يسألونك عن الـ(بي بي سي)؟؟

**تشهد هذا الأسبوع بداية الحوار لعودة إذاعة لندن للبث عبر نظام الـ(أف أم) ممّا كانت قبل سنوات على التردد ٩١ الذي راح الآن لبث قناة النيل الأزرق ويُمكن يعود ويُمكن لا وقد تُمنح تردداً جديداً.

**إذن من حقي وحق من يود معرفة الحقيقة حول السماح للـ(بي بي سي) بالبث لفترة لم تطل ثم إيقافها ومع بعض التضييق على مراسلها بالخرطوم، وعلى من طلب الحضور للسودان من المكتب الرئيسي بلندن، والحق الذي أقصده أنني كُنت المراسل الوحيد لهيئة الإذاعة البريطانية لثماني عشرة سنة من ١٩٩٤م إلى ٢٠١٢م.

**في سنوات التسعينات، شهدت بلادنا زيارات مُتعدِّدة من شخصياتٍ كبيرةٍ في الـ(بي بي سي)، أبرزهم المستر غيمون ماكليلان رئيس القسم العربي، وحسن معوض، وصلاح أبو العلا، وكبير المراسلين في العالم جون كينق، وهذا اشتبك مع مسؤول الشؤون الإنسانية وقتها السيد حسبو محمد عبد الرحمن نائب رئيس الجمهورية السابق لاحقاً .

** تكرّرت طلبات الإذن بالبث عبر الـ(أف أم) وكنت أحملها ما بين رئاسة الجمهورية وجهاز الأمن ووزارة الإعلام والإعلام الخارجي، وكنت أحياناً أسعى لوساطة بعض الشخصيات لما للمشروع من فوائد للبلد ولإذاعة أم درمان على وجه التحديد.

**نجحت إحدى الوساطات من البروف علي شمو في فترة تولي الدكتور غازي صلاح الدين مسؤولية وزارة الإعلام والذي وصفه البروف شمو بأنّه ذو أُفق واسع، وقد كان واستدعاني وطلب كل مراحل المشروع ووعد بلقاء الرئيس السابق واستدعاني، وقال مبروك .

**صرّح الدكتور غازي لإذاعة لندن مرحباً بها وداعياً مسؤوليها للتوقيع على المشروع، وبالفعل خلال نفس الأسبوع وصلنا الأستاذ حمدي فرج الله وشرح الأمر بأنّ الـ(بي بي سي) ستتولّى مشروعات تدريب للعاملين في إذاعة أم درمان وستدعم أبراج بث الـ(أف أم) في العديد من مُدن السودان .

**قرّرت الـ(بي بي سي) الاحتفال ببثها في السودان بالعاصمة والأبيض وود مدني وبورتسودان، كَمَا أعلنت عن وصول وفد كبيرٍ لهذا الغرض بإقامة لقاءات مفتوحة مع الشباب السوداني في جامعات الخرطوم والجزيرة والبحر الأحمر في المرحلة الأولى، وبالفعل وصل الوفد برئاسة صلاح أبو العلا وضم الأساتذة محمود شعبان ونجوى الطامي وسعيد الشيخ، ومن العاملين السودانيين وصل الأستاذان عمر الطيب والمرحوم علاء صبحي ورشا كاشان.

** تعبِّر الـ(بي بي سي) عن تقديرٍ هائلٍ للسودان وشَعبه، وتعتبر المُستمع السوداني رقم واحد عربياً، ولديهم إحصائيات ودراسات بأنّ عدد مستمعيها في السودان ملايين وهذا واضحٌ من برامج التفاعُل ورسائل السودانيين، ويذكرون دائماً أنّ السُّوداني لا يَرى جهاز راديو “إلا إذا كان بيجيب لندن”.

**مُؤكّد أنّكم تودون معرفة السبب الذي جعل الـ(بي بي سي) غير مرغوبٍ بها، وتعرّض مُراسلها للمُضايقات، وكان آخر سبب أو القشة التي قصمت ظهر الـ(أف أم)، قرار وزير الإعلام الدكتور كمال عبيد بوقف البث، وأبلغني بأنّ الـ(بي بي سي) زار وفدٌ منها الجنوب دُون إذنٍ وأبلغته أنّهم طَلبوا إذنين من الحكومة، والحركة، وماطلت الأولى، فيما وافقت الثانية وحضر الوفد من مكتب نيروبي وزار المناطق التي عند الحركة ولم يقتنع الوزير، بل كان صريحاً بأنّ هنالك جهات أخرى لها علاقة بالقرار.

** جهات أخرى لها علاقة بالقرار في الإنقاذ، هذا ما كنا نُعاني منه كمُراسلين، وكنا نحس بأنّ القرارات لا تصدر من جهةٍ واحدةٍ، وأنّ بعضها يُمكن مُراجعته، وضربت مثلاً بالسماح للـ(بي بي سي) بالبث.

** نقطة نقطة ***

**تفخر هيئة الإذاعة البريطانية، ونفخر نحن بكوكبة السودانيين الذين عملوا بها بمقرها التاريخي بوش هاوس، وهي كوكبة ضمّت الآباء الرُّوّاد محمد خير البدوي، أحمد قباني، الأديب الطيب صالح، صلاح أحمد محمد صالح، حسن عباس صبحي، أيوب صديق، إسماعيل طه رحمهم الله تعالى، والصحة والعافية للأستاذ أيوب صديق.

**من الجيل الحالي في الـ(بي بي سي) الذين يسيرون على درب الكوكبة الأساتذة: عمر الطيب وعمر عبد العزيز ورشا كاشان وحليمة عبد الرحمن وهي الوحيدة التي نَجَحَت في امتحان هيئة الإذاعة البريطانية من بين خمسمائة وخمسة عشر مُتقدِّماً.

**طلبت العام الماضي من مسؤول القسم العربي الحالي الأستاذ عادل سليمان بأن يبعث لي بشهادة خبرة عن الفترة التي عملتها للاحتفاظ بها للتاريخ، ولتُساعدني في الحصول على تأشيرة مُتعدِّدة لدخول المملكة المتحدة، وأرسلها الرجل مع تهنئة بأنّني المراسل الأطول عُمراً بين المراسلين “ثمانية عشر عاماً”.. وأُحيي المُراسلين الذين سبقوني وأذكر منهم الراحل الفرد تعبان وعبد الدائم عمر الحسن، كما أُحيي المراسل الحالي الزميل الأستاذ محمد محمد عثمان.

**من خلال عملي في التلفزيون، أجريت العديد من اللقاءات مع بعض رموز الـ(بي بي سي) في لندن، وهنا في التلفزيون استضفت مرّات زُوّارنا، وأذكر حلقة من البرنامج التاريخي من الخرطوم سلام، واستضفت المستر غينون رئيس القسم العربي والسادة محمد خير البدوي وصلاح أبو العلا وعبر الهاتف شاركنا الأستاذان الراحلان الطيب صالح وماجد سرحان، وأذكر أنهما طلبا الاستماع إلى أغنية القطار المَرّ للراحلين ود القرشي وعثمان الشفيع، وكان المرحوم ماجد سرحان يُردِّدها كثيراً كلما التقيته وقد كان زميلاً لنا في جريدة الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى