وجداولها !!

صلاح  الدين عووضة  يكتب :

نعم فشل حمدوك..

وفشلت حكومته؛ بوزرائها جميعهم..

وفشلت – أيضاً – حاضنتها السياسية… بسوء اختياراتها هذه..

ولكن هذا ليس بمبرر لكي نتطلع إلى (انقلابي) جديد… أو يتطلع هو إلى أن يحكمنا..

ثم نبدأ دورة أخرى من دكتاتورية باطشة…تدوم سنوات..

وما من شيء أقعد بنا – حتى تجاوزتنا دول كانت من خلفنا – إلا مثل المغامرات هذه..

فدولتنا صاحبة النصيب الأكبر من الانقلابات… ومحاولات الانقلاب..

وتستحق – من ثم – أن تُدرج في موسوعة جينيس في المجال البئيس هذا… بلا منافس..

 

وقبل فترة بدأت محاكمة البشير بتهمة انقلاب يونيه..

وهي – في نظري – المحاكمة الأهم ؛ من بين جملة محاكماته العديدة… على جرائمه الكثيرة..

فلولا أنه استولى على السلطة بالدبابة لما أمكنه أن يجرم..

يجرم في حقنا…وحق وطننا…وحق الدين نفسه وهو يجترح – باسمه – الفظائع والموبقات..

ثم يسفك من الدماء ما جعل لدينا نهراً ثالثاً…شهيراً..

هو الأحمر القاني إلى جانب النهرين الآخرين؛ الأبيض الصافي… والأزرق العاتي..

ولا شيء شجع على توالي الانقلابات في بلادنا سوى تسامحنا..

تسامحنا المدني إزاء مثل هذا التهور العسكري…والذي لبث فينا من عمره سنين..

من لدن الفريق عبود…وحتى العميد البشير..

ويكفي دليلاً على مثل هذا التسامح البليد إعدة نميري إلى الخدمة عقب إحدى مغامراته..

وكانت إبان الحقبة الديمقراطية الثانية..

والتردد إزاء الزبير – ولا أعلم ما هي رتبته العسكرية آنذاك – أواخر الديمقراطية الثالثة..

وفي المقابل فإن الحاكمين (الانقلابيين) لا يترددون أبداً..

فأقسى العقوبات – وأقصاها – تنتظر من يحاول أن يحذو حذوهم..

والتهمة (محاولة تقويض الشرعية) ؛ وهي تهمة مضحكة جداً…وكأنهم أتوا عبر انتخابات..

وكأنهم لم يقوضوا الشرعية القائمة بالانقلاب عليها..

وانظروا ماذا فعل نميري بجماعة يوليه…وماذا فعل البشير بجماعة رمضان..

نعم ؛ فشل حمدوك… وشلته… وحاضنته… ومستشاروه..

ولكن هذا ليس بمبرر كي يكون البديل دكتاتورية عسكرية جديدة؛ تقتل… وتقهر… وتفسد..

فالمسار الديمقراطي – سيما الوليد – يصحح أخطاءه بنفسه..

والآن علينا تصحيح المسار قبل أن توردنا (الشلة) – وجوقة المستشارين – موارد التهلكة..

قبل أن يسيل اللعاب من أفواه المغامرين… الطامعين..

وعلى حمدوك أن يفهم أن الصبر عليه بات فضيلة لا يملك ترف ممارستها الشعب المطحون..

وذلك بعد صبرٍ قسري على الانقاذ ثلاثين عاماً… أدى إلى انفجار..

 

ويا سيد حمدوك: إن أردت أن (تعبر) فابدأ – أولاً – بمكتبك… وشلتك… ومستشاريك..

وإلا فوالله لن تعبر إلا بوابة (المزرعة)..

وجداولها !!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى