عامٌ سعيدٌ

*تأتي ذكرى الاستقلال المجيد هذا العام مُختلفةً بالنسبة لي على المستوى الشخصي، غير أنها مُختلفة لكل أهل السودان باعتباره أول ذكرى للاستقلال منذ ثلاثين عاماً، تجد الرئيس السابق محتفلاً بها وهو في سجنه وليس في القصر كما خطّط عرّاب الحركة الإسلامية الراحل د. حسن الترابي لتنفيذ حكم الإنقاذ “اذهب للقصر رئيساً وسأذهب للسجن حبيساً”.

*لا نُريد الخَوض في تفاصيل تلك الأحداث، ولكن أريد القول بأنها الذكرى الأولى لأعياد الاستقلال ووالدي – نسأل الله تعالى له الرحمة والمغفرة – بعيد عنا لا يحدِّثنا عن تفاصيل يوم خُرُوج الإنجليز وعن فرحة الشعب السوداني بالجلاء وترتيب دولاب الدولة في تلك الحقبة.

*رغم أنّ حديث والدنا عليه الرحمة والمغفرة كان يُكرِّره لنا في كل عامٍ في مثل هذا اليوم، إلا أننا كنا نجد المُتعة في حديثه وهو يحكي لنا كيف كان الناس يَحتفلون برحيل المُستعمر عن أرض السودان، وماذا كان يقول بعضهم عن الخرطوم ومُستقبلها الزاهر، والسودان ومُستقبله الباهر على خلفية ما كان به من موارد وخيرات يعرفه العالم أجمع.

*اليوم تأتي ذكرى استقلال السودان وهو اليوم الذي رفَعَ فيه الزعيم الراحل إسماعيل الأزهري عَلَمَ السودان ليُرفرف في الهواء الطلق مُعلناً أنّ هناك دولة اسمها السودان لها سيادتها وحكمها المُستقل عن المُستعمر الإنجليزي.

*سَنَوات مَضَت منذ ذاك التاريخ وما زال السُّودان يتراجع سياسيّاً واقتصادياً ورياضياً وحتى اجتماعياً، سنوات مَضَت وما زال السودان تحت رحمة المُستعمر “الجديد” ذاك المُستعمر الذي لا يأتي بجيوشه لإدارة الدولة، وإنما يديرها من على البُعد بفرض سياسته وأجندته الخبيثة منها والصالح.

*مازالت كلمات والدي ترن في أذني وهو يقول لنا إن من حكموا السودان منذ الاستقلال لم يُفكِّروا جيداً في مُستقبل الأجيال القادمة فكان جُل تفكيرهم في إدارة تلك الحقبة، جميعهم لم يَجدوا حلاً ناجعاً لقضية الجنوب التي كَانت سبباً في العديد من الأحداث، وحتى حكومة الإنقاذ حينما وجدت الحل كَانَ بثمن فصل الجنوب عن شماله وهو حل رفضته كل الحكومات السابقة خوفاً من مُحاسبة التاريخ.

*اليوم تأتي ذكرى الاستقلال دون أن يسرد لنا والدنا عليه الرحمة والمغفرة العديد من القصص الواقعية التي حدثت في تلك الفترة، وتأتي ذكرى الاستقلال هذه المرة تحت ظِل حكومة انتقالية ينتظر أن تنقل السودان إلى فترة ديمقراطية عبر انتخابات يختار فيها الشعب الفئة التي يريد أن تحكمه.

*نسأل الله أن يكون احتفال هذا العام باستقلال السودان هو نقطة تحوُّل في السودان ليشهد انتعاشاً اقتصادياً بعد الضائقة الكبيرة التي يعيشها، والعزلة العريضة التي يعايشها بالحصار وغيره من أساليب الضغط على المُواطن السوداني البسيط.

*نرجو من الله أن تكون 2020م فاتحة خير على أهل السودان، وأن تكون أفضل من السنوات السابقة التي عَاشَ فيها المُواطن الكثير من الضغوط، ونسأل الله تعالى أن يُحقِّق للجميع أمانيهم وتطلُّعاتهم الخاصّة والعامّة، وكل عام والجميع بألف خير وصحة وعافية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى