقال لا تمثل دارفور قبيلة واحدة فقط؟

هو شخصياً من يمثل؟ لو كان يمثل قبيلة كان “تمام” لكنه يمثل نفسه ومن عام 2006 لم يذهب لأي منبر تفاوض فقط هو موجود في باريس ، فدعوه يقول.

* أين يقف جبريل الآن في نشاطه السياسي؟  

سنعود إلى السودان لنبدأ العمل السياسي ونتواصل مع المواطن في أي مكان وسوف نعد أنفسنا للانتخابات ونؤسس حزبنا السياسي في كل زاوية ومكان.. وسوف ننتقل من النضال المسلح إلى النضال السياسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى