أسطوانة داعش.. إعادة التشغيل!!

 

تقرير: هويدا حمزة

في الوقت الذي تنعقد الآمال لرفع اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب وحَاولة التبرؤ من كل ما من شأنه أن يرسِّخ لبقاء السودان تحت مظلة القائمة اللعينة، يظهر بيانٌ منسوبٌ لتنظيم الدولة الإسلامية نشرته صحيفة “الجريدة”، يُحذِّر فيه من عرض الفيلم المُثير للجدل (ستموت في العشرين) في مُنتدى دال الثقافي، مُؤكِّداً جاهزيته لحماية الدين من المُحاولات الضالة حتى لو أدّى ذلك للتضحية بأحد المُسلمين الأبرار لربهم ودينهم، وقال إنّ أيّة مُحاولة لعرض الفيلم تعد قبولاً للتحدي معه، محذِّراً الشعب السوداني من التعاطُف معهم لأنّهم يريدون طمس هويته ودينه، ورغم تحذيرات رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك أنّ عدم رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب سيؤدي لانهيار البلاد ومن ثم تَمدُّد نُفُوذ داعش، إلا أنّ البيان المذكور يطرح سؤالاً ما إذا كانت الأجواء مهيأة لعودة داعش والقاعدة هذا إذا كانت موجودة من قبل؟!

عن الفيلم

(ستموت في العشرين) فيلم روائي سوداني من إخراج أمجد أبو العلاء، عرض للجمهور العالمي في الدورة 76 لمهرجان البندقية السينمائي الدولي وحصل على جائزة المهرجان (أسد المستقبل) لأفضل عمل أول، كما عرض في الدورة الثالثة لمهرجان الجونة السينمائي وحصل على جائزة نجمة الجونة الذهبية لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة، أيضاً حصل على جائزة التانيت الذهبي في مهرجان أيام قرطاج السينمائية نوفمبر 2019، لم يُعرض الفيلم في السودان ولكن رُشح أنه يحتوي على مَشَاهِد لا أخلاقية، كما يستهزئ برجال الدين، وقيل إنّ هذه أحد أسباب فوزه بالجوائز الكثيرة، إذ ليس من المُعتاد أن تفوز دراما سُودانية خارجياً عدا الفيلم الوثائقي (أرض السمر) للمخرج سيف الدين حسن.

هذا هدفهم

القيادي الإسلامي أبو بكر عبد الرازق، يتّهم القحاتة بإصدار البيان المزعوم باسم تنظيم الدولة الذي لا وجود له أصلاً في السودان، ويُريدون أن يقولوا إنّ السودان به تنظيمٌ إرهابيٌّ ويضغطون به على كل الجهات لإقرار تصنيف بعض القيادات الإسلامية غير المُنتمية للمُؤتمرين الوطني أو الشعبي بأنّهم دواعش، وقال أبو بكر إنّهم يُريدون أن يُفَجِّروا البلاد كَرد فَعلٍ لسياسة جدية لـ”قحت” بناءً على خطبة الجمعة الماضية.

وأوضح أبو بكر أنّ (بن لادن جاء إلى السودان كمُستثمرٍ، وأسّس شركتين إحداهما شركة الهجرة التي شَيّدت طريق (شريان الشمال)، ولم يكن أصلاً مُتطرِّفاً ولم يُكوِّن القاعدة إلا بعد أن طُرد من السودان إلى أفغانستان، ولم تستقبله أيّة دولة، فأقام في الجبال وأصبح مُضطراً للدفاع عن نفسه.

صناعة أمريكية

وأضاف أنّ (داعش) صناعة الأمريكان والسياسيين السودانيين الذين يُنسبونهم إلى (داعش) أوعى الناس بالأمريكان، وإذا كان هنالك حديث عن محمد علي الجزولي فهو أبعد الناس عن (داعش) والقاعدة وهو سياسيٌّ بامتياز ومُفكِّر وكوّن حزباً سياسياً، ولأنه الآن في صدارة المشهد هم يُحاولون أن يلصقوا به هذه الفرية، وكذلك في طريقهم لتصنيف عبد الحي يوسف والطيب مصطفى كـ(دواعش)، ويستدل بمُبايعة عبد الحي كمُبايعة لأبو بكر البغدادي، فقال إنّ تلك تمثيلية رتّبتها “قحت” ليصنّف كداعشي، ولكنه كان واعياً فنفى تلك البيعة فوراً، وعبد الحي أعلم من البغدادي، ويضيف: (أبناؤنا الذين تُحاول قحت أن تتّهمهم بداعش هم أعلم من البغدادي ولديهم جماهير بنوها بالعمل السلمي أكثر من جماهير البغدادي).

عملٌ مُخابراتي

البيان اتّهم بأنه مدسوسٌ ويشبه البيان الذي أخرجته المُخابرات الفرنسية باسم جماعة الإسلام في الجزائر ودسّوه لأحد القيادات الموجودة في فرنسا، وبعد ذلك تكشّفت الأمور واعترفت الخارجية الفرنسية واعتذرت بأنّ اختطاف السفير الفرنسي بالجزائر دبّرته المُخابرات الفرنسية، وأنّ الذي قام بدس البيان هو رجل شرطة بناءً على توجيه قيادته، وقد اعترف وتمّت مُحاكمة القائد الذي وجّه بدس البيان، وبالتالي يُؤكِّد أبو بكر أنّ داعش صنيعة الأمريكان ولا علاقة له بالإسلام، ويجزم بأن البيان صنيعة القحاتة ودسّوا هذا البيان لاستصدار قانون للتصفية السياسية والعزل السياسي بعد أن فشلوا في إقرار هذا القانون في الاجتماع المشترك.

القيادي السابق بالدفاع الشعبي جعفر بانقا، نفى كذلك وجود تنظيم الدولة في السودان، وقال إن قراءة البيان سياسية أكثر من أيِّ شئٍ آخر والمقصود به التخويف، وإذا كان لهم وجود فهذه مصيبة لأنّهم لم يظهروا من قبل ولم تقبض الأجهزة الأنية أحدهم، أو يكونوا كتبوا البيان في الخارج ونسبوه للسودان.

الوضع مُحفِّز

أما الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المُتّهم من بعضهم بتبعيته لـ(داعش) وقيع الله حمودة شطة، فينفي التُّهمة ويُؤكِّد أنّه مُتابعٌ فقط وباحثٌ في نشاط الجماعات الإسلامية، حمودة، على غير رأي سابقيه قال لـ(الصيحة) إنّ تنظيمات الدولة أو القاعدة موجودة في كل البلاد العربية والإسلامية، والوضع القائم الآن والاستفززات التي تحدث في مسائل العقيدة مرشحة لظهورها اليوم أو غداً لأنّ الأجواء مهيأة تماماً لنشوء هذه الأفكار.

سابقاً، اُتّهم الإسلاميون باحتواء تلك التنظيمات المُصنّفة كإرهابية وهذا أحد الأسباب التي وضع السودان بسببها في لائحة الدول الراعية للإرهاب التي اجتهدت الحكومتان السابقة والحالية في الفكاك منها بلا طائلٍ، والآن تتّهم الحكومة الانتقالية بتهيئة الأجواء لعودة تلك التنظيمات إن كانت فعلاً موجودة، ويُعلِّق شطة بأنّ مثل هذه الجماعات لا تستأذن الأنظمة الحاكمة في الدخول، ولكنها تدخل بطرقها السرية وغير المُباشرة وجعل أفكارها تنمو وسط عناصر مُوالية لها وقد يكون ذلك من غير علم النظام، وأضاف: إذا ثبت وجود التنظيم في السودان فهل سيَحُول فعلاً دون رفع السودان من القائمة سيئة الذكر كما قال حمدوك؟ وقال: يمكن أن يؤثر، ولكن أمريكا فعلاً لا تنوي رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وما يحدث هو لعبة ليس لديها أيّة نتائج، ولن يُرفع اسم السودان سواء ظهرت تلك التنظيمات أو لم تظهر، لأنّ أمريكا تنطلق من مصالحها الداخلية وسياستها الخارجية.. حمودة يختم حديثه قائلاً إنّ الشباب المرشحين للانضواء لتلك التنظيمات يحتاجون لنقاشٍ هادئ.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى