الأحزان والأسى في أسبوع الوداع

 

في الأسبوع الماضي كان العالم وبلادنا تودع العام المنصرم بما حوى وانطوى، وتستقبل العام الجديد ذا الرقم الواحد المكرر (2020) بشيء من التفاؤل والأمل المكتوم دائماً في طيات الدهر خيراً وشرا… وفي حفل وجنون حفل الوداع واستقبال العام الجديد نحر بعض الشباب الثائر في عهده الجديد جيد القيم والمروءة وأخلاق الشعب الكريمة فى الساحة الخضراء التي سميت بساحة الحرية من خلال احتفال ليلي أحمر اشمأزت منه النفوس الطاهرة، وحكت عنه مجالس الرأي العام، ووثقته وسائل التصوير والمشاهدة،  وكتبت عنه الصحافة المهنية التي تدعم خطوط الأخلاق والحرية المسؤولة.

وفي مسلسل الأسي الممتد برزت ولاية البحر الأحمر الجريحة من صراع قبلي مؤسف، لتشهد احتفالات الذكرى الأولى للثورة ممولة بمبلغ 233 مليون من المال العام من خزينة الولاية الجريحة ، وعلى ذلك قس باقي الولايات في عهد ثورة خرجت ضد الفساد والاعتداء على المال العام.

وبينما كان الشعب يشاهد جنون الاحتفال هنا وهناك… مشاهد أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع… مشاهد عبدة الشيطان والهوى واللهو المعفر بالحماس والوجدان المفخخ في غياب العقل والوعي بدأ الشعب المنكوب يتساءل أين نحن؟  أين نتجه؟  أين قيمنا الراسخة؟  وبدأت فئاته تصرخ أوقفوا هذا العبث…  لم نخرج في الثورة ضد الدين والقيم،  وأجل معاقرة الخمر وإطلاق حرية الشعور المنبوشة والصدور المكشوفة،….. تخيلها أنت عزيزي القارئ… لا بل إنها أمامك رأى العين.

وبينما كان الشعب بعد الثورة حالما يتسلى بوعد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي الدكتور إبراهيم البدوي أن الموازنة الأولى للثورة تمول عبر مؤتمر أصدقاء السودان الذي يعقد في الخرطوم، ومن الموارد الذاتية الداخلية، فإذا بالشعب يفاجأ بالكارثة عند إجازة الموازنة للعامة للعام المالي 2020م أن 30 مليار جنيه هو العجز في الموازنة، الإيرادات 28 في المائة، والمصروفات 30 في المائة، مما يعني أن العجز مائة بالمائة!  وبعد إجازة الموازنة كشف وزير المالية الدكتور الخبير الملهم النقاب عن (المغطغط) في عهد يرفع شعار انتهى عهد (الغطغطة) ليقول: (أنه لا يملك موارد ذاتية ولا سندًا دولياً من المانحين، ولابد من رفع الدعم السلعي ومن البنزين والجازولين حتى يتعافى الاقتصاد…)  سواها ولا يخاف عقباها!  إذاً أين المانحون الذين خدع بقصتهم الشعب؟  وكيف نفسر قولك (إذا كان الأمر شعارات وأجندة أنا شخصياً غير مستعد لتحمل أي مسؤولية)، أليس قولك تمويل الموازنة من مؤتمر أصدقاء السودان شعاراً رفعته أنت أيها الوزير الهمام؟

وبينما يتجرع الشعب الحزن والأسى وتذوق مرارة الخداع يلقى السيد رئيس الوزراء خطابه بمناسبة الذكرى الأولى للثورة أمام مجموعة تهتف ارفع ارفع يعنى أرفعوا الدعم!!  وتهتف أيضاً (معليش معليش)  ما عندنا جيش والخطأ الذي وقع فيه السيد رئيس الوزراء أنه لم يوقف هذا الهتاف الصبياني المغضب للشعب، والمسيء لقوات الشعب المسلحة، بل زاد السيد رئيس الوزراء في خطاب آخر أنه لابد من بناء عقيدة جديدة للقوات المسلحة!

وفي خضم الأسى كان مشهد مدينة الجنينة مؤلماً أكثر من 215 قتيلاً ومصاباً… طعن وقتل وحرائق ونزوح وتفلت جعل السيد النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو والسيد رئيس الوزراء حمدوك يجلسان فوق أكوام الحرائق والحطام في معسكر كريندق مع الإدارات الأهلية وزعماء المجتمع بحثاً عن السلام والأمان المفقودين…. ويصرح السيد رئيس الوزراء أنه لا عودة إلى الخرطوم حتى انجلاء الأوضاع…  انتهى… لكن مهم جداً أن نذكر الحكومة الانتقالية في الخرطوم أن مخاطبة إنسان دارفور من أجل السلام أن يكون بالخطاب الدعوي المبدوء بالبسملة والثناء على الله ورسوله لا بالخطاب السياسي الخالي من بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم… ويبقى الأسى والحزن في استقبال ووداع الأيام دون عبر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى