هم الإسبوع

أملان وألم

بقلم : د. محمد عيسي عليو

تصادف أن وقعت ثلاثة أحداث مهمة في هذين الشهرين(أبريل..مايو) من السنين الماضية ألقت بظلالها علي تاريخ السودان ماضيا وحاضرا وبالضروري أن تمتد نتائجها ولهبها إلي المستقبل. فالمستقبل ماهو الا لبوس الحاضر الذي ينسجه .الحدث الأول هو انقلاب مايو ١٩٦٩م وما أضر البلاد إلا هذا الانقلاب الأشر. فهو بداية تحطيم الإقتصاد. وقطع الوصال. وهروب راس المال. وبداية سلسلة لحروب داخلية لم تكن من قبل. وبسبب ذلك أقعد الوطن وساءت علاقته الإقليمية والدولية. وبعد كل النضالات المسلحة والسلمية جاءت ثورة أبريل ١٩٨٥م.فمادام هناك مايو فلابد أن ينطلق وراءه سيف أبريل ليلقي حتفه علي يده ولو بعد حين. صحيح أن الشعب لم يستمتع بالحرية إلا برهة حتي جاءت شرور شمولية أخري تركب طيات شهر يونيو. وترجع بالبلد القهقري لتصبح أسوأ من انقلاب مايو بكثير. علي الأقل مايو لم تفرط في حدود الوطن شمالا وجنوبا. غربا وشرقا وإن أسست مايو للحروب الأهلية إلا أن لهيبها لم يتسع أواره بعنف إلا في عهد الإنقاذ. فالإنقاذ لم تكن كل حياتها إلا حروب وفتن وتدخل دولي وحرب اقتصادي بدليل الدولار قبل الإنقاذ بأثني عشر جنيه وما انهارت الإنقاذ إلا بعد أن وصل الدولار الأمريكي مائة ألف جنيه. حيث انعكس كل ذلك علي الشعب السوداني. فمن لم يمت بالمرض والجوع مات بالصراعات والحروب. .رغم أن الإنقاذ لم ندخلها في هذا الثالوث فلها مقال اخر. الحدث الثالث هو ثورة ديسمبر..أبريل المجيدة التي قامت علي أكتاف الشباب وحدهم ولا أحد غيرهم رغم تجاوب (المنظراتية) من منازلهم. وهؤلاء ليسوا مع الثورة. هؤلاء مع أنفسهم. فهم لم يجدوها مع العهد القديم فلابد من امتطاء صهوات الجديد.فالذي أستحقه الموت وسحقه رصاص الباطشين هو أحق بالثورة من غيره. ويا ما كتبنا وقلنا الثورة ثورة جيل الشباب وحذرنا من سرقتها في وقت مبكر لكن تحذيرنا لم يرح ادراج الرياح ولكنه كاد.والان الشباب يستعدون للمرحلة التالية للثورة والقفاز بيدهم الآن. وواضح جدا أن الحكومة بدات تتلفت لأصحاب الثورة الحقيقيين لتستمر وتستمد منهم الفكر في الجعبة والقرار من منطلق القوة. ومن ذلك نعيش الآن تباشير خير وفير ورزاز غيث بدأ يتجمع ليتدفق سلسبيل من البركة والرحمة علي الشعب. ومشكلتنا الأساسية أننا لم نتعود علي شكر النعم. خاصة سياسي هذا البلد .لا فضل يذكر للغير. يافيها يا اطفيها. الآن نعيش لحظة انفراجات لمقومات كانت شبه معدومة. أولا التيار الكهربائ من منكم كان يتوقع أن يستمر التيار الكهربائ طيلة فترة شهر رمضان الكريم.توفر الخبز .توفر السيولة النقدية وانعدام الصفوف فيها. زيادة الرواتب المذهلة التي لم يصدقها أحد حتي أصبحت واقعا. الحريات المتوفرة لا أمن يعتقل ولا مخابرات تكتب. حتي المعارضة التي كانت تسوم الناس العذاب تستفيد الآن من نسمات الحرية فتقول ما تريد وتفعل ما تريد وما دام ذلك في طائلة القانون فلا تغول عليها. بدأت العلاقات الدولية في الانتظام بعد ما ضاعت لثلاثين عام.املان وألم تعيشها البلاد ولا يمكن أن يغلب عسر يسرين . ونعتقد أن الوطن يمضي في الطريق الصحيح ببطء لكنه إلي الأمام وليس للوراء. فابشروا بخير قادم. الشباب اقترب من اللجام. خلوا لهم السودان والسلام علي الأبواب. واقعدوا فراجة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى