كريمة مولانا أحمد هارون د. (علياء) لـ (الصيحة) (2-2):

هذه (...) حقيقة خزانة هارون التي تُفتَح ببصمة العين

الوالد لن يُفكّر في الهرب وإن فتحوا له أبواب السجن

لا أعتقد أن هارون وعلي عثمان (غبيّان) حتى (يقلبا) الحكومة

 (13) تاتشر رافقت أبي عند ترحليه إلى مستشفى علياء

ليس هناك خلاف بين أبي وقوش وهما صديقان وعلاقتنا أسرية

حكومة حمدوك غير واثقة من نفسها لهذا (…) السبب!!

هؤلاء (…) يبحثون عن تُهَم لأبي وللمعتقلين يريدون (طبخها)

إذا كان أبي يملك (سبائك) ذهب فلماذا اقتصادنا منهار؟

(أسر المعتقلين) تعرّضت لحملة تشويه واغتيال شخصية

حوار: هبة محمود سعيد

تصوير: محمد نور محكر

كشفت كريمة رئيس حزب المؤتمر الوطني المفوض سابقاً، مولانا أحمد هارون د. “علياء هارون”، لأول مرة عن تفاصيل اعتقال والدها وحقائق الخزانة المليئة بسبائك الذهب بالأبيض التي تم اقتياده لفتحها ببصمة العين بحسب ما راج، ودخول ميلشيات والدها إلى ميدان اعتصام القيادة العامة بالخرطوم.

 وأفصحت علياء في أول حوار مع “الصيحة” عن وضع والدها  الصحي الحالي وحقيقة الخلاف الذي أدى لإصابته في ركبته، وقالت إنهم سوف يطرقون أبواب جميع الجهات للإفراج عن والدها المعتقل منذ الحادي عشر من أبريل الماضي بسجن كوبر في أعقاب سقوط النظام، في وقت وصفت فيه الاعتقال بالتعسفي وغير القانوني، ونادت (علياء) بتطبيق شعار الثورة (حرية، سلام، عدالة)، وأشارت إلى خصم  السياسة  من رصيدهم الاجتماعي كأسرة، وأن والدها أفنى جل وقته في خدمة البلاد دون حفظ صنيعه..

إلى الجزء الثاني والأخير من  الحوار..

*هناك حديث عن فساد أحمد هارون والأموال وسبائك الذهب التي وجدت في خزانته بالأبيض، ما هي الحقيقة الغائبة؟

‎وهذه شائعة أخرى تضحك الثكلى، إذ أنهم سُذج في صناعتها، فالشائعة هي فرصة لقياس مدى حصافة أو سذاجة صانعها، فالحديث المتداول عن أخذ والدي للأبيض لفتح خزنة ببصمة العين تحتوي على سبائك ذهب وعملات صعبة، ليس كذباً فحسب بل إنه غير منطقي أساساً، فنحن نتساءل أين تلك الخزنة وأين تلكم السبائك والعملات الصعبة؟ لماذا لم يعرضوها للناس؟ حبذا لو أودعوها بنك السودان المركزي لينخفض سعر الصرف!!..

‎*الأمر لا علاقة له بالاقتصاد، ولكن هي خزنة للاستخدام الشخصي ومن الممكن شراؤها، فبحسب ما يشاع أن مولانا لديه أموال طائلة؟

 ‎مع أني لا أدري ما هو المعيار الذي إذا تجاوزه المال أصبح طائلاً وإن لم يتجاوزه يعتبر قليلاً، لكن إن كان يملك كل هذه الأموال الطائلة لماذا لا يقدم لمحاكمة؟ هذا حديث سوشيال ميديا، والدي منذ أن بدأ عمله في ولايات كردفان جنوباً وشمالاً، كان يقتطع جزءاً من راتبه لميزانية الولاية تشجيعاً للآخرين للمنافسة على التكافل والتعاون وتنمية روح الفريق الواحد، فمن غير المنطقي أن يتم اتهامه بأنه يأخذ الأموال لنفسه فهذا اتهام ينسف نفسه بنفسه، وكل من عمل مع والدي سواء من الحكومة أو المعارضة يشهد له بعفة اليد والنزاهة والحرص الشديد على حماية المال العام، ومؤخراً أموال النفير تشهد على ذلك..

ولكننا جميعنا كأسر معتقلين تعرضنا لحملة تشويه شرسة جداً للسمعة على كل المستويات ولا نستغرب ذلك فهذا أمر طبيعي على مدى التاريخ إذا أردت إسقاط نظام فلابد من تشويه سمعته واغتيال شخصيات رموزه (Character Assassination)  وكما قال غوبلز: (اكذب اكذب حتى يصدقك الناس).

*ماذا بشأن التهم الموجهة في حقه بإحداث إبادات جماعية، مطلوب على إثرها في المحكمة الجنائية؟

أولاً، السودان غير مصادق على المحكمة الجنائية مثله مثل أمريكا وروسيا ودول أخرى، ثانياً، والدي كان مسؤول الملف السياسي بدارفور، ولا أعتقد أنني سوف أتهم والدي بقدر اتهامي للمكون العسكري في المجلس السيادي الآن.

 *كيف؟

جميع المكون العسكري كان يعمل في دارفور ميدانياً، ولذلك إذا كانت هناك إبادات جماعية حقيقية كما يقال فجميعهم متهمون. لكنها اتهامات، فضلاً عن أن المصور الأجنبي الذي قام بتصوير الصور وقدمها للجنائية اعترف بأنها صور مفبركة.

*كيف كان يتعامل مولانا مع دعوات تسليمه للجنائية؟

لم يكن يكترث لاتهاماتها لأنه كقانوني يعلم أنها اتهامات سياسية وليست قانونية، والسودان – بغض النظر عن من يحكمه ــ فهو مستهدف مستهدف، لأن استقلاله اقتصادياً يهدد دولاً أخرى.

*الآن في ظل نظام جديد، تتجدد الدعوات بتسليم المطلوبين للجنائية عقب شروط أمريكية، كيف كأسرة تنظرون لهذا المطلب؟

أولاً، نقول حسبنا الله ونعم الوكيل، ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، والمحكمة الجنائية هي محكمة سياسية بامتياز، وليست قانونية، ومن السذاجة بمكان أن نعتقد أن استهداف السودان سيزول بمجرد تسليم بعض الأشخاص، يا عزيزتي قائمة الشروط الأمريكية طويلة تتجدد وتتنوع على حسب الاستهداف فإما أن يدور السودان في محور معين أو يعاني من الاستنزاف والحروب. عموماً لا أتوقع أن يتم تسليمهم.

* لماذا؟

 اعتقاد.. أمريكا نفسها غير مصادقة على المحكمة الجنائية، فلتسلم جنودها أولاً .

*ما حقيقة الحديث عن خلاف بين مولانا وقوش؟

ليس هنالك أي خلاف، وهم صديقان حتى آخر لحظة وعلاقتنا أسرية وابن قوش صديق أخي.

*ما سر العلاقة بين مولانا والرئيس، البشير كان لديه اعتقاد جازم في والدك، حتى أنه فوضه لتولي منصبه في الحزب، الخطوة التي استنكرها عدد من قيادات الوطني المقربين للرئيس؟

لأنه ينظر إليه كرجل المهمات الصعبة ويعلم من يعرفه أنه يرحب بالتحديات والعقبات ويعتبر التحديات مكمن الفرص وكان يحثنا ويوصينا بقبول ومواجهة الصعاب ولذا اعتبره الرئيس البشير الشخص الأنسب لتفويضه بمهام الحزب في ذلك التوقيت والانطلاق نحو عملية التغيير الإيجابي.

*كيف تم تكليفه بمهام الحزب، وهل قبل على الفور، سيما أنه عمل سنوات والياً بشمال كردفان ولديه الكثير من الخطط؟

الخطة الأساسية للنفير بولاية شمال كردفان بفضل الله أنجزت وهي تعتبر المرحلة الأولى من ضمن 3 مراحل للنفير (مرحلة مشاريع الأثر السريع) وبمعاونة وتفاني المجلس الأعلى للنفير واللجان الفنية تم بتوفيق الله تجاوز كثير من العقبات، وهذه المرحلة تعتبر اللبنة الأساسية للمرحلتين التاليتين (مرحلة التنمية المستدامة ومرحلة الانطلاق نحو النهضة)، فآثر أن يسلم دفة قيادة النفير لقائد آخر ويخدم النفير من موقع جديد ويوسع وينشر فكرة النفير والتنمية على ربوع السودان، ومن بديهيات التغيير والتحسين أن تبدأ بتغيير نفسك فقبل بتكليف الرئيس البشير لتحسين أداء الحزب وبداية الإصلاح من الداخل وإضفاء لون جديد للحزب (نيولوك).

*كيف هو الوضع القانوني الآن لمولانا بحسب ما أخبرتكم هيئة الدفاع وهل هناك تهم وجهت ضده، وإلى أي مدى أنتم مطمئنون؟

نحن مطمئنون طالما أن هناك قانوناً، لكن حتى الآن لا يوجد قانون، ولذلك نحن نعيش في دولة اللاقانون، نريد تطبيق شعار حرية سلام وعدالة، ونرحب بالمحاكمات العادلة، والاعتقال دون مسوغ قانوني اعتراف ضمني ببراءة المعتقل.

حتى الآن ليست هناك تهم وجهت له بناءً على رد المحكمة الإدارية على عريضتنا، فهو معتقل وفقاً لقانون الطوارئ، نحن تقدمنا بطعن للمحكمة الدستورية وفي انتظار قرارها، حيث أنه معتقل وفقاً لحالة الطوارئ التي تم تمديدها (سراً)!!، وهنا سؤال يطرح نفسه: لماذا يتم التمديد والبلاد الآن تشهد استقراراً وتم تشكيل الحكومة؟ لماذا التخوف من تطبيق القانون وتقديمهم لمحاكمات؟ من الطرائف التي قصها علي الوالد أنه أثناء الذهاب به إلى مستشفى علياء تم نقله بحراسة مشددة بحوالي ١٣ تاتشر وقاموا بإخلاء الطابق الرابع له بأكمله، فكان متعجباً من ذلك إذ أنه لم يُحط بحراسة كهذه عندما كان والياً على جنوب كردفان!!.

*  حتى نكون أكثر صراحة، مواقف والدك المتصلبة والمتشددة وتصريحاته حيال الأحداث في البلاد، هي التي ولدت هذه المخاوف؟

بالعكس تماماً، لو رجعنا بالذاكرة للقائه الأخير في برنامج حال البلد على قناة سودانية ٢٤ نجد أنه كان يصرح بأنه مع التغيير ويؤيده بل يدعو إليه  ولا مانع لديه من الاحتجاجات والاعتصامات فهو يدرك أن هذا أمراً طبيعياً يواجهه كل مسؤول أو حاكم وكان يطلق على الشباب المعتصمين (أولادنا) ويعلم أنهم ما خرجوا إلا لمطالب مشروعة وهو يعذرهم في ذلك، إذ أن الضائقة المعيشية لا تستثني أحداً سواء كنت رئيسًا أو مرؤوساً، وكان يخشى عليهم من اختطاف المشهد من قبل بعض الجهات والاستثمار السيئ في الأحداث. ولهذا كان هدفه إحداث تغيير إيجابي يضبط بالانتخابات تتشارك فيه جميع القوى السياسية ليعبروا بالسودان لبر الأمان، والمشاهد لتلك الحلقة يعلم بأنه صرح بمد يد التعاون والاتفاق لبعض أحزاب المعارضة بالرغم من إطلاقهم تصريحات عدوانية إقصائية لكل ما هو إسلامي حتى لو لم ينتمِ لحزب المؤتمر الوطني ولعلي هنا أذكر كلمته بالنص:(نحن رؤيتنا سودان يسع الجميع)، لكن في ظل تأزم الأحداث وتردي الأوضاع الاقتصادية وتراكم الضغوط ربما يظن المشاهد للحلقة أن أي تصريح من أي مسؤول تصريح سلبي تجاه المواطن وغير موفق وأنه هو المعني به حتى لو كان التصريح موجهاً لحزب آخر. على كل حال لا أدري ما هي هذه المخاوف التي تخلع قلوب الحكومة الحالية وتقض مضاجعها؟ من الذي سجن صاحبه؟ الحكومة الحالية هي التي سجنت المعتقلين أم المعتقلون هم من سجن الحكومة؟، لماذا لا يقدموهم لمحاكمات عادلة ويريحوا أنفسهم من هذه المخاوف؟ أنا أجيبك:(امشي دغري يحتار عدوك فيك)..

*بالتأكيد المخاوف تظل قائمة، في ظل حديث عن كتائب ظل لعلي عثمان ومليشيات لأحمد هارون؟

يبدو أنهم يمارسون حالة الاستمتاع بالوهم باحترافية، لا يوجد شخص عاقل يقوم بعمل انقلاب في ظل مثل هذه الظروف فالخاسر الأول هو من سيقوم بالانقلاب نفسه، البلاد غير مستقرة ولا أعتقد أنهم بهذا الغباء، وبافتراض أن هناك كتائب ظل لعلي عثمان وميليشيات لأحمد هارون لماذا لا يقتحمون السجن ويحررون قادتهم؟ وبافتراض أن هناك كتائب ظل وميليشيات تخشاها الحكومة الحالية فهذا اعتراف ضمني بهشاشة الحكومة وضعف المجلس السيادي؟ ويا للفخر نعتز بهؤلاء الرجال الأسرى الذين أقلقوا من اعتقلهم وهو يملك القوة والمنعة، يبدو أن المعتقلين اعتقلوا قلوب وعقول الحكومة فأصبحوا شغلهم الشاغل وهاجسهم الوحيد، الحكومة الحالية  للأسف عبرت عن مخاوفها  بسلب الحق الآدمي من أشخاص يعلمون يقيناً في قرارة أنفسهم أنهم شرفاء والتلفيق حيلة العاجز. على أقل تقدير لماذا لا يوضعون في إقامة جبرية وممارسة حقوقهم في العلاج؟..

*ألا توجد رعاية صحية؟

غير جيدة.. السجن بأكمله يوجد به طبيب واحد.

 لذا سوف نطرق كل الأبواب السلمية والقانونية، وخاطبنا منظمات داخلية وخارجية، أما أن تقدم تهم ويقدموا للمحاكمات أو يتم إطلاق سراحهم، ولكن في اعتقادي أن الحكومة الحالية غير واثقة من نفسها لأنهم لم يكونوا يوماً يتوقعون هذا السقوط، ولم يتوقعوا أن نظاماً حاكماً ثلاثين عاماً يسلم بهذه السهولة، كما أنهم لم يخرجوا من طور المعارضة حتى الآن وهذا يؤكد أن النظام سقط من الداخل ويصعب التكهن ما إذا كان ذلك السبب الذي أسقط الحكومة السابقة ما زال يسيطر على الحكومة الحالية أم لا؟ الأيام حبلى بالمفاجآت.

كانوا ينتقدون النظام السابق وسياسة التمكين والآن هم يمارسون ويطبقون ما انتقدوه سابقاً، لذلك أقول إن كرسي الحكم قطعة من نار، ولا يكتشف عيوبه إلا من يجلس عليه، والحكومة الآن لا تستطيع العمل والأوضاع تتفاقم..

*العمل السياسي كان خصماً على الوالد؟

بالتأكيد.. السياسة إن لم تضبط بالأخلاق فهي لعبة قذرة، والدي عمل في مواقع كثيرة وأكرمه الله وأعانه على إحداث تغيير إيجابي في كل موقع عمل فيه، ولا يمكن لأي منصف إنكاره، وفي الآخر لم يحفظ له الجميل (حشف وسوء كيلة) ولا يضره ذلك، فنحسبه من المخلصين وهذا واجبه تجاه وطنه مثله مثل الكثيرين الذين قدموا لهذا البلد المعطاء وضحوا بأرواحهم وأموالهم وجهدهم ووقتهم لا يطربهم مدح الأصدقاء ولا يثبط من عزيمتهم قدح الأعداء، وضريبة العمل العام باهظة، وهي الصبر والتضحية، الصبر على المكاره وادعاءات السفهاء وكيد المتربصين ومكر المنافقين والتضحية بالنفس والمال والجهد والوقت وأحسب أن الله تعالى أعان والدي على دفع ثمن ذلك في كل موقع شغله وكل منصب تقلده، بحث عن الشهادة في مظانها فلم تكتب له بعد، قضى جُلّ وقته واستنفد كل جهده لخدمة البلاد والعباد رغم أن هذا خصم من صحته لكن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء وأن يصطفيك الله لعمارة الأرض وإصلاح حال الناس شرف لا يدانيه شرف، والاتهامات والإساءات التي توجه له وتلصق به لا تزيده إلا ثباتاً وعزيمة لأنه يدرك كلما ارتفع الإنسان تكاثفت حوله الغيوم والمحن ولعله دائماً يسلي نفسه بمقولة:(يا جبل ما يهزك ريح)..

*هل يسمحون لكم بإدخال الطعام إليه؟

نعم ندخل إليه الطعام يومياً، في حراسة مشددة أيضاً، وعليهم أن يطمئنوا فوالدي لن يفكر في الهرب حتى وإن فُتحت له أبواب السجن على مصراعيها، فكما دخله أسد سيخرج منه بإذن الله أسد..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى