والي جنوب كردفان د. حامد البشير لـ(الصيحة):  اتفاق الحلو والبرهان إنجاز كبير وقرار صائب

المشكلات الأمنية أبرز القضايا التي تواجهنا وسنتغلب عليها

الولاية تسودها حالة ارتياح واطمئنان بتفكيك الشبكات الإجرامية

د. حامد البشير اختير لرئاسة حكومة ولاية جنوب كردفان في ظل ظروف معقدة تمر خلالها البلاد بفترة تثبيت الديمقراطية التي تمر اليوم من خلال حكومة انتقالية متجانسة بين العسكر والمدنيين. سيما وأن الولاية إحدى الولايات التي ذاقت مرارة الحرب وآثارها خلال العقود الماضية. بيد أن نشاطاً حيوياً بدأ يدب في أوصال الولاية المهمة بعد أن رست سفينة السلام، وهاهو قد تم عقد اتفاق مع أحد قيادات المنطقة في الحركات المعارضة وهو زعيم الحركة الشعبية شمال عبد العزيز آدم الحلو فيما عرف بالاتفاق الإطاري، أيضا تواجه الولاية المعضلات المعيشية التي يشتكي منها المواطن السوداني بمرارة، ولكن الولاية وضعت العديد من المحاذير والشروط للقفز بالولاية وإنسانها فوق كل هذه التعقيدات.

(الصيحة) جلست للسيد والي الولاية وطرحت عليه المحاور التالية:

أجراه: عبد الله عبد الرحيم

*أبرز المشكلات الأمنية التي تواجهها ولاية جنوب كردفان برأيك؟

دون شك أن سرقة الماشية مثلت الجريمة رقم واحد في أعمال النهب والسرقة، بالإضافة إلى الاعتداء على المواطنين من قبل مجموعات وأفراد مسلحين، وطبعًا هذه الأعمال الخارجة على القانون أدت للأسف لوقوع جرائم قتل لبعض الأبرياء، وذلك على الطريق القومي الرابط بين الأبيض وكادوقلي عند محلية القوز في منطقة الدبيبات، ولهذا تداعى المواطنون في الداخل والخارج لعقد هذا المؤتمر والحوار للخروج بحلول تُنهي هذه الحوادث.

ـ هل تم توقيف متهمين في الحوادث السابقة؟

أولاً، لابد من تقديم الشكر إلى كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية على الجهد المبذول لإقرار الأمن والاستقرار وجعل حركة المواطن دون أي تقييد في كل وقت متى ما شاء ذلك، وقد تم وضع خطة أمنية محكمة بقيادة الرائد عاطف وزملائه وفعلت نجحت في الاستقرار والحفاظ على حياة الناس وحسم التفلتات بملاحقة الخارجين عن القانون.

ـ  هل تعتقد أن هذه الخطة الأمنية قد أحاطت بالمجموعات المتفلتة؟

أؤكد لكل شعب ولاية جنوب كردفان أنه تم تفكيك الشبكات الإجرامية، بل المجرمين الذين ليسوا في السجون أصبحوا معروفين وتحت الرقابة الأمنية، وحالياً هناك حالة ارتياح وشعور بالاطمئنان من قبل المواطن، وقطعاً الأمن مرتبط بالسلم المجتمعي والتنمية من خلال توفير البنيات الأساسية المتعلقة بها.

ـ حكومة الولاية أبلت بلاءً حسنًا في استتباب الأمن فماذا تقول لمكونات الولاية لمحاربة الخارجين عن القانون خاصة؟

ظللنا نردد بأن المجرم لا قبيلة له وعلى كل القبائل والمجموعات السكانية نبذ المجرمين والخارجين عن القانون وعدم توفير الحماية وشرعنة أعمالهم التي تسيئ لكل إنسان، ونحن في حكومة الولاية حريصون على أن يكون فرد واحد هو السبب في إفساد الود بين قبيلتين أو مجموعات سكانية عاشت منذ قرون في مكان واحد بكل تسامح وتصافٍ، لذا نجدد الدعوة للجميع أنه من غير المقبول والمعقول أن تكون نتيجة سرقة ونهب وقتل مجموعة محددة حرباً وصراعاً قبلياً تشتعل ناره ولا تفرق بين جانٍ وبريء.

ـ بعض القبائل مازالت ترى أهمية الفزع حال وقوع الحادث؟

نعم.. هذا هو الواقع.. لذا نحن في حاجة للتوعية ونشر ثقافة عدم أخذ الحق باليد وترك القانون يمارس صلاحياته، كما قلت إن مجرم واحد أو مجموعة متفلتة محددة يجرم لنفسه وليس من الحكمة جر قبيلته أو مجموعته في صراع يؤدي الى حرب وتفلت يهدد حياة الجميع، ونجدد الدعوة بعدم توفير أي حاضنة اجتماعية للمجرمين أو طوق نجاه لدفع الدية أو خلافه من تسويات.

ـ هل مسببات إغلاق الطريق القومي (الأبيض – كادوقلي) بعد الخامسة مساءً لا زالت مستمرة؟

هذا القرار ليس مرتبطاً بعدم الأمن، ولكن نحن في حكومة الولاية نعتقد أننا ما زلنا ضمن الولايات المصنفة بالهشاشة الأمنية والتي لم تخرج من الحرب كلياً بشكل رسمي، حيث أنها خاضعة للعمليات العسكرية  والطوارئ وفقاً للرؤية الصادرة من الجهات ذات الصلة، وبطبيعة الحال هذا يجعل اللجنة الأمنية تتخذ قراراً بعدم السماح للمواطنين بالحركة والتنقل بعد الخامسة مساء في محيط المنطقة الواقعة ما بين الدبيبات وكادوقلي سواء دخولاً أو خروجاً.. حيث إن القوات النظامية هي المنتشرة فقط في هذه المنطقة.

ـ هذا القرار هل يخضع للمراجعة بين الحين والآخر أم هو قرار مستمر؟

قطعاً اللجنة الأمنية لحكومة جنوب كردفان تجتمع بشكل دوري ومستمر وتنظر في كل تفاصيل القضايا الأمنية خاصة العاجلة منها، وبالتالي نراجع ونقيم الأوضاع الأمنية وفقاً للمستجدات ومدى تحقق الاستقرار الأمني في كل المحليات، وعليه يكون إصدار القرارات سواء كانت المتعلقة بالتشديد لحفظ الأمن أو التي تخفف من الانتشار الكثيف للقوات.

ـ الولاية معقدة عسكرياً فهل تقييم اللجنة الأمنية للأوضاع نابع من هذا الوضع؟

دون شك.. قرارات وتقييم اللجنة الأمنية لا تنطلق على الدوام من أن الولاية مازالت منطقة عمليات.. ولكن عندما تأتي التقارير الأمنية بذيوع الجماعات المتفلتة وانتشارها هنا وهناك لابد من قرارات حاسمة لحفظ الأمن وقطع الطريق عليهم، حيث أن حياة المواطن وتوفير البيئة الآمنة مسؤولية الدولة دون شك، وعليه أن حال الطوارئ تحتم على المواطن التقيد بها لحين سحب الارتكازات في وقتها المحدد.

ـ نسف الاستقرار في جنوب كردفان وإشعال الفتن هل هو مخطط لجهة ما؟

أعتقد أن كل شيء وارد وليس من المستبعد أن تكون هناك جهات لها مصلحة في نسف الاستقرار الأمني والمجتمعي في الولاية.

ـ حسب تقارير الجريمة بالولاية فإن أغلب الخارجين عن القانون من الشباب.. خطتكم لمعالجة قضاياهم؟

شريحة الشباب تعتبر هي الأهم حيث إن ثورة ديسمبر ثورة شباب.. وفي ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة كان لزاماً علينا في حكومة الولاية إجراء اتصالات وحوارات تتعلق بإيجاد الحلول لقضايا الشباب، حيث عقدنا اجتماعات مع مفوض مفوضية تخفيف حدة الفقر، بجانب مدير مصرف الادخار، وذلك بهدف توفير التمويل للمشروعات المتعلقة بالشباب.

ـ هل من تصور لتلك المشروعات الشبابية؟

نستهدف تجميع مشروعات الشباب في جمعيات وحالياً نريد توفير التمويل لجمعيتين، مع جمعيات نسوية في كل محلية، هذا بالإضافة الى 34 مشروعاً كضربة أولى، ونحن حالياً في انتظار أفكار ومبادرات الشباب لاستكمال الاتفاق مع بنك الادخار مباشرة والإعلان عن  تعاون استثماري بين حكومة الولاية والمصرف في مشروعات الشباب.

ـ التمويل والدعم لهذه البرامج من أين يأتيكم؟

لدينا اتصالات أخرى مع عدد من الجهات التمويلية لم تكتمل بعد للدخول في شراكات اقتصادية واستثمارية في مجال التدريب المهني والتقني لاستيعاب الفاقد التربوي وإعادة تأهيل الشباب، حيث إن ظروف الحرب والصراع في الولاية جعل هناك عددا ضخماً من الفاقد التربوي  سواء كان العائدون من مناطق الحركة الشعبية أو الذين هم في قرى ومحليات الولاية المختلفة، وكل هؤلاء يستحقون العناية والاهتمام وتوفير السبل ليكونوا ضمن دائرة الإنتاج.

ـ المرأة تمثل نصف المجتمع ما المشاريع التي تقدمها الولاية وتستهدف من خلالها المرأة لمواجهة شظف العيش؟

طبعاً المرأة دفعت الثمن الأكبر في الحرب بجنوب كردفان وقد ترملت وفقدت الابن والأخ والأخت وقبل ذلك الأب.. وبكل صراحة المرأة في جنوب كردفان “شايلة الشيلة”، ونحن نأمل في إعداد مشروعات لتحسين مداخيل النساء ومساعدتهن في كسب العيش الكريم، كما ندعو النساء إلى المبادرة بطرح المشروعات التي تتناسب ومختلف الأوضاع في محليات الولاية، حيث إن المانحين يحتاجون لوضوج الرؤية ودقة المشروعات.

ـ مدى توظيف علاقاتك الإقليمية والدولية لصالح المشروعات بالولاية؟

بكل صراحة هذا هو سبب بقائي في سدة الحكم حتى الآن.. حيث أنني أسعى لتوظيف علاقاتي في مجال التنمية وارتباطه بالمنظومات الدولية الداعمة والمانحة والمهتمة بالتنمية الريفية وتحسين الأوضاع في القرى والمناطق الريفية. وأبشر عبركم مواطني الولاية أنه وعبر تقنية برنامج “الزووم”، تم عقد اجتماعات مكثفة من شركات اسثتمارية وتقديم معلومات عن المشروعات المتاحة ومناخ الاستثمارات في محليات الولاية والموارد المتوفرة والمتاحة.

ـ ما هي أبرز تلك المشروعات الاستثمارية في ولايتكم؟

ناقشنا مع تلك الشركات أهمية الاستثمار في المهابط والمطارات وطرح مشروع مطار أبوجبيهة حيث إن المنطقة منتجة لعدد من المحاصيل والمزروعات ذات الجودة العالية مما يفتح الفرصة لصادر المنتج الزراعي بشكل احترافي يعود بالقيمة الإضافية للبلاد والولاية. كما هناك مشروعات الثروة الحيوانية وتنشيط التجارة الحدودية مع دولة جنوب السودان عند منطقة “الليري”، وغيرها من المعابر الرابطة مع الولاية، ونعتقد أن هناك اهتماما متعاظماً من قبل كبريات الشركات في العالم بولوج الاستثمار في السودان خاصة ولاية جنوب كردفان.

ـ على ذكر الاستثمارات.. هل لديكم تصور لمؤتمر باريس لدعم السودان؟ 

نعم، منذ وقت تم إعداد تصور ليكون ضمن خطة الدولة العامة للمؤتمر، حيث أننا في الولاية نطرح مشروع الطريق الدائري من العباسية وحتى منطقة الليري الحدودية، وطريق زراعية على رأسها الدلنج – هبيلا، والدلنج – كرتيلا، أبوكرشولا – السدرة، هذا بالإضافة الى مشروعات السدود وحصاد المياه، حتى يتمكن المزارعون من الإنتاح مرتين في العام بوفرة المياه. كما أن لدينا مشروع مطار الدلنج الإقليمي في منطقة (كُركُراية)، مع مهبط للطائرات في كل من القوز وتلودي، بجانب الحوار لإنشاء معبر تجاري في منطقة جنجا الحدودي ما بين السودان وجنوب السودان، كذلك نخطط لإنشاء بورصات للمحاصيل في كادوقلي وهبيلا والدبيبات وأبوجبيهة وتلودي، ومحاجر للثروة الحيوانية في القردود المنطقة المتاخمة لشمال كردفان، كذلك في منطقتي الحاجز والعباسية.

ـ ولكن ماذا بشأن قانون الاستثمار الذي لم يعتمد بعد؟

نحن نخطط ونرتب الأوضاع ونثق أن القانون في الطريق للإجازة، لذا نفكر في إيجاد شركات لتمويل مجالات الطاقة من خلال الطاقة الشمسية، وخلال المناقشات مع بعض الشركات وردت تساؤلات حول التمويل السيادي.. وهو حالياً موقوف بقرار من وزارة المالية.. ولكن نحن نمضي في تجهيز وترتيب المشروعات حتى نكون بالقرب من الباب.. ومتى ما تم إلغاء القرار ندفع بالطلبات للمشروعات للمانحين ووزارة المالية معاً.

ـ برأيك ما هي أبرز تحديات التنمية في الولاية؟

المشكلة الرئيسة في الولاية تتعلق بضرورة إنشاء البنى التحتية المتعلقة بالطرق والطاقة لإيجاد الاستثمار في مجالات الزراعة خاصة زراعة القطن المطري في الجبال، والخضر والفاكهة وقيام المصانع، حيث إن الولاية بها نحو 2 مليون شجرة مانجو ونخطط أن نصل الى 20 مليون شجرة لتكون الولاية الأولى في العالم انتاجاً للمانجو، لذا وضعنا مطاري أبوجبيهة وكادوقلي لتكون للصادر، سواء كان اللحوم أو المنتجات الزراعية.

ـ مشكلة التسويق ستظل قائمة، هل لديكم رؤية للأمر؟

نعم، وضعنا خطة شاملة لاستكمال العملية الإنتاجية، وخلال التواصل والحوار فتحنا خطوطا للتسويق في جنوب السودان والخليج وأوروبا، بل حتى الولايات المتحدة الأمريكية وذلك من خلال شراكات مرتقبة.

ـ وماذا بشأن إشكالات الثروة الحيوانية المتعلقة بالصادر؟

لدينا خطط في هذا السياق لأجل تحسين النسل وتوفير التحصين واللقاحات المطلوبة لضمان خلو الماشية من الأمراض، حيث أن الولاية تملك ما يفوق الــ10 ملايين رأس من الماشية التي تتلقى تغذية طبيعية وتجد القبول والرغبة من دول العالم لطيب مذاق اللحوم والألبان.

 ـ معالجة الولاية لعملية التعدين الأهلي ببعض المناطق وآثارها؟

التعدين أحد الملفات الاستثمارية المهمة بالولاية، لكن يحتاج لتقنين، واشتراطنا الأساسي أن تكون هنالك شركات تعمل بصورة تطابق متطلبات البيئة وصحة الإنسان، وأن تكون هنالك توعية بهذا الخصوص لتقليل الضرر الذي يتعرض له إنسان المنطقة، نحن في حاجة لمؤتمر قومي لتنظيم وتقنين التعدين الأهلي، هنالك فوضى كبيرة جداً صاحبت هذا النشاط الذي يحتاج لكنترول حتى يكون الأمر في مساره الصحيح.

* فيما يتعلق بإلحاق الحلو وعبد الواحد بعملية السلام، هل جرت اتصالات شخصية منكم مع تلك الاطراف؟

الأخ عبد العزيز الحلو له التحية والتقدير، الحقيقة ليس لدي معه تواصل مباشر وآخر مرة كان قبل ستة أشهر عن طريق السيد رئيس مجلس الوزراء وكان تواصلًا مثمراً جداً. وعلى أثره تواصل معنا جزء من أتباعه في الميدان وتوصلنا معهم لاتفاق يسمح بمرور الماشية في رحلتها السنوية، وهو شخص متفاهم في القضايا الاجتماعية.

* كيف ترى الاتفاق الذي تم بين رئيس مجلس السيادة وعبد العزيز الحلو؟

أفتكر هذا إنجاز كبير وقرار صائب، من قبل الجانبين، بالرغم من اللبس الذي حدث في ما يخص علاقة الدين بالدولة، وأظنه لا يكون له أثر كبير على واقع الناس.

*هل هنالك توقعات بوجود مناهضة لهذا القرار من قبل أبناء الولاية؟

طبعاً نتوقع؟ لأن مفهوم الدين يختلف من شخص إلى آخر، وكذلك تباين الوعي، ونتفق أن التعبير حق للجميع، إذا فهم الناس العلمانية بصورتها الصحيحة نجدها جزءاً من حياة الناس.

* هل من الضرورة حوار خاص بهذا الأمر؟

الحوار مهم لبناء الأمم، ولا يمكن أن تأخذ الناس بالخلا وعلينا فتح قنوات متعددة للحوار في المجتمعات.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى