ندعم حكومة حمدوك

تم والحمد لله تشكيل الحكومة بعد تعثر شديد. وطبيعي في هذه الحالة أن يكون هناك تأخير إذا علمنا أن الجهات الخمس المكونة للحرية والتغيير هي أحزاب شتى ومنظمات مجتمع مدني عدة تختلف فكرياً وأيدولوجيًا وجهوياً، لا رابط بينها إلا الوطن وكراهية النظام السابق المدحور. 

لذلك جاء هذا التغيير بحسب عدم وجود إئتلاف سابق بينها في تشكيل أي حكومة. كما أن عدم توفر الثقة بينها زاد من حدة التوجس. على العموم تم تكوين الحكومة ومن ثم أدت القسم. ونحن لا خيار لنا غير تأييد ودعم هذه الحكومة لأسباب أساسية منها أن الوطن مر بظروف عصيبة كان يمكن أن تعصف به ويلحق بأمثاله، ولكن بفضل الله، ثم بحكمة وحنكة أهله أجمعين تفادى المنزلقات والمطبات، ثانياً جاء تأييدنا لهذه الحكومة للظروف المعيشية والصحية والاجتماعية التي عاشها المواطن، فهي أسوأ بكثير مما مر به مواطن الدول المجاورة من معيشة صعبة وغلاء فاحش يزداد كل يوم وهكذا الظروف الصحية والتعليمية، ثالثاً، لقد عاش هذا الوطن نكد الحروب وإفرازاتها مما سبّب للمواطن القتل والهلع والجوع واللجوء والنزوح، ونعيش الآن أزمة خمس حركات تحمل السلاح بعنف ويبدو أنها أحست بظلم الحرية والتغيير، وبدأت تتحرك في أطراف الوطن خاصة في دارفور ومعناه يمكن أن تشتعل الحرب مرة أخرى في أقرب لحظة.

 وأخيراً وليس آخراً جاء تأييدنا لحكومة حمدوك لأننا شعرنا أن المجتمع الدولي الذي ظل يدعم الثورة ما فتئ أن يتراجع من روح الدعم إلى روح الفتور، وإذا فقدنا هذا المدد فإن أمرنا سيكون صعباً. وهناك أسباب يطول ذكرها، فنقول للدكتور وزملائه ربنا يعينكم ويوفقكم ويسدد خطاكم. وأناشد الجميع بدعم هذه الحكومة ومن ثم محاولة تصحيح الأخطاء إن وجدت. نعلم أن كثيرين يرون أن هذه الحكومة لا تمثلهم لأنهم لم يجدوا أنفسهم في مرايتها. ربما يكون ذلك صحيحاً. ولكن في نفس الوقت هناك كثيرون يرون أنها مناسبة. 

وبين هذا وذاك يأتي دور الحكومة نفسها الذي تكسبه الشرعية من خلال الممارسة الإيجابية الفاعلة والقرارات القوية المدروسة. وفي تقديري أمام الحكومة موضوع السلام وموضوع الاقتصاد بالترتيب. ليس هناك سعي البتة لحل المعضلة الاقتصادية إلا بحل معضلة السلام. بمعنى الأولوية القصوى هي الحروب وإبدالها بسلام شامل دائم إن شاء الله. ومن هنا نناشد المجلس السيادي وبالتشاور والتعاون مع مجلس الوزراء بالإسراع في إعلان مفوضية السلام بعد هيكلتها وتحديد مهامها وتعيين شخصياتها بعد دراسة وتمحيص. ومن ثم الاتصال بالحركات المسلحة وطلب الجلوس معها للحوار ومن بعد ذلك التفاوض. وفي تقديري ستكون الحركات لهذا النداء أقرب من رجع الصدى لما تعيشه هي من مآسي الحروب. وخلال أشهر معدودة سيجيء السلام يحمل تباشير غد مشرق واقتصاد يبرق وفجر جديد يبزغ. والمرحلة التي هي بعد السلام كما قلنا الاقتصاد. فهو سينهض بمجرد ما يشتم رائحة السلام، على اعتبار أن الحرب أوقفت الإنتاج، والحرب كلفت الدولة ملايين الدولارات من شراء للسلاح وتعطيل للعلاقات الخارجية. 

وأخيراً أرجو من رجال ونساء الحكومة الجدد الابتعاد عن القضايا الانصرافية والخلافات البيزنطية وعوامل الفتن وضبط التصريحات. هل أولوياتنا هي تغيير شعار تلفزيون السودان؟ هل أولوياتنا هي المذاهب الأربعة ووجوب تغييرها ونصفها بالمزعجة كما قالت إحدى الوزيرات؟ هل أولوياتنا هي إرجاع اليهود إلى السودان؟ هل أولوياتنا هي الابتذال والتعري حتي نثبت أننا نعيش المدنية؟ هل أولوياتنا هي الحجاب ونزعه؟ يا ناس اتقوا الله وانظروا إلى مصالح العباد. بهذه الطريقة وكأنكم تريدون أن تحيوا أرباب النظام المباد بأنهم هم الذين كانوا يحمون الإسلام وعندما حضرتم أنتم انقضضتم عليه. هكذا يفهم هذا المواطن البسيط. لماذا تعطون أرباب النظام المدحور السلاح ليقاتلوا بعد أن أصبحوا عزلًا.

كل رجاءاتي أن تتوفق حكومة حمدوك لنخرج جميعاً من هذا النفق المظلم، وليس ذلك على الله ببعيد إذا أخلصنا النوايا وأخرجنا أنفسنا من خبثها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى