الجولات الخارجية.. البحث عن حلول للأزمة؟

 

تقرير/ نجدة بشارة      19مارس2022م 

نشطت مؤخراً تحرُّكات لرئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مع وفود رسمية إلى دول الجوار، يوغندا وجنوب السودان والإمارات، وتأتي هذه الزيارات في وقت استحكمت فيها حلقات الأزمة السياسية والاقتصادية.

بينما فسر مراقبون هذه التحركات بالبحث عن حلول للأزمة في الخارج بعد انسداد الافق في الداخل ، فهل تنجح تلك الزيارات في إيجاد مخرج آمن يجنب البلاد شرور المستقبل؟

أجندة حاضرة 

توجّه رئيس المجلس السيادي الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان إلى جمهورية يوغندا في زيارة رسمية استغرقت يوماً واحداً رافقه وزير الخارجية المكلف علي الصادق، ومدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل. والتقى البرهان خلال الزيارة، رئيس جمهورية يوغندا يوري موسيفيني الذي أشاد بحنكة وقيادة رئيس مجلس السيادة للبلاد رغم التحديات الداخلية والإقليمية والدولية الماثلة، وأوصى موسيفيني رئيس مجلس السيادة بضرورة عدم إقصاء أي طرف في العملية السياسية داخل السودان، والتأكيد على ضرورة أن تكون الحكومة الانتقالية من تكنوقراط مستقلين لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية بحيادية تامة.

حيث اطلع الرئيس البرهان، الرئيس اليوغندي على مُستجدات وتطوُّرات الأوضاع في للسودان ورؤيته لحل الأزمة السياسية الحالية عبر الحوار الذي يشمل كافة ألوان الطيف السياسي والوطني، والذي يفضي إلى توافق وإجماع يكون بلسماً للأزمة السياسية التي تمر بها البلاد ويضع أسساً راسخة للتحول الديمقراطي، ودعا موسيفيني كافة الفاعلين السياسيين والوطنيين للانخراط في حوار شامل يفضي إلى حُلول مُرضية وعاجلة، مبيناً أن الانتخابات هي الحل لخروج البلاد من أزمتها.

 

زيارات متكررة

ولعل زيارة البرهان الى يوغندا جاءت بعد أقل من اسبوع لزيارته الى دولة الإمارات العربية، وسبقتها زيارة قام بها نائب البرهان “حميدتي”؛ إلى روسيا، ونتجت عن الزيارتين مبادرة إماراتية جديدة تُضاف الى قائمة المبادرات المطروحة في اتجاه الحل. وتناقلت تقارير إعلامية عن “مبادرة لاحتواء الأزمة”، إلا أن المحك الآن هل يقبل الشارع السوداني الذي تقوده لجان المقاومة، المساعي الخليجية أم لا؟ خاصة أن الزيارة نفسها تمت بعد إعلان رئيس بعثة (يونيتامس)، فولكر بيرتس، مبادرة التسوية التي قادها مع أطراف الأزمة بمن فيهم لجان المقاومة.

في السياق،  تنبّأ مراقبون بنتائج إيجابية لزيارة البرهان الى يوغندا، لا سيَّما وان يوري موسيفيني قاد مبادرات سابقة وله  ادوار تجاه قضايا السودان ، لاسيما ملف سلام جوبا. وواصل البرهان زياراته بعد يوغندا مُباشرةً بالوصول الى جوبا عاصمة دولة جنوب السودان، ولعل جوبا تعتبر الوسيط في مشوار السلام بالسودان، وان سلفا كير ظل يدفع بمبعوثه الى الخرطوم كلما ضاق بالسودانيين سبل الحل، وبجانب ذلك تعتبر دولة الجنوب حاضنة للحركات المسلحة التي وقعت والتي لم توقع مثل حركة عبد الواحد نور وحركة عبد العزيز الحلو، وبالتالي جزء من اهداف البرهان في جوبا كما يراها المراقبون بحث ملف السلام مع حركة عبد الواحد وإمكانية تسريع الدفع به الى طاولة التفاوض، أضف الى ذلك أن جوبا ظلت حريصة على وصول السودانيين الى توافق فيما بينهم وقادت تحركات أخيرة مع فرقاء الداخل من الوصول الى توافق فيما بينهم، كذلك السودان يعتبر وسيطاً بين حكومة جوبا والمعارضين، حيث تم أخيراً التوقيع على اتفاق بين حكومة سلفا كير ونائبه في الخرطوم بالتالي هنالك مصالح متبادلة.

صراع المصالح

ويرى المحلل السياسي والدبلوماسي السفير الطريفي كرمنو لـ(الصيحة)، أن معظم هذه الزيارات للبحث عن حلول للمشكلات الاقتصادية بالداخل، واشار الى ردود الفعل الخليجي من التفاهمات والاختراقات التي حدثت بين روسيا والسودان عقب زيارة “حميدتي” ، والحديث عن قاعدة روسية بالبحر الاحمر ، وقال ان هذه التحركات أثارت حفيظة دول الخليج نسبةً لصراع المصالح. فيما قلل كرمنو من هذه التحركات والزيارات ، ووصفها بأنها زيارات اقرب الى الدبلوماسية منها الى بحث عن حل للأزمة ، وأوضح  أن العالم العربي يرعى مصالحه ، وينظر بعين الشك والريبة الى من سيحكم السودان ، وهل سينجح الحكم الديمقراطي ، في الوقت الذي تفتقر فيها هذه الدول الى النظام الديمقراطي وتغرق في الانظمة الشمولية, وأضاف بأن ثورة السودان اقلقت مضاجع الحكام العرب، لا سيما جمهورية مصر التي لم يحكمها مدني منذ العام 1952م، وايضا دول الخليج، وزاد بأن الحكم المدني سوف يؤثر على الإقليم بصورة عامة.

اسرائيل وعنتيبي

وذهب كرمنو إلى أن زيارة البرهان حالياً إلى يوغندا يُعيد إلى الأذهان لقاء عنتيبي الأول، الذي فتح أبواب السودان لإسرائيل. لكن عاد وقلل من دور إسرائيل في هذه الزيارة، وقال ربما تتعلّق زيارة كمبالا بطموح موسيفيني لرئاسة “إيقاد”، في الوقت الذي جمّدت فيه رئاسة السودان في هذه المنظمة.

فرصٌ وتقاربٌ

في المُقابل، رجحت مصادر رفيعة ان السودان لا يزال رئيساً لمنظمة “إيقاد” رغم تجميد عضوية السودان بالاتحاد الأفريقي وتجميد العمل بـ”ايقاد”.

وقال المصدر لـ(الصيحة) لا يوجد حديث الآن عن انتقال الرئاسة من السودان الى بلد ثان, ويرى مراقبون بأن طبيعة تشكيل الوفد المرافق للبرهان يعكس طبيعة الزيارة الى الدولة، وقال ان غالبية اعضاء الوفد هم من المكون الأمني مما يعكس بأن الزيارة تتعلّق بطبيعة أمنية ولها علاقة بعملية السلام سواء كان في السودان أو الإقليم، حيث رافق  رئيس مجلس السيادة عدد من الوزراء وكبار المسؤولين على رأسهم وزيرا الدفاع والخارجية ومدير الاستخبارات.

صياغة استراتيجية

وأكد المراقبون بأن الزيارات رسمت، صورة قاتمة عن الوضع الداخلي بالبلاد، وقالوا ان جولات البرهان الخارجية واحدة من أهدافها البحث عن حلول خارجية لمشاكل داخلية عجزت عنها النخب السياسية.

جوبا

ومن كمبالا، انتقل البرهان إلى جوبا عاصمة جمهورية جنوب السودان، في زيارة رسمية تستغرق يومين، وكان في استقباله في المطار الرئيس سلفا كير ميارديت وأعضاء حكومته.

 

وتبحث الزيارة، سبل دعم وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، إضافةً إلى مناقشة التحديات التي تُواجه تنفيذ الاتفاقية المنشطة للسلام بدولة جنوب السودان. ويرافق البرهان كلٌّ من وزير الخارجية المكلف السفير علي الصادق ومدير جهاز الاستخبارات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى