بين العلمانية والمدنية…. “أين تشوت حكومة حمدوك”

مواجهة: مريم أبشر ـ نجدة بشارة 

شنّ رجال دين هجوماً عاصفاً على الحكومة الانتقالية المشكّلة حديثاً، واتهموها بالعلمانية والسعي لهدم الدين بالإضافة  للانشغال عن أزمات البلاد بالترويج لقضايا بلا قيمة، من بينها كرة قدم.

  وكان نائب رئيس هيئة علماء السودان وإمام وخطيب مسجد خاتم المرسلين، عبد الحي يوسف، هاجم حكومة حمدوك، وقال إنها لم تُفلح حتى اللحظة إلاّ في إثارة الفتن وشغل الناس بالفارغ، بدعوة اليهود والمذاهب الأربعة وثقافة الخمر ودوري السيدات، واتهم جهاتٍ تعمل على تطبيق العلمانية في السودان. والانتقاد لم يكن الأول في نوعه، إذ سبق وأثيرت الكثير من القضايا الدينية ورمت الانتقالية بجريرة العلمانية، فهل هنالك اتجاه لتطبيق العلمانية فعلياً بالبلاد، أم إن مفهوم المدنية فُسّر بصورة خاطئة..

 هذا ما سنعرفه في المواجهة التالية بين نائب رئيس “تيار نصرة الشريعة الإسلامية” د. حسن رزق، والقيادي بالحرية والتغيير ساطع الحاج. 

نائب رئيس تيار نصرة الشريعة الإسلامية د. حسن رزق لـ” الصيحة”

سنكون عبيداَ للحكومة في هذه الحالة …. ولا نشترط أن يحكم “الإخوان المسلمون”

لا أستبعد حدوث فتنة دينية …. والمرأة غير ممنوعة من ممارسة الرياضة 

*هنالك انتقادات وُجّهت للحكومة الجديدة بأنها جاءت لهدم الدين رأيك؟

هنالك تصرفات أو أقوال صدرت من بعض ممثلي الحكومة عليها (مأخذ).

*مثل؟

الوثيقة الدستورية لم يوضح بها مصادر التشريع، وهذا هدف قديم، إذا رجعنا إلى حديث سابق للراحل (نقد) تحدث عن وضع دستور يتم فيه استبعاد الدين أو فصله، لذلك كان حرياً بهم تفسير كلمة (المدنية) تفسيرًا واضحاً بالوثيقة، وبيان هل المدنية مجافية  للدين أم متعايشة ومتصالحة مع الدين، وربما تجربة تركيا كانت خير مثال، عندما جربوا نظام العلمانية المعادية للدين في إدارة الدولة، وعندما جاء “أوردغان “وحولها إلى علمانية متصالحة مع الدين، لذلك لا نقول الحكومة معادية للدين، لكن ينبغي أن ينظروا بعين الاعتبار لتصريحاتهم والتي سبق وصدرت من بعض الوزراء فمثلاً وزير الأوقاف صرح بعودة اليهود، وهناك من يقول له اليهود عايزين بيهم شنو الفينا مكفينا، ثم الحديث عن مساواة المرأة والرجل في الميراث، المرأة أحياناً قد ثرث أكثر من الرجل أو أقل أو نصفه، وهذا مفصل في القرآن، لا ينبغي لأي كائن كان أن يغير في هذه الأحكام لأنه لا يوجد شخص أعدل  من الله. 

*بالحديث عن بعض الممارسات هنالك أحداث مشابهة في الحكومة السابقة ككرة القدم للسيدات؟

المرأة غير ممنوعة من الرياضة، لكن يمكن أن تكون وسط النساء وليس أمام ملأ من الرجال، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يسابق السيدة عائشة، ولكن لا يدعو الرجال لذلك، لذلك لا يمكن للمرأة ممارسة الرياضة أمام الرجال، حتى السباحة كيف تسبح أمام الرجال، والإسلام قيدها باللباس الشرعي، ويمكن أن تمارس الرياضة الذهنية أمام الرجال كالشطرنج والرماية، ودوري السيدات كان  موجوداً في عهد اﻻستعمار قبل العام (1954)م وليس بعهد الحكومة السابقة، وأرى أن حديثهم أن كرة قدم السيدات مورست في فترة الحكومة السابقة حديث ليحللوا به هذه الممارسه الآن .

*البعض يرى أن مهاجمة  بعض علماء الدين للحكومة ووصفها بالهادمة انصرافية منهم…؟

هم كده.. 

القضايا التي تهم المسلمين دائماً يقولون عنها انصرافية.

*الإنقاذ رفعت شعار الشريعة ولم تطبقها؟

لنفترص أن الإنقاذ لم تطبق الشريعة الناس يتركوها، هذا ليس منطقاً، خليهم هم يطبقوها بالصورة الصحيحة، لكن لا يمكن أن يهدموا ثم يرمون جريرتهم على الإنقاذ، والدين مرجعيته واضحة القرآن والسنة، أي أمر يرد إلى الله ورسوله.

*ماهي مآلات الوضع في ظل هذه الاتهامات الدينية إذا لم تحسمها الحكومة؟

قد تحدث فتنة دينية، وأرى أن هنالك معارضة الآن تبنت هذه المواقف الرافضة، وعلى الحكومة أن تنظر إليها بعين الاعتبار، مثلاً كيف تسعى الحكومة للتصالح مع الحركات المسلحة، وتخلق بلبلة دينية بالداخل، خاصة وأن هنالك طوائف دينية مختلفة بالسودان “الصوفية”، “السلفيون”، “الإسلاميون”، لذلك لابد من تصالح ديني بالداخل، وإذا الإسلاميون تركوا الحكم “تفتكري”.. الطوائف والجماعات الدينية ممكن تترك تطبيق الشرع؟ حتى إذا  الإسلاميون أفنوهم ستولد جماعة أخرى تدعو لتطبيق الشريعة الإسلامية، لذلك إذا حكمت الحكومة بما أنزل الله سنكون عبيداً لها ولا نشترط أن يحكم “الإخوان المسلمون”

**ساطع الحاج: عبد الحي ومن شايعه ليسوا وكلاء على الإسلام.

القيادي بالحرية والتغيير ساطع الحاج لـ” الصيحة” 

هؤلاء يسعون لخلق الفتنة 

تطبيق العلمانية رأي شخصي .. وحكومة حمدوك تمثل 80% من الشعب السوداني 

*وجه الدكتور عبد الحى يوسف انتقادات لاذعة لقوى الحرية والتغيير ممثلة في حكومتها الانتقالية واتهمها بأنها جاءت لهدم الدين.. كيف يقرأ الأستاذ ساطع الحاج هذا الاتهام؟

هذا اتهام ليس له أي  معنى، وأعتقد أن عبد الحي يوسف ومن دار في فلكه هم ليسوا وكلاء  على الإسلام أو للدفاع عنه . الإسلام محفوظ في صدور كل السودانيين، وهم من يدافعون عنه. لم يوكل أحد عبد الحي يدافع بالأصالة أو الإنابة عن الإسلام هو مسئول عن نفسه، ليس مسئولاً أن يتحدث إنابة عن الشعب السوداني. أنا مسلم ولا أرى في أي من أعضاء الحكومة الانتقالية أي توجه يمس الإسلام، وعبد الحي ومن يمثلهم مسئولون عن أنفسهم، غير مطلوب منهم الحديث عن الشعب السوداني، وهم فقط يسعون لخلق الفتنة وبث الكراهية بين الطوائف السودانية.

  • وماذا بشأن الاتهام بأن حكومة الحرية والتغيير تسعى لتطبيق العلمانية في السودان وإنهاء العمل بالشريعة الإسلامية، ما هو تعليق الأستاذ ساطع؟

في تقديري، رأي عبد الحى بتطبيق الحكومة الانتقالية للنهج العلماني رأي شخصي يخصه. البرنامج الذي تعمل الحكومة الانتقالية على تطبيقه هو برنامج يعبر عن وجهة نظر اكثر من 25 مليون سوداني. قوى الحرية والتغيير تضم داخلها عدداً من المنظمات والقوى السياسية ونقابات وهيئات واتحادات تتجاوز المائة مكون، وانضم لها الملايين، أمثال عبد الحي هم من أضروا وأساءوا  للدين الإسلامي، وما يثيره حالياً هي محاولة منه لعرقلة مسار حكومة قوى التغيير التي تضم الملايين، غير مطلوب منها النظر لما يثيره، لو أن عبد الحي ومن يشايعه حريصون وخائفون على الإسلام كان عليهم أن يراجعوا نظامهم المعزول الذي أهدر موارد البلاد كلها، وأضاع القيم وتآمر باسم الدين وقتل وفتك بالآمنين، كان عليهم مراجعته، وأعتقد أن برنامج الحكومة الانتقالية الذي يمثل 80% من الشعب السوداني يمضي وأن حديث عبد الحي لا يجد أي صدى.

  • إذن في تقديرك هل هي قضايا انصرافيه مثارة لتشتيت الانتباه أم ماذا ترى؟ 

قطعاً هي قضايا انصرافية، يحاول البعض عبرها تعكير الأجواء والمسار، لكن خاب فألهم، مثل هذه الدعوات لن تجد صدى، برنامج حكومة حمدوك لم يضعه شخص واحد، وإنما وضعته وتقف خلفه الملايين التي ثارت وأطاحت بالنظام …

*وهل يرى الأستاذ ساطع أن ما كان يطبقه  النظام السابق فى حكمه شريعة إسلامية أم خلاف ذلك؟ 

أعتقد أن ضرراً كبيراً وتراجعاً حدث باسم الإسلام وكثير من المشاريع التي طبقت باسم الإسلام أضرت به، والإسلام الآن يستعيد عافيته وقوته وسط ملايين المواطنين التي ثارت رافضة لحكومة الإنقاذ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى