ما هو المطلوب من حكومة حمدوك حتى تعبر؟ (2)

إن الحكومة الانتقالية أصبحت في حاجة ملحة إلى برنامج حكومة أو سمه إذا شئت وصفة علاجية إلى ما آل إليه الحال في السودان وفي كل المناحي، فهي تحتاج إلى خبراء في كل المجالات من الذين عملوا في مؤسسات الدولة قبل أن يطالها هذا الخراب تحتاج إلى خبرة من مارسوا العمل الحكومي في الستينات ومن عاصرهم في السبعينات، وتحتاج إلى خبراء في التعليم عندما كان خريجو الأولية يديرون مؤسسات الدولة بعد أن أصبح الطالب في الصف الثامن لا يستطيع القراءة والكتابة كما تحتاج إلى خبراء في الصحة عندما كان المساعد الطبي هو الطبيب وهو الاختصاصي وهو الفحيص كما أن العاصمة القومية وعواصم الولايات تحتاج إلى صرف صحي وإلى نظافة الشوارع ومكافحة البعوض والذباب، فالبلد تفتقر إلى خبراء زراعيين لمعالجة مشاكل الزراعة المطرية والتصحر وتدمير البيئة والقطع الجائر للأشجار وتصدير الفحم والاعتداء على المراعي وكذلك نريد علاجاً للمشاريع المروية وعلى رأسها مشروع الجزيرة.

 فالدولة تحتاج إلى هيكلة الأجهزة الأمنية ومراجعة قوانينها التي جعلت في الجيش مئات الفرقاء ينزلون بمخصصاتهم، نريد للشرطة أن تعود كما كانت في ضبطها وربطها عندما كان المركز يرأسه صول وحفنة من العساكر بدل أن تكون مؤسسة جبايات على الطرق نحتاج الى خبراء اقتصاديين يخرجون لنا بوصفة علاجية للاقتصاد السوداني من الذين عاصروا الجنية السوداني عندما كان يساوي ثلاثة دولارات واثني عشرة ونصف ريال سعودي بعد أن أفسدت الحكومة السابقة الاقتصاد بشركاتها ودخولها في التجارة لتبيع وتشتري في جميع السلع حتى صارت مؤسسات الدولة شغلها الشاغل الاستثمار مع الميزانيات المفتوحة والتي كثير منها غير خاضعة للمراجعة، والمطلوب كذلك تجنب التجارب الفاشلة كالتعاونيات والبيع المخفض، نحتاج إلى مراقبة الصادر والوارد، نحتاج سياسة اقتصادية تخضع المال العام لولاية وزارة المالية المركزية وترتب الأولويات وتعالج كل ما له علاقة بالاقتصاد كالسكة الحديد وغيرها.

 نحتاج إلى أن يكون الحوار مع الحركات المسلحة محصوراً في مطلوبات المواطنين المتضررين من الحرب ووضع سقف زمني لهذه الدوامة التي بسببها تضرر المواطن المسكين والذي يجب أن يشمله الحوار ويكون التركيز في الحوار على الخدمات وليس المحاصصات نحتاج إلى خبراء في الخدمة المدنية لمراجعة الحكم الفدرالي الذي أرهق المواطن برسومه وجباياته ولم يقدم له مقابل إلا القليل بعد أن تسبب في تفشي القبلية والجهوية وتمزيق النسيج الاجتماعي وأضعف هيبة الدولة وبسط هيمنتها على الولايات فصار المواطن يعترض على المشاريع القومية ويتعدى على المستثمرين الأجانب محتمياً بقبيلته وجهته نريد أن يكون نبذ القبلية ورفضها صريحاً وواضحاً في المنابر والإعلام وفي الخطاب والكتاب وفي التعامل والسلوك.

نريد خبراء في هذا المجال من الضباط الإداريين عندما كان الضابط الإداري يمثل الدولة وهيبة الدولة وانضباط الدولة عندما كانت الخدمة المدنية يضرب بها المثل، وقد قال مستر كرومر لإحدى الدول المستعمرة:”الباشكاتب السوداني أفضل من وزير عندكم”، نحتاج إلى وضع أسس على ضوئها يكون التوظيف واعتلاء المناصب العسكرية والقومية والإقليمية، وأخيراً نحتاج إلى قضاء مستقل يحمي هذه الفكرة فيذود عنها ويحرسها ويبتعد عن الاستثمارات، نريد خبراء ممن ذكرنا والأحياء منهم كثيرون والفكرة موجودة في ملفات الدولة يجب أن يكون البرنامج الإصلاحي بتقديم رؤية شاملة لإصلاح شأن السودان المزري رؤية يشترك فيها كل حادب على هذا البلد بعد التجرد من كل غرض وخلع ثوب الحزبية ولبس قميص الوطنية ويمكنهم أي الخبراء أن يحلوا محل المجلس التشريعي المقترح ويكفونا شره من خلاف وصدامات متوقعة ولو أدى ذلك إلى تمديد الفترة الانتقالية.

 E-mail:[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى