** ليت عنوان هذا المقال كان التعليم في السياسة وليس العكس، لأن التعلّم ومناهجه لو كان من أجل السياسة والوطنية لكان حالنا أفضل، وأظن أن رواد التعليم الأوائل وخاصة السودانيين منهم أمثال السادة مندور المهدي وعبد الرحمن علي طه، وعبد الله الطيب وعبد اللطيف عبد الرحمن، ومحمد توم التيجاني وعصام حسون وأبو القاسم بدري وعبد الرحمن عبد الله رحمهم الله  وغيرهم، عملوا لذلك ولكن الساسة عملوا في السياسة التعليمية ولا زالوا.

** من حقي كمُعلّم سابق اختار المهنة برغبة وتدرّب في الصرح العظيم بخت الرضا، أن أبدي رأيي في المسألة التعليمية، والتي ستعود لأفاعيل الساسة، وكل يدعي أنه جاء لإنقاذها.

** نعترف أن النظام التعليمي الذي وضعه الإنجليز كان مثالياً من حيث المناهج واختيار وتدريب المعلمين من خلال معاهد التربية المنتشرة على طول البلاد وعرضها من مريدي والدلنج ونيالا، إلى بخت الرضا وكسلا وشندي والدامر لتوزيع الظل التعليمي، ابتدعوا ما يسمى المدارس الصغرى التي تفرز للمدارس الأولية، وصبروا على الداخليات التي لم يصبر عليها الحكم الوطني.

والإنجليز هم الذين فرضوا تحفيظ ثلاث وعشرين سورة من القرآن الكريم، ولا تمثل إلا ثلث جزء عم، وكان تلاميذ المرحلة الأولية يحفظون ثلاثة أجزاء وأفادهم هذا في إتقان اللغة العربية، وكان تلاميذ تلك المرحلة الأكثر نبوغاً.

** دخول السياسة واعتقدنا أنه بدأ مع مايو والدكتور محيي الدين صابر بتحديد السلم التعليمي 3/3/6 وهاجمناه ومايو اليسارية، ولكن علمنا فيما بعد بأنه السلم التعليمي المعتمد عربياً وعالمياً، وليس مايوياً، كما وجدنا أن الدكتور محيي الدين صابر أحد أبرز علماء العرب في هذا المجال، وأسس اليونسكو العربية (المنظمة العربية للثقافة والعلوم)، ولكنها السياسة.

** مع تغيّر الحكومات تتغير المناهج وفق مؤتمرات جامعة الدول العرببة ومنظمة اليونسكو، ولكننا نتعامل مع كل تغيير على أنه سياسي كلما قربنا وبعدنا من النظام القائم.

** كثُر الحديث عن السلم التعليمي وضرورة العودة إلى السلم التقليدي 3/3/6 بدلاً من السلم السابق الممسوخ 3/8 الذي اكتشف العالم أننا جعلنا سنوات التعليم العام إحدى عشرة سنة بدلًا من اثنتي عشرة وحاولوا التعديل وقرروا للأسف إضافة السنة الضائعة لمرحلة الأساس لتصير تسعاً، واكتشفوا أن الطالب في السنة النهائية يقترب عمره أو يصل لمرحلة البلوغ في مدرسة واحدة مع أبناء الست سنوات، وهذه كارثة وبعض مدارسنا في القرى مختلطة.

** لعلاج الكارثة المقصودة، عُقد مؤتمر في الأبيض عام 2014م، وقرّر العودة للنظام القديم 3/3/6 وقرروا أن تكون العودة على مراحل، بأن يبدأ بمنهج الست سنوات بالمنهج الجديد، ويسير جنباً إلى جنب مع النظام الحالي حتى يصل تلاميذ السلم الجديد للصف السادس، ويتم الفصل، وعليه ستكون السنة القادمة في 2020م هي السادسة، وانتظام العودة للسلم المعمول به عربياً، وهذه هي الحقيقة، وليست العودة السنة القادمة بقرار من الوزير الحالي أو من مدير المناهج القراي كما ادّعيا.

** نريد من القيادة الحالية أن تُحدِث تغيير الثورة المُعلَن في التدقيق في اختيار المعلمين وتدريبهم، وحسناً فعلوا بالإعلان عن عودة وإحياء كل معاهد التربية وكليات المعلمات، فهي الكليات التي تُقدّم المعلم والمعلمة المقتدر المأمون على صغارنا.

** لتكن الدعوة لمؤتمر جامع من أجل التعليم والمناهح، فهذه مقدسات وخطوط حمراء يجب ألا تُترَك لأهواء الساسة وذوي الغرض، وتضم المؤتمرات المقترحة ممن بقي على قيد الحياة من رموز التعليم والتربية، والحمد لله يوجد منهم كثيرون.

** نقطة نقطة **

**إذا صحّ بأن الدكتور عبد الله آدم حمدوك سيُعيّن ستة وزراء دولة يكون قد مشى على نفس خطى الإنقاذ، وحكومة السيد الصادق المهدي حين كان عدد وزراء الدولة يفوق أو يتساوى عن بقية الوزراء، وفي أول أيام الإنقاذ هاجمت الحكومة سابقتها مُركِّزةً على الصرف البذخي وتعيين ذوي الترضيات الحزبية وزراء دولة، وأعلنت الإنقاذ في بياناتها الأولى واكتفت بوزير واحد فقط للدفاع.

وكان المرحوم اللواء عثمان محمد الحسن،  لكن شيئاً فشيئاً ولكل مرحلة مخصصاتها وترضياتها، فصار في الإنقاذ وزراء دولة بكثافة لم يعرف لها التاريخ مثيلاً، بل كان لكل وزارة من ثلاثة أربعة وأحياناً خمسة وزراء دولة، وكلهم بلا أعباء، فليعمل حمدوك حسابه، والتاريخ شاهد، وليقارن ما بين شعبيته الكبيرة والشعبية الأكبر لرئيسي وزراء الفترتين الانتقاليتين السابقتين الأستاذ المرحوم سر الختم الخليفة، والدكتور الجزولي دفع الله، ويبدو أنهما نالا الشعبية الكبيرة لأنهما كانا يعملان بعيداً عن أي ضغوط حزبية أو خارجية.

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى