مقرر لجنة السلع بالمالية علي عسكوري في حوار مع “الصيحة”

 

لا معاملة تفضيلية للفاخر.. ومن يطعن في نزاهة المالية سنقاضيه

إذا شعرتُ بمحاباة أي شركة سوف أترك الوزارة

بواخر محملة بـ80 ألف طن جازولين وبنزين لحل الأزمة

موقف القمح مطمئن وهناك إشكاليات فنية في الطحن والتوزيع

عقود استيراد المشتقات البترولية ليست من مهامنا

 

شاهدته للمرة الأولى في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير المالية بشأن توضيح علاقة الوزارة بشركة الفاخر وأتيحت له الفرصة للحديث عن موقف السلع الإستراتيجية، ولكن نسبة للهرج والمرج الذي ساد لم نسمع منه كثيراً من المعلومات أو الأرقام عن موقف القمح والدقيق والجازولين والبنزين، وكان واثقاً من نفسه بدرجة أنه تساءل بأن لا أحد زاره بمكتبه لمعرفة الموقف الحالي، وأكثر ما لفت الأنظار إليه جنوحه نحو لغة التهديد والوعيد لكل من يكتب حرفاً يقدح في نزاهة المالية أو موظفيها.

ومن هذا المنطلق كان لابد لنا من ملاحقة الرجل في حوار ساخن للحصول على إجابات مقنعة لما يدور حول السلع والأزمات الاقتصادية الراهنة.

فلنتابع ماذا قال مقرر لجنة السلع الاستراتيجية بوزارة المالية علي عسكوري في حواره مع (الصيحة).

 

حوار: رشا التوم

تصوير : محمد نور محكر

*ما هو الموقف الراهن للسلع الاستراتيجية في البلاد؟

الموقف ليس جيدا بالطبع، ولكن اتخذنا قراراً بعدم إصدار أرقام عن موقف السلع الاستراتيجية لجهة أنها معلومة أمنية وثبت أنه يتم استغلالها لأجنده سياسية، والموقف معروف في الشارع العام والأزمة في طريقها للحل تدريجياً وتعمل الحكومة على حلول نهائية.

*ولكن هناك تكدس كبير للشاحنات وسيارات النقل العامة طلباً للجازولين فما هي جهودكم لحل الأزمة؟

لدينا باخرة تفرغ حالياً في ميناء بورتسودان حمولة 40 ألف طن، وأخرى جاهزة أيضاً للتفريغ بحمولة 40 ألف طن إضافة إلى الإنتاج المحلي، وغداً سوف تنجلي الأزمة وتقع على وزارة الطاقة مسؤولية ضخ الوقود وتوزيعه، وأقر بأن هناك أزمة صعبة، ولكن نسعى لتحسين الموقف الراهن، وسوف تتوالى البواخر تباعاً، وهناك بالطبع أزمة عملة صعبة للوفاء بالتزامات هذه البواخر، ولكن نبحث مع بنوك ومؤسسات مختلفة لتوفير خطوط اعتماد تمويل للوقود والدقيق وخلافهما وهذه العملية تستغرق بعض الوقت.

*وماذا عن القمح؟

الموقف في تحسن وسوف يستمر التحسن.

*ولكن صفوف الخبز في تطاول مستمر؟

بالأمس تم تفريغ باخرة محملة بالقمح في الميناء، ولا توجد أي مشكلة في القمح، المشكلة في الدقيق والتوزيع ومقدرة البلاد على توزيع الدقيق وتهريبه والمطاحن تعمل بطاقتها القصوى، ويتم طحن أكثر من 80 ألف جوال دقيق يومياً، وحاجة البلاد بما فيها الأقاليم وليس العاصمة فقط حوالي 100 ألف جوال يومياً ونعمل حالياً باكثر من 83 إلى 84 ألف جوال في اليوم وليس من المفروض أن نشهد صفواًف في العاصمة على أقل تقدير، والولايات لديها أسباب منها شح الوقود ما لم تكن هنالك قضايا نحن لا نعلمها، ووزارة التجارة تراقب وتتابع هذا الملف، ووقوف المواطنين في الصفوف قطعاً يؤلمنا، ولكن القضية لها أبعاد كثيرة، ووزارة المالية لا تشرف على التوزيع ومهمتنا استيراد القمح وإيصاله إلى المطاحن، وتقع المسؤولية على وزارة التجارة، وهم يبذلون قصارى جهدهم لمتابعة الطحن والتوزيع مع الوكلاء، وهناك أكثر من باخرة خارج الميناء وبصدد توفير الأموال لدخولها، ولا نقول إن المشكلة قد حلت بالكامل، وعلى الناس عدم القلق ويجري البحث عن ترتيبات تمويلية جديدة مع عدد من البنوك.

*ما هي جنسيات تلك البنوك؟

نبحث مع بنوك سودانية وأجنبية ودول صديقة ومؤسسات مالية مانحة تقدم تسهيلات لميزان المدفوعات، وهذا الأمر يضاف إلى حصيلة الصادر، وما نجده من الذهب تحديداً، ولكن القضية ليست التمويل فقط، وهناك قضية السعة التخزينية والمناولة والتفريغ في الموانئ والمطاحن والمعوقات الإدارية سواء في مؤسسات الدولة أو خلافها وهناك قضايا كثيرة تنعكس بصورة نهائية على وصول السلع الضرورية.

*ما هي الحلول المستقبلية لإدارة أزمة السلع الاستراتيجية في تقديركم؟

الأزمات الاقتصادية ظلت قائمة، ولم تكن بالوزارة إدارة خاصة ومسؤولة عن السلع الاستراتيجية، والآن أقوم بتأسيسها وهي إدارة حديثة، وكان هناك عدد من الأفراد في إدارات مختلفة يقومون بهذه المهام، وهو أمر كان مقصوداً، وتوزعت بين بنك السودان والمالية والتجارة بنوع من الاتكالية وعدم التواصل بين هذه المؤسسات لإدارة قضايا حساسة تهم حياة الناس.

*متى تكونت إدارة السلع؟

صدر قرار بتاريخ 16 فبرايرالماضي، وكلفت بمهمة إنشاء إدارة للسلع الاستراتيجية وتشمل القمح والوقود والدواء والكهرباء وصادرات الذهب وولاية المالية على المال العام ونقوم باختيار الكفاءات لوضع سياسة محددة لإدارة هذه الملفات الساخنة، ومنذ تعييني أبحث عن التمويل وأقوم بمهام ربما تكون خارج صلاحياتي لإيجاد حلول.

*عجز بنك السودان عن توفير مبلغ 28 مليون دولار فهل ما زلتم تمضون بنفس السياسة والاعتماد عليه لتوفير النقد الأجنبي؟

هذا موضوع موروث، وإبان النظام البائد تم تحويل بنك السودان المركزي إلى بنك تجاري، وكان النافذون في المؤتمر الوطني يستفيدون من وضعية تمويل البنك لصادرات الذهب والحصول على تسهيلات ويعود عائد الصادر إلى البنك، وبتلك الطريقة تحول البنك إلى منافس للبنوك التجارية، وهذا خطأ، واستمر الأمر حتى ديسمبر العام 2019م، وحدث أن بنك السودان فشل في توفير مبلغ 28 مليون دولار لباخرة مُتعاقد عليها تقف خارج ميناء بورتسودان، وعندما حار بهم الدليل اتصلوا على السيد وزير المالية لضمان دخول الباخرة في توقيت حرج حتى لا ينعدم الدقيق تماماً في البلاد، واستناداً علي خطورة الموقف شرع الوزير بحسب مهامه في اتصالات مع مسؤولين في الدولة والقطاع الخاص والبنوك بحثاً عن المبلغ لإكمال إجراءات دخول الباخرة، هذا الأمر أثاره البعض بصورة خاطئة ويتحدثون عن طرح عطاءات، وأقول إن للوزير صلاحيات والبلاد في حالة طوارئ وتعيش أزمات حقيقية لا يمكن معالجتها باللوائح والنظم المتبعة في الظروف العادية.

*لماذ لم تقوموا بفتح عطاءات درءاً للشبهات؟

غير وارد فتح عطاءات تمتد فترتها إلى ما يقارب 50 يوماً فتدخل الوزير لضمان دخول الباخرة ووجدت الأموال لدى شركة الفاخر، ومنعاً للتجاوز اشترط الوزير على الفاخر أن يتم الدفع بالمقابل المحلي، وفقاً لسعر بنك السودان، وهذه حقائق يتجاهلها من يخوضون في هذا الأمر، ويتم استغلال المبالغ التي تدفعها وزارة المالية بالسعر الرسمي من بنك السودان ومن يريد أن يتحرى عليه الذهاب إلى بنك السودان وأن يتم استغلال الحصيلة لتصدير الذهب والمركزي كان محتكراً لصادر الذهب وفي معيته شركات الامتياز واشتراط الوزير على الفاخر بتصدير الذهب منعاً للمضاربة في الدولار، وعليه طلب الوزير من البنك السماح للفاخر بتصدير الذهب، وهذه الخطوة فتحت الطريق أمام القطاع الخاص وخروج المركزي من صادر الذهب تماماً.

*ولكن هناك من يقول إن الفاخر تناول امتيازات دون غيرها وبحسب ما ذكر تمت الاستعانة بها في ظرف استثنائي، لِم الإصرار على التعامل معها حتى اليوم؟

لا توجد أي معاملة تفضيلية للفاخر على الإطلاق، ومثلها مثل أي شركة، والوزارة لا تحتكر للشركة ولا تمنحها أي امتيازات واي شركة أخرى تكمل الاشتراطات المطلوبة نوجهها لشراء القمح والوقود، وهذه ملفات مفتوحة لمن أراد الاطلاع على الحقيقة وأكرر لا توجد معاملة تفضيلية أو احتكار وتخصيص أو سماح للشركة بعدم تحويل حصيلة الصادر وإنما يتم استغلال الحصيلة وفقاً للضوابط وأسوة ببقية الشركات، والآن نرتب مع شركة سيقا لتصدير ذهب والتعاقد معها لاستيراد 90 ألف طن قمح، وتعاقدنا مع شركة سين لشراء 120 ألف طن، وهذه شركات موجودة يمكن للناس الوصول إليها، فكيف لنا أن نحتكر؟ والأمر الآخر أن الوزارة لا توقع عقود الجازولين والبنزين والغاز، وهناك نوايا مبيتة لإدانة الفاخر، ولا علاقة لي بها، فكيف يتم اتهام المالية باحتكار هذه العقود للفاخر؟ وإن كانت هناك أي مشكلة في العقود فيمكن الذهاب إلى وزارة الطاقة.

فالمالية تدفع الأموال رغم أنه نظام خطأ وموروث منذ العهد البائد، ولوزارة الطاقة صلاحيات زائدة عن المطلوب، وهذه قضية سوف تحل داخلياً ونحن فقط يتم إخطارنا بأن يتم الدفع للشركات، وأكرر أن المالية لا تتعاقد على استيراد الوقود والغاز مما ينفي أننا نحتكر شيئاً للفاخر.

*صدر قرار بتشكيل آلية اقتصادية لدراسة الأزمات قد تفسر المسألة بأن الإدارة الاقتصادية فشلت في إدارة شئون البلاد؟

ليس بالضرورة، ولكن جوهر الأزمة أن البلاد تعتمد فقط على حصائل صادر الذهب بنسبة 95% لتمويل السلع الضرورية ولأن الوضع مأزوم والبلاد تعرضت إلى هزات سياسية وأمنية وإشكالات موروثة في علاقتنا مع العالم الخارجي إبان النظام السابق، مما حرمنا المعونات الاقتصادية والتسهيلات بالصورة المطلوبة كعضو في المجتمع الدولي وهذه قضايا معلومة والحكومة تعمل على حلها وتستغرق بعض الوقت، والأزمة في جوهرها أزمة في العملات الصعبة، والبديل الثاني إلى أن يعاد بناء القاعدة الإنتاجية للاقتصاد والانفتاح على العالم وتوفير صادرات كافية منعاً لإشكاليات في استيراد السلع الضرورية، وإلى حين حل هذه القضايا نحتاج للاستفادة من صادر الذهب وغيره من الصادرات من السلع الزراعية والاستعانة بما يقدمه لنا الأصدقاء من الدول الشقيقة والمنظمات من تسهيلات إئتمانية، فهذا هو الوضع وتلك المنظمات والدول تتعرض بعض الأحيان العلاقة معها إلى شد وجذب بحكم التحولات الإقليمية، وفي خضم هذا المناخ الصعب تحاول وزارة المالية الحصول على أكبر قدر ممكن من التسهيلات لتمويل هذه السلع.

ومن جانب آخر، فالخدمة المدنية ومؤسسات الدولة الواجب عليها إدارة قضية السلع إما ضعيفة أو غير موجود ة ووزارة المالية انتبهت إلى الحاجة لإدارة موحدة لإدارة السلع الاستراتيجية تشرف على تمويلها ومتابعتها وإعداد التقارير بشأنها، والقضية لها عدة أبعاد يصعب حلها وأعتقد أن هذه الآلية التي شكلتها الدولة برئاسة السيد نائب رئيس مجلس السيادة مهمة وهي للمتابعة و معالجة القضايا قبل أن تستفحل.

*من قبل هددت بمقاضاة أي شخص يقدح في المالية وعلاقتها بالفاخر واتخاذ القانون سبيلاً للدفاع فهل أنت مصر على رأيك؟

ثورة ديسمبر العظيمة أقرت بأن زمن الغتغتة انتهى، وإذا أي شخص يمتلك معلومات عليه الذهاب إلى الشرطة أو النائب العام، أما أن تستغل وسائل الأعلام لتطعن في أمانة الناس ومؤسسة كاملة فهذا أمر غير مقبول.

ولا يمكن توجيه اتهامات دون أدلة، وأي شخص يوجه اتهاماً للمالية أو موظفيها والمسؤولين بدون أدلة سوف نوجه المستشار القانوني للوزارة لفتح بلاغ، وإذا أرادوا انتقاد السياسات فمرحباً بذلك، ولكن التهم الجزافية والطعن في ذمة المسؤولين دون وجه حق هذا غير مقبول، وأنا لا أدري لماذا يخاف الناس من القانون، وأنا لم أقل بأنني سوف أحمل عصا وأضرب من يتهمنا، وقلت أن من يخطئ ويتهم الناس جزافاً سوف آخذه إلى القانون وهذا حقي.

*يدور همس بأن المالية تحابي الفاخر على بقية الشركات لأنها مسنودة من شخصية نافذة؟

عملت في موقعي الحالي لفترة لا تتجاوز الثلاثة أسابيع، ولا أعلم من يقف خلف الفاخر، وعند تعييني وجدت هذه الشركة تعمل.

*مقاطعة.. وهل يعمل غيرها من الشركات فعلياً؟

أجل يعمل فعليكم سؤال سيقا وسين وروتانا والحمامة فهل تعاقدنا معها أم لا؟وان لست في موقع سياسي وأتعامل مع الشركات على قدم المساواة ولست معنياً إطلاقاً إن كانت الفاخر يدعمها نافذ أو لا، فهذا لا يعني لي شيئاً واللحظة التي أشعر فيها بأن هناك ضغوطاً تمارس علي لمحاباة أي شركة سوف أترك الوزارة.

*الذهب يُهرب عبر المطار فما هي الآلية لمنع ذلك في رأيك ؟

عقد اجتماع في مجلس الوزراء ضم كل القوات النظامية بمكوناتها المختلفة ومدير المطار والطيران المدني ووزارة المالية والتجارة وأي جهة لها علاقة بقطاع تصدير الذهب، وتم اعتماد معايير محددة، وفي المطار تم الاتفاق على تفتيش أي شخص بغض النظر عن ماهيته، وهذه الضوابط قيد التنفيذ وأتوقع إغلاق المنافذ للتهريب عبر المطار وإجراءات الردع ليست كافية، وأعلنا عن سياسة تشجيعية ومنحنا المصدرين سعراً وفقاً لبورصة دبي والقانون ضعيف للمخالفين لضوابط التهريب وأي شخص يُهرب تتم المصادرة وتطبيق الإجراءات القانونية.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى