دعوة للصفح والتسامح

 

بقلم شاكر رابح

المجتمع السوداني لديه قابلية للتسامح والصفح والعفو وطي صفحة الماضي وتناسي الصراعات والمرارات، والسودان يمر بمرحلة مخاض عسير مرحلة الانتقال الديموقراطي السلمي، لذلك بالضرورة أن تتبنى الأحزاب السياسية والجماعات الدينية والإدارات الأهلية الدعوة الى التصالح والمصالحة، والمصالحة مصطلح واسع له أكثر من مدلول ومعنى، ويمكننا القول إن المصالحة تعني التوفيق بين المتخاصمين، كما تعني الاعتذار عن الأخطاء وتعني التسامح والعفو والتعايش والعدالة وتُعرف المصالحة الوطنية بأنها (عملية للتوافق الوطني تنشأ على أساسها علاقة بين الأطراف السياسية والمجتمعية قائمة على التسامح وتناسي آثار صراعات الماضي لتحقيق التعايش السلمي بين أطياف المجتمع كافة بما يضمن الانتقال الصحيح للديمقراطية من خلال آليات محددة ووفق مجموعة من الإجراءات).

والحديث عن التسامح والعفو من الأهمية بمكان خاصة وأن السودان ومنذ الاستقلال مرّ بصراعات واختلافات مناطقية وعرقية وقبلية، وبالتالي وحتى يصل المجتمع السوداني لمرحلة التعافي السياسي الشامل، لابد من المرور بعدد من المحطات، وهناك ما هو واجب قانوني وحاكومي وما هو مجتمعي:

أول هذه المحطات ضرورة تصالح المواطن السوداني مع النفس وتسامح الخصم وتقبل الآخر وأن يكون الشخص متفائلاً.

ثانياً المصالحة المجتمعية، ومعنى ذلك تحقيق العدالة عبر المحاسبة والاعتراف بأخطاء المؤسسات أو الأحزاب أو الأشخاص الذين ارتكبوا جرماً في حق المجتمعات سواء بالسكوت حيال الانتهاكات أو ممارسة الإقصاء والتهميش والحرمان من الحقوق.

ثالثاً: التصالح السياسي، والسودان أكثر دولة مهيأة لمصالحة سياسية شاملة نسبة لوجود قواسم مشتركة ثقافية ودينية ومذهبية وتقاليد وقيم، وهنا لابد من الاستفادة من هذه القواسم وتأطيرها في الدستور والقوانين المختلفة، ولابد لنا من أن نستصحب كل مبادرات منظمات المجتمع المدني أو الأحزاب التي تدعو للحوار والتعايش، بالضرورة استصحاب تجارب الدول من حولنا مثل رواندا وجنوب أفريقيا وغيرها من الدول التي انتقلت انتقالاً سلساً من حالة الصراع والانقسام إلي التصالح والتعافي .

رابعاً، هشاشة وضعف الاقتصاد لا ينفك من المشاكل الأخرى الاجتماعية والسياسية، وبالتالي التحدي الاقتصادي واحد من أعقد الملفات وهو من الأسباب الأساسية التي أدت لسقوط الإنقاذ عبر انتفاضة شعبية كبيرة، بالتالي وضع تشخيص دقيق ومعالجات علمية ومنهجية سوف يساهم بلا شك في تحقيق المصالحة والتسامح في المجتمع.

خامساً: التحدي الأمني ومعالجة هذا الملف تبدأ بإصلاح المؤسسات الأمنية ودمج كافة الحركات المسلحة مع القوات المسلحة وتدريب وتطوير هذه القوات لتصبح واحدة من الأجهزة التي تساهم وتساعد في عملية الحفاظ على الأمن بعيداً من التدخلات السياسية أو لعب دور الوصي على السلطة أو الأجهزة التنفيذية .

سادساً: رفع الوعي القانوني وإعمال مبدأ فرض هيبة القانون ومساواة جميع أفراد المجتمع أمامه، وفرض هيبة الدولة لا يعني تسلطها وتجبرها .

المجتمع السوداني أحوج من أي وقت مضى للتسامح والتصالح ونبذ الفرقة والشتات والاستفادة من التنوع الثقافي ونسيان الماضي والعفو وعدم اللجوء للعنف من أجل نيل الحقوق، التسامح سوف يساهم في الحفاظ على الدولة السودانية من الانقسام والضياع في ظل الفترة الانتقالية.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى