السياسي والقانوني إسماعيل الحاج موسى في حوار مع “الصيحة”

لا توجد ضرورة قُصوى لقانون الطوارئ الآن

كان أول بند تمّ الاعتراض عليه من قوى الحرية والتغيير في بيان المجلس الأول بعد الاعتراض على ابن عوف، هو فرض (حالة الطوارئ)، إذ اعتبرتها ذريعة للحجر على الحريات ومنع التظاهرات من قبل المجلس الذي كانوا يعتبرونه جزءاً أصيلاً من نظام البشير.

ولكن ها هي الأيام تمضي وأعداء الأمس يصبحون شركاء، وها هي “قحت” نفسها بعد اقتسام كيكة السلطة توافق على تمديد حالة الطوارئ، الأمر الذي فُسّر على أنه انتكاسة على شعارات الثورة التي تنادي بالحرية والسلام والعدالة، بينما يحجر قانون الطوارئ على تلك الشعارات وخاصة الحريات، وبالتالي اُعتبرت موافقة “قحت” عليه قراراً حكيماً. 

إذن هل هناك ما يبرر تمديد الطوارئ، أم إن من يعرض خارج “الدائرة” ليس كمن يعرض بداخلها؟ 

“الصيحة” جلست إلى السياسي والقانوني، رئيس لجنة الشورى والعدل بالبرلمان “سابقاً” البروفيسور إسماعيل الحاج موسى ووضعت أمامه عدداً من المحاور بهذا الخصوص. 

حوار: هويدا حمزة 

*كقانوني وسياسي ما رأيك في قرار تمديد قانون الطوارئ؟ هل من مبررات تستدعي ذلك؟

أساساً قانون الطوارئ لا يلجأون إليه إلا عند الحاجة الماسة جداً، لذلك سُمّي طوارئ، لأن الحاجة الطارئة هي الحاجة غير العادية، لذلك لا يتم اللجوء إليه إلا إذا كان الوضع غير مستتب، وكانت هناك أحداث تستدعي أن تنظم بعيداً عن الفرص الفاتحة جداً، وعادة أي نظام جديد يفرض هذا القانون حتى يرتب أموره وينظمها، وهو يؤثر أول ما يؤثر على حريات الناس، النظام لا يستطيع أن يدعي أن الوضع مستتب تماماً، لدينا حكومة جديدة، صحيح الناس كانوا متحمسين لها ولكن تصرفات وأقوال بعض وزرائها فتحت عليهم ناراً شديدة من جهات أخرى، خاصة أن أسلحة النظام السابق كلها موجودة إعلامياً وغيرها، وبالتالي كان على الوزراء الجدد أن يكونوا حكماء في تصرفاتهم .

*إذن هل تقصد أن هنالك مبررات الآن لتمديد الطوارئ؟

الشخص الذي يتحذ القرار هو النظام الحاكم، ومؤكد له مبرراته، ولكن الناس لا يقبلون دائماً تلك المبررات على علاتها، هل الأسباب التي ذكروها هي أسباب كافية لإعلان حالة الطوارئ؟ لأن حالة الطوارئ كما ذكرت تؤثر على حريات الناس، وأذكر أنه أيام الإنقاذ تمرد مالك عقار في النيل الأزرق فاضطروا لإعلان حالة الطوارئ حتى يتسنى لرئيس الجمهورية إقالته، وكاد يتكّرر في القضارف مع الأخ  كرم الله، واستشاروني، وكنتُ رئيس لجنة الشورى والعدل، فقلت لهم إن إعلان حالة الطوارئ تعطي انطباعاً للخارج أن النظام غير مستقر، ويمكن إقناعه بالاستقالة أفضل من إعلان حالة الطوارئ، لأن الطوارئ لا يتم اللجوء إليه إلا في حالة الضرورة القصوى.

*هل هناك ضرورة قصوى الآن؟

لا أعتقد، النظام الجديد في طريقه يتعثّر في مطبات كثيرة، ويجد بعض العقبات، ولكن ذلك لا يكفي لإعلان حالة الطوارئ، لأنها كما أسلفت تعطي انطباعاً بأن النظام غير مستقر ويعاني من مشاكل.

* هل يمكن تجزئة تنفيذ الطوارئ؟ 

طوارئ يعني طوارئ، يمكن للنظام انتهاج بعض الإجراءات الأمنية  التي تحافظ على الأمن دون إعلان حالة الطوارئ إذا شعر أن الأمور ليست بالحِدّة التي تجعله يفرض قانون الطوارئ، لكن عندما يلجأ للطوارئ لا يمكن أن يقول إنه سيفرض نصفه أو ربعه  فقط. 

*هل فعلاً ضبط الأمن بأي وسيلة حتى ولو بقانون الطوارئ أفضل من الوثيقة الدستورية التي يعطلها الطوارئ لأنها أساساً ضعيفة ولا بواكي لها كما قالوا؟

هي ليست وثيق ، إما أن يعملوا دستوراً أو سن قوانين لتسيير أمورهم حتى ينعقد الدستور، لأن الدستور هو الوثيقة الأساسية التي تنظم السياسات والمؤسسات، ثم تأتي القوانين  لتُفصّل ما جاء في الدستور.

* ماذا ينقص الوثيقة لتكون دستورية؟

كلمة دستورية أكبر من تلك الوثيقة، وكما ذكرت لكِ فالدستور هو الذي يُحدّد المعالم الأساسية للسياسات والمؤسسات، يعني أكبر من القوانين التي تفصل، تلك الوثيقة لم تحتوِ على أشياء أساسية لنُسمّيها دستوراً، القوانين تُسمّى قوانين .

* “قحت” كانت رافضة لفرض حالة الطوارئ والآن وافقت على تمديدها، هل هذا قرار حكيم ومُوفّق  أم هو انتكاسة على شعارات الثورة كما ذكروا والتي من بينها الحريات؟ 

لا نُريد أن نظلمهم، لأنهم ربما رأوا ما لم نره نحن، ربما شعروا بأن هناك مخاطر تُحيط بمسارهم . 

*أليس بالضرورة أن يُوافق على التمديد المجلس التشريعي، أم إن السيادي الآن يقوم مقام التشريعي كما ذكروا؟

الدستور لابد أن يحظى بموافقة الجهاز التشريعي، هذا شيء أساسي يُسمّى (المُصادَقة)، ولكن بما  أنه ليس هنالك جهاز تشريعي الآن، هم عدّلوا وهذا أيضاً مأخوذ عليهم، حتى تعيين رئيس القضاء والنائب العام يُفترَض أن يُرجأ حتى تأتي مفوضية العمل القضائي، ولكن عدّلوها وقالوا تعثّر المجلس في تعيين المفوضية، وقالوا إن المجلس السيادي يُعيّن رئيس القضاء والنائب العام،  يعني جاءوا بهذه المؤسسات الموجودة بديلاً للجهاز التشريعي وهذا لا يجوز.

 *هل هناك مُتضرِّرون من تمديد الطوارئ  كالمؤتمر الوطني مثلاً؟

المؤتمر الوطني يتضرر من هذا القانون، لأنه يعوق حركتهم، وأي تحرك من قِبلهم يُحسب على أنهم عناصر ضد النظام االسابق، إذا لم تكن هنالك طوارئ فيمكنهم التحرك في إطار الحريات، أما حالة الطوارئ فتعطي النظام  الحق في مقاضاتهم.

*إذن هل هناك جهات مستفيدة من هذا الوضع؟

النظام نفسه إذا كانت لديه أشياء يريد فرضها ويعتقد أنه في الظروف الحالية لا يستطيع فرضها.

* يعني استغلال حالة الطوارئ في غير موضعها لمآرب في نفس النظام؟

بالتأكيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى