عضو المجلس السيادي الفريق أول ياسر العطا حول 6 أبريل لـ(الصيحة):

 

*الثورة لم تفشل ولكن المخاض عسير

* من هاجموا مبادرة حمدوك رأوا أن الخطوة تذهب ضد مصالحهم

*لن نسمح بحدوث انقلاب والشعب لا يسقط ثورة من أجل خبز

*للتأريخ “برهان وكباشي وحميدتي” بريئون من فض الاعتصام

* اختلف مع حميدتي في (… ) ولكنه رصيد حي لتأمين الثورة

في بهو القصر القديم وداخل المكتب الأول بعد الاستقبال وفي هدوء تام، يشعرك بأن ليس ثمة ما يشغل باله، كأن “هنالك مواطن بالخارج يحمل أوجاعاً صحية واقتصادية مثقلة بالمتاعب”.. ولكن بعد الجلوس إليه تغيّرت النظرة الهادئة إلى همة عالية من الرجل الذي يضع أمامه حزمة من الأوراق التي يشير إليها تارة بالقلم الأسود، وأخرى بالأحمر وكأنه أدرك تماماً ما تحمله له (الصحيفة) من أسئلة تصب في نفس المُعترك، وفي ذكرى مرور عام لثورة أبريل المجيدة.. كان حاضر الجواب، ملماً بكل التفاصيل القديمة والجديدة.. يدافع عن الثورة بشراسة، وتعهد بأن لا يكون هنالك انقلاب مرة أخرى.. يوزن كلماته ويحمل أدق تفاصيل السلام والتغيير والاقتصاد والدولار وصفوف العيش.. إنه الفريق أول ركن ياسر العطا الذي أكد في هذا الحوار الذي أجرته معه (الصيحة) أن الحال قبل الثورة كان أكثر سوءاً مما عليه الآن.. ووصف العطا ثورة 6 أبريل بالتاريخية، بيد أنه وإن بدا كثيراً خلال الحوار مدافعاً عن فكرته، إلا أنه لم ينس أن يكون مُعاتباً لهوى النفس في أحيانٍ أخر، بذات القدر:-

حاورته: عوضية سليمان

6 أبريل 1985 و6 أبريل 2019 وجه الشبه بينهما؟

 صمت، ثم ضحك، ثم قال إنّ الشمس والقمر نوران ساطعان بشعاع الثورة وعنفوان هذا الشعب العظيم قاد ثورة يحكي عنها التاريخ، وسوف تحكي للأجيال والآن كل العالم يحكي عن تميُّز الثورة السودانية وغاياتها وقيامها  في 2019.

 في مثل هذا اليوم تم إسقاط نظام المخلوع، فماذا حققت الثورة الآن وماذا تعتمره من ذكريات الثورة الأولى؟

انتصار الشعب السوداني كان انتصاراً ضد الفساد والظلم، وان الشعب السوداني بعد سنين طويلة من حكم شمولي، انتفضت الثورة من كل مدن السودان، المدن الكبيرة والصغيرة، وانتصرت.. الثورة لها أهداف معينة وهذه الأهداف تمت صياغتها في الوثيقة الدستورية والآن نحن بعد مخاض عسير وبعد ثورة مضادة نستطيع أن نقول إن الثورة اشتد ساقها وعودها، وسوف ترى مستقبلا مشرقا.

ما الذي لم تحققه الثورة حتى الآن؟

لم تفشل ولكن المخاض عسير جداً.. والثورة في اتّجاه الحرية، فهي قد حققت الكثير، فهناك العديد من القوانين الداعمة للانعتاق والحرية للشعب السوداني، بما فيها مساواة وتقاسم الفرص. وفي سبيل العدالة، الثورة بدأت في تحقيق العدالة الانتقالية والعدالة القائمة بالإضافة إلى دعم اتجاه السلام، رغم أن الشعب يتكلم عن تأخيره، إلا أنه ناتج عن حرص الثورة على السلام المُستدام.

البعض يقول إن التجربة أثبتت فشل حكومة حمدوك ووزرائه؟

حمدوك لم يفشل والوزراء في التشكيل الحكومي لم يفشلوا، ولكن في أي دائرة إدارية صغيرة مهما كان تحتاج الى تولي الأمر في عدد من الأشهر لتلمس المشكلة التي حدثت في (30) عاماً من الخراب والدمار، لذلك لا نحكم عليهم بالفشل، وان الحكومة عرفت الطريق السليم والأهداف المرحلية والاستراتيجية والنهائية، وكل القطاعات والوزارات الآن تعمل بناءً على أهداف الثورة. ولذلك نؤكد أن حكومة الثورة لم تفشل.

هل استشعر حمدوك خطورة على الثورة والديمقراطية، لذلك طالب بالبند السادس؟

حمدوك لم يذكر ذلك في مناقشة الأمر في الاجتماعات، لكن في اعتقادي الشخصي قد ألمح لهذا، لذلك طالب بهذا القرار، وليطمئن حمدوك وكل الوزراء والأحزاب السياسية والحرية والتغيير والشعب السوداني والشباب ولجان المُقاومة بأنه لن يحدث انقلابٌ في هذا الوطن ونحن موجودون، وستمضي مسيرة الديمقراطية والثورة لغاياتها حتى يعم السلام والاستقرار البلد.

علاقتنا الخارجية بعد الثورة بين الاستقلالية والانطلاق من التقييد، كيف وأين تراها الآن؟

حسب تقديراتي السياسة الخارجية، بدأت بصورة طيبة في اتجاه تحسين العلاقة مع الغرب الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بصورة عامة، والولايات المتحدة الأمريكية، فرئيس مجلس الوزراء بذل مجهودا مقدرا ووزارة الخارجية ووزير المالية، ولكن تفاجأوا بأن هنالك شروطاً عديدة في اتجاه إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب حتى ينفتح على العالم بصورة تساعدنا على استثمار هذه العلاقات لصالح الوطن، والناس يجب ألا تحبط والمسيرة تمضي في هذا الاتجاه وعلاقتنا الخارجية بدأت بصورة طيبة مع دول الخليج ومصر، وهنالك بعض الأصوات أثرت نوعاً ما على العلاقة، ولكن نحن بصدد التفاهم لرؤية موحدة بمشاركة المجلس التشريعي ومجلس الوزراء والحرية والتغيير لصياغة جوهر الانفتاح الخارجي.

البعض يقول إن الأوضاع الاقتصادية باتت أسوأ مما كانت عليه قبل الثورة؟

قبل الثورة كان الحال أسوأ بكثير والآن الأفق موجود، وإذا نحن ذهبنا في عدد من الاتجاهات، وأنا شخصياً أرى أن نخطو خطوات في أيام معدودة في اتجاه عددٍ من الزيارات مع أعضاء المجلس السيادي، وأخص نائب المجلس السيادي ودولة رئيس الوزراء والمالية ووزير الخارجية بزيارة إلى روسيا والصين لتمدنا بدفعة كبيرة جداً في دفع الإسهام لتعافي الاقتصاد، وفي نفس الوقت رئيس الوزراء يمشي مع تمديد العلاقات مع الغرب، لكن القطاع الاقتصادي لابد عليه من العمل لوقف التهريب ويسيطر على السلع لنوفر حصائل صادر تدعم الاقتصاد خاصة الذهب والبترول والقطن والصمغ العربي والكبكبى والسمسم، وضمان تأكيد عودة حصاد الوطن للعملة الحرة. وإذا لم نعمل ذلك فليست هنالك سياسات تحفيزية من كل الاتّجاهات، فقط نحتاج لبعض المجهودات.

سعر الدولار تجاوز 140 جنيهاً، كيف تتم مُعالجة تدني سعر الصرف والتحكم في النقد الأجنبي؟

سياسات خاطئة موروثة ولا اريد ان أقول تعاقدنا في اتجاه تعديلها بسياسات أخرى، وتقديراتي أن الحكومة التنفيذية كانت في اتجاه الدعم الخارجي أكثر من الإصلاح الداخلي وهذه أخطاء العهد السابق مما أدى الى رفع الدولار.

العلاقة بين العسكري والمدني في السيادي ومُستقبل الشراكة بينهما؟

لا أنظر إلى مجلس السيادة بأنه مكونان ولكن الحقيقة هم مكون واحد وجسد واحد وهدف وكتلة واحدة في التفكير، والغرض واحد ولا ثمة فرق بيننا.

الناظر لتحالف قوى إعلان الحرية يرى تباينات تصل لدرجة الخلاف أحياناً، كيف تنظر إلى مستقبل العلاقة بينهما؟

أنا لصيق جداً بقوى الحرية والتغيير فهو يتكون من سبع كتل، وداخل كل كتلة عدد من المُكوِّنات وهذه المكوِّنات من ناحية سياسية من أقصى اليمين لأقصى اليسار، وهذا التحالُف أنجز ووحّد كل التيارات في تحالُفٍ عريضٍ.. وإذا راجعنا التاريخ لم نجد مثل هذا التحالف والمكونات، واستطاع إدارة الثورة منذ بدايتها إلى أن حقق النجاح.. هنالك تبايُن في الفكرة والأسلوب وهم انحازوا على أهداف مُعيّنة وانحازوا للمؤسسة العسكرية، وهنالك اختلافٌ في كيفية تحقيق الأهداف، لكننا سوف نحن نحافظ عليها.

لجنة أديب حتى الآن لم تكشف عن النتائج الخاصة بفض الاعتصام، برأيك مَن المستفيد من تأخير النتائج؟

والله أنا أتحدث عن المتضرر، والمؤسسة العسكرية هي المتضررة من عدم إعلان نتائج فض الاعتصام.. لكن نجد العذر لأديب وأن هذه المسألة معقدة جداً وبطبيعة المؤسسة العسكرية وما ينتظمها من عمل سري دائماً وعندما يقول استجوبت وحققت مع أكثر من ثلاثة آلاف وستمائة شخص تقريباً وأربعة آلاف شريط مسجل، فالعمل ضخم ويحتاج الى حرص اللجنة ونبيل للوصول من أجل العدالة للمتهمين وأُسر الشهداء وللشهداء أنفسهم وللشعب السوداني، ونتمنى أن يسرع في إعلان النتيجة ونثق تماماً في براءة المنظومة العسكرية.

كيف تنظر إلى سير مفاوضات السلام ومساراتها الخمسة؟  

جذور المشكلة حتى لا نحقق سلاماً مع عبد العزيز الحلو أو مني أو جبريل وعبد الواحد نور، وبعد عدد من السنين يأتي منهم عبد الواحد آخر وهكذا، ونحن رغبتنا بأن لا يكون هنالك سوداني لديه غبن حتى يرفع السلاح مرة أخرى وفي حل المشكلة في جنوب دارفور أو كردفان أو النيل الأزرق ليس على حساب الشمال أو الوسط، بل نسعى للمساواة بينهم، نتقاسم الموارد ونجتهد ونحن نمضي بخطى ونهتم بضرورة السلام وأهميته ليس كعناوين عريضة، بل لحلحة الجذور والقضية سودانية ليس الحلو وخلافه، والآن القضية وضحت والناس تتحدث عن مسارات ليس المصطلح، بل هي قضايا وقد تولد غبناً في الشمال والشرق والوسط والأنقسنا ونحن في اجمال القضايا السودانية قضية الحرب وكانت هنالك حرب في الشرق والحدود.

هل يمكن تشكيل المجلس التشريعي قبل الوصول إلى السلام مع قوى الكفاح المسلح؟

السلام أصبح وشيكاً وأنا أرى أهمية تشكيل المجلس التشريعي، ولكن بخطوة من قوى إعلان الحرية والتغيير والتفاهم مع الجبهة الثورية يمكن أن نصل إلى اتفاق، مثلاً العدد بالمجلس كذا والجبهة الثورية كذا، ويتم تعيين المجلس والمسألة ليس كبيرة، ولكن خطوة الاتفاق تسبق هذا ومن الممكن أن تتم خلال اليوم ويتم تعيين المجلس التشريعي.

هل نتوقع تشكيلاً جديداً للحكومة يضم حركات الكفاح المسلح؟

بالتأكيد بعد تحقيق السلام لا بد لهؤلاء أن يشاركوا في السلام وفي اتخاذ القرار السيادي لهم مشاركة، في مجلس الوزراء والتشريعي في كل المفوضيات هذا حقهم.

مبادرة حمدوك التي أطلقها تحت شعار “القومة للسودان” كيف تنظر لها؟

مبادرة طيبة جداً ومباركة ولكن المبادرة نفسها كانت تحتاج لسياسات داخلية لتعافي الاقتصاد وخارجية حتى تتكامل كل هذه المبادرات، وقد تأتي بفوائد ولكن قد تكون محدودة وهذه المبادرة قد يتم تطويرها لتخرج لنا بفوائد مقدرة وعظيمة.

كيف تنظر للتجاوب مع المبادرة؟

بالتأكيد الذين يريدون أن لا تمضي الثورة نحو غاياتها ويتعافى البلد اقتصادياً هم ضد المبادرة، لأنّ انهيار الاقتصاد يمضي في تنفيذ أغراضهم في اتجاه الثورة المُضادة ومصالحهم الشخصية.

رؤيتكم للانتخابات القادمة؟

نحن على يقين إننا سنعمل في اتجاه قانون انتخابات يتوافق عليه كل الشعب السوداني عبر استعداد سُكاني دقيق وتوزيع عادل للدوائر الاقتصادية، المفوضية مستقلة تماماً ومرضي عنها من الجميع ليشهدها العالم أنها حرة ونزيهة وتشكل منعطفاً في تاريخ السودان.

الواقع يقول إنّ المرحلة حرجة وتحتاج إلى إنقاذ عاجل ومباشر لأن التدهور الاقتصادي وصل مرحلة متقدمة؟

نعم بالتأكيد نحتاج لدعم خارجي من الأشقاء العرب والدول الكبرى والمانحة والأمم المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأفريقي والولايات المتحدة ونظام مصرفي عالمي.

صفوف الخبز أسقطت نظام مايو من قبل وكذلك الإنقاذ، هل تتوقع أن تجهض الثورة؟

الشعب لا أظنه سيفقد ثورته من أجل الخبز، والثورة ليست من أجل الخبز فقط، بل تفتقت لأجل الظلم والانتصار على الشمولية والاضطهاد والاستبداد والعنجهية.. الشعب خرج لعدد من الأسباب.. وكان مظلوماً من بداية عهد الإنقاذ إلى أن أسقطها.. ولذلك لا بد لنا من أن نكرم هذا الشعب الذي قام بالثورة العظيمة.

هل ستتأثر لجنة أديب بما قلته من أحاديث واتهامات؟

لخبرة أديب الطويلة سوف لن يتأثر بأي حديث.. ولكن للأمانة وبكل صدق أن الفريق أول “حميدتي” لا أريد أن تفقده هذه الثورة فهو رجل بمعنى الكلمة وهو رصيد حي لتأمين الثورة عسكرياً واقتصادياً واجتماعياً وفي كل الاتجاهات.. أنا شخصياً قد اختلف معه في اجتماع ويشهد الإخوة المدنيون في المجلس السيادي على ذلك، ولكن للحق هذا الرجل لا غنىً عنه وسوف يستفيد منه الوطن ومن قُدراته وإمكاناته.

كيف تعبر الفترة الانتقالية بأمان؟

أن نجتهد تماماً كما قلت سابقاً في تعافي الاقتصاد، وعلى الحرية والتغيير أن تكون يداً واحدة مع لجان المقاومة وقيادة تحت أهداف وتوجهات واحدة وإزالة الصورة القبيحة ما بين المدنيين والعسكريين.. لابد من أن تزيل هذه الفجوة المصطنعة، وهؤلاء العسكر أبناء هذا السودان، قدّموا أنفسهم لحماية الوطن، وعلى الناس ألا تتعجل إلى الاتّهامات فيما يخص فَضّ الاعتصام، لأنّ الأمر من بعد تحول لتصفية حسابات تجاه رموز الثورة من العسكر فكل من لا يحب حميدتي مثلاً يقول هو من فض الاعتصام، وكذلك كباشي والبرهان وياسر العطا. والله والله هؤلاء بريئون تماماً عن ذلك.. والله للشعور بالظلم والغبن الحاصل في المؤسسة العسكرية كنت أتمنى أن يجيبوا مائة لجنة أممية من مختلف دول العالم بغرض التحقيق في الأمر حتى تظهر براءة هؤلاء الرجال، لأن الثورة المضادة ضد الثورة من بداياتها وهي التي نشطت في هذا الاتجاه والزمن سوف يثبت ذلك اذا لم تثبته لجنة الاستاذ نبيل أديب.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى