الخبير المهندس حسن الشيخ لـ(الصيحة): هذه (…) أبرز مشاكل المياه في السودان

 

المياه هي السلعة الوحيدة التي لا بديل لها
غياب التخطيط وضعف الإمكانات أبرز مشاكل المياه في السودان
معرفة قيمة (المياه) تكون بالالتزام بدفع فاتورة الاستهلاك
غياب التخطيط وضعف الإمكانيات أبرز مشاكل المياه في السودان
معرفة قيمة (المياه) تكون بالالتزام بدفع فاتورة الاستهلاك
حوار- هناء عز الدين عبد القيوم
المهندس حسن الشيخ محمد الحسن الحاج، من أبناء أم درمان بيت المال، درس الابتدائية في مدرسة بيت المال، والمتوسطة في مدرسة الأهلية المتوسطة، والثانوية في مدرسة المؤتمر العليا، خريج جامعة الجزيرة كلية الهندسة الكيميائية متزوج وأب لـ(4) بنات، امتدت سنوات اغترابه لـ(27) عاماً، قضاها بين المملكة العربية السودية ودولة كندا.
(الصيحة) التقته في حوار علمي ومهني حول المياه ومشاكلها بالسودان واقعها ومستقبلها، وقد كشف المهندس حسن الكثير من الحقائق العلمية وقدَّم رؤى في غاية الأهمية وذلك في سبيل التخطيط لإيجاد حلول عملية لمشاكل المياه في دولة من أغنى دول العالم بمصادر المياه.
* تجربتك بين الاغتراب في الخليج والهجرة إلى دولة كندا.. كيف كان ذلك؟
فكرة الاغتراب كانت بعد وفاة الوالد في العام 1993م، عندما أصبحت معيل الأسرة، فسافرت إلى السعودية وقضيت بها 23 عاماً, لكن تعليم الأولاد هو ما دفعني للتفكير في الهجرة إلى كندا. والذي لا يستوعبه بعض المغتربين، هو أن دول الخليج، دول تعاقدية لفترة محددة وليست دول لاستقرار، فالأوضاع لاحقاً تجبر الأسرة على الانفصال بسبب تكلفة التعليم الباهظة, لذلك وبسبب تعليم الأبناء كان لابد من التفكير في دول متقدِّمة يمكن لنا أن نندمج في مجتمعاتها بسهولة ونتمتع فيها بكل امتيازات المواطنة، لقد جاءت فكرة كندا، ولكن لا شك أن دول الخليج لها الفضل على تجربتي وذلك من التأسيس والخبرة في مجال المياه، إضافة إلى المستوى المتقدَّم لدولة كندا في مجال المياه .
*هل يوجد بديل للمياه؟ وماهي مواصفات الماء الصحي؟
عندما نتحدث عن المياه، فنحن نتحدث عن سلعة ليس لها بديل فهي السلعة الوحيدة التي لابديل لها لأنها ليست كالطاقة التي يمكن أن يكون لها بدائل واستخداماتها مختلفة فالمياه المستخدمة في الشرب، ليست هي المياه المستخدمة في الزراعة، وبالطبع فإنها تختلف عن تلك المستخدمة في الصناعة، ولكل منها مواصفات خاصة، فالمياه ليست نادرة فحسب، بل أنها تعالج معالجات مختلفة لتؤدي أغراض معينة.
* السودان بالرغم من إمكانياته المائية الضخمة إلا أنه يعاني من (العطش)، مقارنة بدول إمكانياتها ومصادرها من المياه أقل؟
تحلية مياه البحر هي عملية مكلفة جداً بينما المياه العذبة تحتاج إلى جهد أقل في التحلية فملوحة المياه العذبة أقل من 500PPM لكن مياه البحر 45 ألف PPM هي نسبة ملوحتها فهي تحتاج كم هائل من الطاقة لتكون مياه شرب.. فبعض الدول إذا لم تكن نفطية تملتلك إمكانيات من الصعب عليها بمكان تحلية هذه المياه بهذه الطاقات ومن ثم تطوير مشاريع المياه لأنها مكلفة إضافة إلى ذلك دور الحكومات الرشيد والسياسات التنموية بعيدة المدى لها دور في تطور تلك الدول في مجال هندسة المياه ومراعاة التعداد السكاني و حساب الزيادات المتوقعة في دراسات التخطيط الحضري وإعداد خطط تنموية .
*ماهي أبرز مشاكل المياه في السودان؟
أكبر مشكلة الإمكانيات واعتمادات الميزانيه الضعيفة التي أثرت على مستوى الخدمات في السودان.. مشاكل المياه في السودان مشاكل تخطيط وإمكانيات، لأنها مشاريع مكلفة وتحتاج إلى ميزانيات ضخمة من قبل الدولة، من حيث البُنى التحتية والتخطيط الاستراتيجي وتوفير قطع الغيار و المواد الكيماوية والصيانة الدورية والصيانة الوقائية.
وكل ذلك يحتاج إلى رصد ميزانية وتحصيل قيمة بيع المياه كمصدر للصرف على المرافق .
في السودان نعتمدعلى المحطات النيلية هي مياه رغم عذوبتها تحتوي على رواسب طينية تحتاج فلتر وترسيب لإزالة الطمي والعوالق الأخرى ثم تعقيمها، عموماً المياه لا تخلو من ثلاث مشاكل هي مواد عالقة تحتاج فلترة ويتم فصلها عن طريق عملية فيزيائية مكانيكية عن طريق الفلاتر، وأملاح ذائبة في الماء تحتاج إلى إزالتها عن طريق الأغشية والتناضح العكسي (Membrane RO)، والمشكلة الثالثة هي تعقيم المياه عن طريق تعريضها للأشعة فوق البنفسجية أو بإضافة غاز الكلور أو غاز الأوزون.
* الصرف الصحي من المشاكل التي لم تجد لها الحكومات المتعاقبة حلولاً ناجعة… لماذا؟
مشكلة الصرف الصحي في السودان من أكبر المشاكل، إذا أنه لا توجد شبكة صرف صحي في البلاد، والشبكة الموجودة لا تغطي سوى 3% أو أقل من العاصمة، ناهيك عن الأقاليم،
ومن المفترض أن تتولى الدولة إنشاء شبكة صرف صحي ومحطات الصرف الصحي والصرف الصناعي، بحيث يستطيع كل مواطن ربط بيته بهذه الشبكة بكل سهولة هذا العرف السائد في كل دول العالم، أما (السابتنتانك) وحفر آبار السايفون يؤثر على نظافة مياه الشرب مما يسبب اختلاط مياه الصرف الصحي مع مياه الشرب، إذا توجد أحياء بعيدة من النيل فيتم عمل آبار، واستخدام طبقات الأرض.فما يحدث أن مياه الصرف المحيطة بهذه الأحياء بالذات لو كان حياً مثل الرياض مثلاً به كمية من آبار (السابتن تانك) من الطبيعي أن تتلوَّث مياه الشرب به ببكتيريا تسمى (_آي كولاي _ Escherichia coli) فإذا وجدت هذه البكتيريا يعني أن هناك تلوُّث في مياه شرب، وأيضاً التعقيم يحتاج إمكانيات فغاز الكلور غاز خطرعلى سلامة الإنسان محتاج محاذير وتدابير عند استخدامه وحقنه كغاز عن طريق أسطوانات. كما يمكن استخدامه سائل في المحطات الصغيرة يستخدم كصوديم هاييوكلورايت أو كالسيوم هايبو كلورايد.
*ما العلاج في رأيك؟
هنالك معالجات يمكن أن يقوم بها الأفراد مثل استخدام محطات صرف صحي مدمجة متكاملة والاستفادة من المياه النتاجة في ري الحدائق وتصلح هذه التقنية في المجمعات السكنية والعمائر السكنية، وهي تقنية سهلة وبسيطة يمكن تصنيعها بالداخل، ففي الدول المتقدمة في كندا يتم دفع قيمة الماء الداخل وقيمة الماء الخارج أي أن مياه الصرف الصحي -أيضاً- عليها فواتير رغم أن كندا من الدول الغنية إلا أنها ترشد الماء، فإنسان السودان يحتاج إلى دورات في الوعي بقيمة الماء.
*وماذا عن أزمة المياه ببورتسودان؟
مدينة مثل بورتسودان جوجتها في اليوم الواحد 120 ألف لتر مكعب، منها 40 ألف لتر مكعب، من خور أربعات والـ80 ألف، مفروض يتم تحليتها من مياه البحر الأحمر، حسب إحصائيات 2017 عندما زرت المدينة وبالتأكيد هذه الأرقام زادات مع تزايد سكان المدينة، وبحسب معلوماتي الأن كل محطات تحلية المياه ببورتسودان معطلة، إذا كل مشاكل المياه في السودان هي مشاكل تخطيط وإمكانيات ووعي بقيمة المياه ويجب على السودانيين إدارك مدى قيمة المياه وعدم الإسراف فيها عبر استخدام وسائل ومعالجات ذكية تتمثل في فصل مياه الصرف الصحي من مياه المغاسل او ما يطلق عليها (المياه الرمادية) وهي مياه يمكن فلترتها واستخدامها في الزراعة.
* هل يمكن الاستثمار في مجال المياه في السودان؟
مشاريع الاستثمار في مجال المياه لابد أن تكون قومية، لأنها مكلفة ولايمكن لأفراد القيام بها، ولكن مع ذلك هناك استثمارات فيها من قبل شركة تركية، والمجال مفتوح أمام الشركات الكبيرة، فالمياه السودانية قريبة جداً سواءً أكانت جوفية أو نيلية ولا تحتاج إلى تكلفة عالية، فقط تحتاج فلترة وبعض المعالجات .
*أخيراً ماهي رسالتك للمواطنين؟
لا شك أن مشاكل المياه في السودان كثيرة، ففي الخرطوم تختلف عنها في الولايات، فهنا نجد ما يسمى بعسر المياه وهي مياه تصدر رغوة، مهما اختلطت بصابون لأنها غنية بأملاح مثل الماغنيزيوم لذلك فإن نصحيتي لكل شخص بأن لا يشرب من المياه إذا أحس بأن طعمها متغيَّر، فيجب أن تحاولوا غلي المياه قبل استخدامها وذلك لأن هنالك مياه تتلوَّث حتى بعد الغليان، كما يجب على المواطنين توفير المياه وترشيد الاستخدام حتى لا نفقدها، فهي سلعة نادرة في دول أخرى، وكل المهتمين باقتصاديات المياه يؤكدون بأن الحرب القادمة في العالم ستكون بسبب المياه وقد يحدث ذلك في المستقبل القريب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى