سفير السودان بجنوب السودان عادل إبراهيم في حوار مع  “الصيحة”

 

الفشل في إدارة التنوُّع قاد لانفصال الجنوب.. وهذه المشكلة عَقَبة في تأمين الحدود

السلطات الانتقالية لا دخل لها بهذا العمل.. وتشكيل حكومة جوبا بعد التسوية

لهذا السبب استقبل الجنوبيون ثورة ديسمبر بإعجاب.. وهذا ما قاله سلفاكير حول أبيي

 

تعد العلاقات بين الخرطوم وجوبا نموذجاً متميزاً للعلاقات الثنائية بين شعبين يربطهما الوجدان والتاريخ والجغرافيا والحدود والتداخل الأسري المشترك، الأمر الذي يجعل مواطني البلدين محل تقدير واحترام لبعضهما، وتسعى الدبلوماسية السودانية في عهدها الجديد إلى إقامة علاقات خارجية قوية وخاصة مع دول الجوار التي تعتبر العمق الاستراتيجي للبلاد.

ويلعب السفير عادل إبراهيم مصطفى سفير السودان بدولة الجنوب دوراً فاعلاً في إزالة تركة النظام البائد وتلافي آثاره السلبية التي عكرت صفو العلاقة بين الدولتين، ويعمل لتمتين العلاقة بين الخرطوم وجوبا لإنجاز اتفاقيات السلام في البلدين وتعزيز لغة الحوار والتصالح.

والمتابع لحراك المفاوضات بردهات فندق “بيرميد” يشهد بحركة السفير الدؤوبة ولقاءاته بكافة الأطراف دون فرز، فمعًا إلى مضابط حوارنا معه.ز

حاوره  فى جوبا: الغالي شقيفات

*كيف تنظر للعلاقات بين السودان ودولة جنوب السودان بعد تغيير النظام؟

أعتقد هي أهم علاقة للسودان مع دولة أخرى، باعتبار أن البلدين كانا شعباً واحداً لفترة طويلة، والفشل في إدارة التنوّع قاد لانفصال جنوب السودان، والآن  واضح  جداً أن  الانفصال سياسي، نعم هنالك دولتان، لكن كشعب لا زلنا شعباً واحِداً، وسوف يظل الوجدان المشترك بين  الشعبيين، هو الذي يجعل العلاقات ممتدة، وفي حال ادارتها بصورة جيدة بإمكاننا تحقيق الكثير من الفوائد للدولتين.

*الرئيس سلفاكير في خطابه تحدّث عن العلاقات بين السودان وجنوب السودان في يوم توقيع السلام،  تمنى أن تسير القوافل من شندي إلى مريدي، هل في هذا إشارة إلى علاقات مميزة وجديدة؟

بالتأكيد فيه إشارة مهمة جداً وهو ما نعمل له.

وأنتم تعلمون أن الحدود بين البلدين ظلت مقفولة لفترة طويلة وبذلت جهود  كثيرة لفتح المعابر الحدودية المتفق عليها في اتفاقية الترتيبات الأمنية، وتم عمل كبير لفتح “٤” معابر، لكن هنالك مشكلة أساسية في تقديري هي التي تقف أمام فتح الحدود.

*مقاطعة.. ما هي هذه المشكلة؟

بالتأكيد هي مسألة تهريب البضائع  والسلع بين السودان وجنوب السودان، لو نظرت للسوق في جنوب السودان وهو سوق مُستقبِل جداً للبضائع والسلع السودانية، نجد أن  معظم السلع والبضائع السودانية متوفرة، لكن لا تأتي بصفة رسمية، ويدل هذا على عمليات تهريب واسعة تتم، وتشمل حتى بعض السلع الاستراتيجية كالبنزين والسكر وغيرهما، فبالتأكيد الذين يعملون في هذا المجال لهم مصالح في عدم فتح الحدود.

*ألم تجدوا حلولاً لهذه المشلكة؟

بالتأكيد نسعى للحلول، والرئيس سلفاكير في شرحه قال “إن هناك شاحنات وعربات تأتي من شندي ودنقلا لا يعترضها أحد صحيح، إلا أت تلك التي يكون من ورائها المهربون أو من يدعمون المهربينـ ويسهلون لهم”،، وهذا يتطلب عملاً كبيراً للقضاء على التهريب، والآن هنالك ثلاثة معابر تقريبًا تعمل، وهي معبر “الميرم أويل المعبر النهري” ، والمعبر “البري جودة الرنك”، وهناك معبران يفترض فتحهما مع “الضعين سماحة وهجليج بانتيو”، ولابد في البداية الاتفاق على توفير حماية مشتركة، وإذا تم الأمر يساعد في التغلب على العراقيل والعقبات والمصاعب التي تجعل الشاحنات لا تأتي من دنقلا وشندي إلى جوبا.

*كيف تنظر لتجربة التعامُل النفطي؟

أعتقد أن التجربة كانت ناجحة في التعاون في المجال النفطي، الآن التعاون يسير بطريقة ممتازة جداً، بين السودان وجنوب السودان، واتفاق البلدين لتوفير حماية مشتركة لمناطق إنتاج النفط لعب دوراً كبيراً في أن يسير التعاون بهذه الطريقة، وهناك مساعٍ لنقل هذه التجربة، ولو بطريقة محدودة للتأمين رغم اتساع الحدود مما يتطلب مجهوداً ضخماً، ولكن لابد منه، حتى يستفيدوا.

*في رأيك ما هي الميزة للسودان حتى يعبر بتعاونه مع دولة جنوب السودان؟

السودان له ميزتان، أولهما الوجدان المشترك الذي يجعل السلع من سلع الصادر مثل البصل والتمباك، في المقدمة، ويدخل الميزان التجاري، أيضاً في جنوب السودان، هنالك سلع مثل الأخشاب والفواكه الإستوائية مثل الأناناس نحتاج إليها وتصبح تجارة ذات اتجاهين، العامل الآخر في مصلحة السودان وهو الميزات التفضيلية التي يمتاز بها السودان على غيره من دول الجوار كالبنى التحتية التى تربط بين البلدين من طرق، خط أنابيب إلى بورتسودان، كلها تميز السودان وتجعل من العلاقات التجارية متطورة بصورة كبيرة مع جنوب السودان، لجني فوائد كبيرة من ورائها.

*كيف تنظر إلى زيارة اتحاد العمل الجنوبي للسودان؟

نعم، بالتأكيد هذه الزيارة تصب في اتجاه تطور علاقات التعاون بين القطاع الخاص مع البلدين، لأنه أصبح له دور في الاقتصاد، وتمتين التعاون يمكن أن يساعد في حركة التجارة بينهما للاستيراد والتصدير، وهنالك اتصالات بينهما، ومذكرة تعاون سبق توقيعها بين اتحاد أصحاب العمل في البلدين، لكن لا يوجد تفعيل لما تم الاتفاق عليه  للتصدير والاستيراد بسبب إغلاق الحدود بصورة واضحة..

*أشار الرئيس سلفاكير في مضمون حديثه عن ما حدث أخيراً في أبيي إلى الدولة العميقة أو النظام السابق، هل تعتقد أن هناك أيادي تقف وراء الإشكاليات التي تحدث من وقت لآخر؟

لابد من ذلك، وأعتقد الذي حدث في أبيي مؤسف جداً، وكلنا استمعنا لحديث الرئيس سلفاكير في أن السلطات الانتقالية في الخرطوم لا دخل لها بهذا العمل، وإنما هو عمل قامت به الدولة العميقة وكتائبها من دفاع شعبي وغيرهما، لكن الحديث هذا لابد منه أن الناس تعمل على ألا يتكرر مرة أخرى، وأن أبيي لها وضعها الأمني يمتاز بخصوصية، والقوات الأممية “يونسفا” المؤقتة مسئولة عن الأوضاع الأمنية في أبيي، وكانت مقصرة حقيقة، ولأول مرة البلدان يتفقان على هذا التقصير، لكن اللقاء الذي تم بين النائب الأول للمجلس السيادي والرئيس سلفاكير، واللقاء الذي سبقه بين وزيري دفاع البلدين ساهم في احتواء الذي حدث في أبيي، والاتفاقيات خرجت عنه في تكوين لجنة تحقيق مشتركة لتحديد والتوصل للذين تسببوا في الأحداث ومحاسبتهم، ثم تشكيل قوات مشتركة خارج أبيي حسب اتفاقية أبيي، لا يمكن وجودهم بداخلها، لأن “اليوناميد” موجودة، لكن يمكن أن يتم تفعيل الأشياء الإدارية، وإنشاء شرطة مشتركة بين البلدين لحفظ الأمن داخل أبيي بالاتفاق مع “اليونسفا” نفسها ويمكن أن يتم في إطار الآلية السياسية والأمنية المشتركة، ومتوقع أن يكون لديها اتفاق قريباً.

*هل تم حسم ترسيم الحدود؟

تقريباً تم حسمها، لكن في بعض المناطق لا زال مختلفاً عليها، لكن الروح الجديدة لرئيس الورزاء اختار أول زيارة خارجية له أن تكون لدولة جنوب السودان، وأعتقد أن له مدلولات تتمحور حول وجود إرادة سياسية جديدة، لأننا ما تعوّدنا أن نعرف أين يذهب مسئولونا، والأمر الآخر الاتصالات التي تمت والثقة الكبيرة التي بُنيت بين القيادات في البلدين بدليل محادثات السلام السودانية التي ترعاها جنوب السودان، والدور الذي يلعبه السودان في اتفاقية سلام جنوب السودان، وزيادة التعاون بفتح الحدود، كل هذه المسائل عندما يرتبط البلدان مع بعضهما بمصالح مشتركة كبيرة وكثيرة يُمهد الطريق لتسوية القضايا العالقة مثل أبيي وقضايا الحدود وإعفاء الديون، وكل هذه القضايا.

* أنتم كدولة السودان تقومون بوساطة بين طرفي الحكومة والمعارضة في جنوب السودان بقيادة نائب رئيس المجلس السيادي محمد حمدان دقلو أين وصلتم؟

السودان كضامن للاتفاق يلعب دوراً كبيراً جداً في المحاولات الجارية لتسوية القضايا العالقة، الترتيبات الأمنية وعدد وحدود الولايات، وبُذل جهدٌ كبيرٌ من خلال نائب رئيس السيادي حميدتي، وأيضاً الدور يقوم به السودان بحكم عضويته في “إيقاد”، والآن رئاسة السودان لـ”الإيقادط تضاعف المسئوليات تجاه دعم عملية السودان في جنوب السودان، الآن الفترة قبل الانتقالية في نهايتها، وقد مُدِّدت مرّتان، آخر مرة  مُدِّدت بواسطة القمة الثلاثية التي عُقدت في عنتيبي في يوغندا 100 يوم، وتنتهي يوم  22 المفروض تتكون الحكومة الانتقالية في يوم 22/ فبراير، والآن كل الجهود تنصب حول تشكيل الحكومة الانتقالية من خلال تسوية القضايا العالقة بين أطراف الاتفاقية على رأسها الحكومة من جانب، وفصيل رياك مشار من جانب آخر.

*هل نتوقع رفع الإقامة الجبرية عن مشار قريباً؟

نتوقع ذلك، وهي طبعاً يفترض أن تُرفع بواسطة قمة عادية لإيقاد، عندما فرضت حظر السفر وليس إقامة جبرية لرياك قررت أن تنظر  في الأمر بقمة عادية، نتوقع ذلك في أقرب  قمة عادية لإتاحة حرية الحركة لرياك مشار.

*من خلال وجودك في جنوب السوان كيف يستقبل الشعب الجنوبي التغيير في السودان وثورة ديسمبر؟

نعم، بالتأكيد استقبل الإخوة في جنوب السودان ثورة ديسمبر بمشاعر مختلطة بالفرح والترقب والحذر والخوف من أن تحدث فوضى في السودان، وأكيد أنهم أول دولة تأثرت، وفرحوا لأنهم يعلمون مدى تأثر الشعب السوداني بسياسيات النظام البائد، واستثماراته في مجال الحرب، أيضا كغيرهم من الآخرين استقبلوا الثورة بإعجاب كبير ككل العالم، بسبب حضارتها وسلميتها، وشعاراتها التي رفعتها التي تدعو إلى الحرية والسلام والمساواة والعدالة، وهي حقيقة من جذور المشاكل التي أدت إلى انفصال جنوب السودان، وكذلك لامست الثورة الوجدان الثوري للزعيم الخالد الراحل جون قرنق، لذا كان هناك إعجاب شديد، وكانت هنالك تساؤلات عديدة حول مدى تأثيرها في مسألة السلام في جنوب السودان، وهل السودان سيستمر بنفس القوة في دعم اتفاق السلام أم الانصراف  إلى مشاكله الداخلية، ولكن القصة هذه انتهت بزيارة حمدوك وإقامة علاقات كبيرة  ودعم السلام في السودان.

*ما هو دوركم في اتفاق السلام؟

السودان من الدول الضامنة لتنفيذ الاتفاق، والسودان بحكم عضويته في “إيقاد” يتولى هذا الأمر، والآن أصبح رئيس “إيقاد”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى