تأييد الخرطوم لبكين .. السياسة الخارجية..تغليب مصالح أم تورُّط محاور؟

 

 

تقرير: مريم أبَّشر    5 اغسطس 2022م 

أعلنت الخرطوم تأييدها لجهود بكين في الدفاع عن وحدة أراضيها، على خلفية الزيارة التي قامت بها مؤخراً رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي لتايوان والمخاوف من اندلاع حرب بين بكين وواشنطن في أعقاب إعلان الصين حقها في الدفاع عن أراضيها.

وقالت وزارة الخارجية السودانية، في بيان لها: “ إن الخرطوم تدعم مبدأ الصين الواحدة باعتبار تايوان جزء لا يتجزأ منها، وتؤيد جهود بكين في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها”.

وأشارت إلى أن السودان يحتفظ بعلاقات تعاون سياسي واقتصادي ودبلوماسي متميِّز مع الصين، ويتبادل البلدان المنافع المشتركة، إضافة إلى الدعم والمساندة في المحافل الإقليمية والدولية.

ويأتي بيان الخارجية وفق مراقبين متسقاً مع سياسة السودان الرامية للبحث عن مصالحه الإقليمية والدولية والتوازن في علاقاته الخارجية بعيداً عن المحاور،     وأضافت إن الزيارة تأتي في وقت يوجد فيه وفد رفيع يترأسه وكيل وزارة الخارجية السفير دفع الله الحاج علي، بموسكو بهدف عقد اجتماعات لجنة التشاور السياسى المشتركة التي أمَّنت على الإعفاء المتبادل لتأشيرات الدخول لحملة الجوازات الدبلوماسية في البلدين, وتعتبر روسيا والصين حلفاء سياسيين في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية خاصة فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية، حيث تقف الصين في صف روسيا في الأزمة.

صراع الكبار

وختمت نانسي بيلوسي زيارة مثيرة للجدل إلى تايوان التي تتمتع بحكم ذاتي وتعتبرها الصين جزءاً من أراضيها، وسط توتر   ومخاوف من اندلاع حرب بعد إعلان بكين عن مناورات عسكرية.

واعتبرت بيلوسي وهي تعد أرفع مسؤول أمريكي يزور تايوان منذ 25 عامًا، أن زيارتها لا تتعارض مع سياسة واشنطن التي تعترف بـ “صين واحدة”.

وأضافت الوفد الأمريكي جاء إلى تايوان ليقول بشكل لا لبس فيه إننا لن نتخلى عن التزامنا تجاه تايوان وإننا فخورون بصداقتنا الدائمة”. وذلك خلال لقاء حضرته رئيسة الجزيرة تساي إنغ ون في العاصمة تايبيه.

وأعلنت وزارة الدفاع الصينية عن أعمال عسكرية محدودة الأهداف، عبر سلسلة مناورات عسكرية حول تايوان، بما في ذلك إطلاق الذخيرة الحيَّة بعيدة المدى في مضيق يفصل الجزيرة عن البر الرئيس للصين:

إعلان الصين عن أعمال عسكرية  محدودة، آثار مخاوف مجموعة الدول السبعة الكبار حيث أعلن وزراء خارجيتها عن قلقهم إزاء التصعيد من جانب الصين تجاه مضيق تايوان، ودعوا بكين إلى عدم السعي إلى “تغيير الوضع الراهن من جانب واحد بالقوة” في المنطقة.

ونفى البيت الأبيض على لسان منسق الاتصالات كيربي أن تكون زيارة بيلوسي لتايوان عملاً استفزازياً لبكين وأنه من المثير للقلق أن تستخدم بكين الزيارة لزيادة التوترات وجدَّد التزام بلاده بالصين الواحدة، كما دعا جون كيري وزير الخارجية بكين للتصرُّف بمسؤولية وعدم الانخراط في التصعيد.

المحاور

محلِّلون يرون أن مصلحة السودان تقتضي الابتعاد عن سياسة المحاور و يرى السفير الصادق المقلي أن مصلحة السودان في الراهن اتباع سياسة متوازنة تراعى المصالح السودانية وأشار في إفادة لـ(الصيحة) أن الحرب الأوكرانية الروسية خلقت محورين في العالم الآن المحور الروسي الصيني ومحور آخر متعاطف مع أوكرانيا ومساند لها ويدين الغزو الروسي وهو المحور الذي يضم الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية ودول الترويكا، وقال: إن المحور الأخير أدان الغزو، ويرى أن على السودان أن يقف في مسافة واحدة مع كل العالم ويقف إلى جانب مصالح السودان، لافتاً إلى أن الوثيقة الدستورية أشارت إلى ذلك بوضوح ويعتقد أنه لم يكن بالضرورة أن يعلن السودان عن أي موقف -حالياً- لجهة أن البلاد تعيش أوضاعاً غير طبيعية وهي حالة اللادولة وانهيار كامل، وأضاف أن التوقيت غير مناسب ويعطى انطباع للغرب بأننا نقف إلى جانب المعسكر الآخر، لافتاً إلى أن السودان يعيش أزمة وشبه عزلة دولية فرضها الغرب الذي يشكِّل الطرف الآخر في الأزمة، وزاد: كلما اقترب السودان من محور روسيا الصين كلما زادت عزلته من الغرب والولايات المتحدة و قال: من المعروف أن الصين وروسيا ليست من الدول التي تقدم مساعدات للدول لأخرى، بل أن بكين لديها دين على السودان يبلغ 4 مليارات دولار، مطالب بتسديدها في حين كان من المؤمل أن تعفي دول غربية كبرى في مقدِّمتها فرنسا ديونها على السودان ولولا صدور قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر و قال: إن الباب يعطي رسالة اصطفاف لجانب المحور الروسي الصيني واعتبر الخلاف الصيني الروسي صراع نفوذ دول كبرى والسودان دولة فقيرة تواجه مشكلات وجود.

لا مواجهة

واستبعد خبير في العلاقات الدولية نشوب أي مواجهة عسكرية بين الصين و الولايات المتحدة، وقال: إن تلك الدول  لديها أسلحة نووية تستخدم في الحرب الباردة وهي قوة ردع،وقال: بما أن السودان عضو في مجموعة الـ(77) زائد الصين كان من الأفضل أن يصدر بياناً بصورة آحادية وإنما يكتفي بالبيان الجماعي لهذه المجموعة التي هو عضو فيها ولغرابة الصدفة أن تصريح وزير الخارجية وزيارة وفد التشاور السياسي تزامن مع أزمة زيارة بلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي من الحزب الديموقراطي الحاكم .

ولذلك كانت هذه المواقف السودانية جانبها التوفيق من حيث التوقيت الذي ظهر فيه المحوران اللذان يتدرجان في إطار صراع النفوذ وإعادة انتاج حقبة الحرب الباردة .

وأضاف قائلاً: اعتقد أن هذه السياسة لا تخدم مصالح السودان القومية خاصة في ظل هذا الوضع المأزوم وغير الطبيعي الذي تعيشه الدولة.

مصالح

وقال مهتم بالشأن الدبلوماسي: إن واحدة من الأضرار التي لحقت بالسياسة الخارجية السودانية أنها اتخذت سياسة المحاور في ظل الحكومات السابقة، حيث تبدلت في عهد نميري من المعسكر الشيوعي إلى الغربي بعد ثورة مايو وفي عهد نظام الإنقاذ لعب على حبل التحالفات حيث كانت تارة مع الولايات المتحدة وتارة أخرى مع روسيا مما أكسبه العداء من الطرفين وأعاب كثير من المراقبين والمهتمين بالشأن الدبلوماسي  على الحكومات السودانية بأنها لا تتخذ من مصالحها محطة لانطلاقة علاقاتها  الخارجية مثلما تفعل كثير من الدول، وقالت: إن السودان من حقه زيارة أي دولة ومن حقه إقامة علاقاته مع كافة دول العالم لأن السودان دولة مستقلة وذات سيادة ولا يرتهن قراره لأي اتجاه أو محور في العالم، وأكدوا أن مصالح السودان تضرَّرت كثيرًا بسبب اتباعه ورهن قراره بالمؤسسات والأقطاب العالميين مما كانت سبباً في توقف العديد من المشاريع التنموية الذي كان له انعكاسات سالبة على الاقتصاد, وأكدوا  الآن الفرصة مواتية للخرطوم لانتهاج الوسطية والتوازن في قراراته الخارجية ومراعات مصالحه, وهو أمر ليس عيباً ولا يشكِّل عبئاً على الدولة . وقالوا  الوضع في السودان الآن غير مستقر وغير واضح وإلى أن يتم تشكيل حكومة مدنية عبر انتخابات حرة فإن السياسة تظل غير ثابتة في وجهتها الخارجية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى