النخب النيلية وفشلها في إدارة التنوع والأزمات

سليمان مسار يكتب.. النخب النيلية وفشلها في إدارة التنوع والأزمات
السودان هو التأريخ العريق والتنوع الثقافي، ولكن للأسف مازالت النخب النيلية تستمر في صناعة الأزمات التي تعصف بالبلاد، عطفاً على ذلك الإستعلاء العرقي وعدم قبول الآخر وهذه من الأسباب التي أدت إلى تفاقم الفجوات بين أبناء الوطن.
مع بزوغ فجر الاستقلال بدأت الثورات التحررية بداية كفاحها المسلح، ونجد أن الجنوبيين أول من فهم عقلية وطبيعة النخب المركزية بالدولة، وهم أيضاً اكتشفوا اللعبة من وقت مبكر منذ عهد الإستقلال، لذا نجدهم بدأوا مشروع المقاومة وعدم الرضوخ لقهر وقمع وفجور تلك الدولة الفاشية ونخبها المخادعة والمراوغة.
وقد إمتدت الشرارة الثورية إلى مناطق أخرى كدارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، ولكن واجهت هذه الأقاليم أحكاماً مسبقة وتصنيفات جائرة، والتي كانت مدعومة وموجهة من وسائل الإعلام التي تتبع لذلك النظام.
ونجد هنالك صورة نمطية ومشوهة لإنسان الجنوب وسكان تلك الأقاليم كأعداء للوطن ومحرضين على العنف ضدهم بإسم معتقدات مغلوطة فقط، متجاهلين الإستبداد والقهر والظلم الذي كان يعانيه شعب تلك الأقاليم.
نجد أن الصراعات التي طالت تلك المناطق لم تكن نزاعات بسيطة كما يصورها إعلام تلك النخب، بل هو نتيجة لأسباب معقدة وعميقة، منها على سبيل المثال التهميش السياسي والإقتصادي والتغول على موارد تلك الأقاليم.
وقد نجد المؤسسات الإعلامية الرسمية عملت على جذور هذه الأزمات المتعددة، بل عززت على نشر خطاب الكراهية بصورة فجة بين أبناء الوطن الواحد.
في سياق تلك الأحداث التي أدت إلى إرتكاب الجرائم والإنتهاكات الجسيمة في حق تلك الشعوب والهدف منها هو السعي والسيطرة على موارد تلك الأقاليم.
هذه السياسات تعكس الفشل في إدارة هذا التنوع والأزمات، بل تشير إلى نهج الإقصاء والتهميش الذي عانته هذه الأقاليم لعقود خلت ونجد أنه في بداية الصراع الذي نشب بين قوات الدعم السريع ومليشيا الجيش تحول ذلك الصراع إلى حرب مستفيد لم يخطر على بال أحد.
وقدتعرضت بعض الحواضن إلى الإستهداف الحربي الممنهج بزعمهم أنها حواضن للدعم السريع وقد تمت حملات تطهير عرقي ممهنجة نفذت بواسطة استخبارات مليشيا الجيش والقذف بالطيران ويتزامن هذا مع هجوم إعلامي كثيف يستهدف هذه الحواضن على وجه الخصوص، ولكن هذه الإستهدافات الممنهجة ليست بجديدة على أحد بل هو إستمرار ونهج تأريخي ظلت تمارسه هذه النخب المأفونة المسيطرة على حكومة المركز منذ الإستعمار والتي عبره سعت إلى كيفية السيطرة على السلطة والثروة والتمتع بتلك الإمتيازات على حساب كل شعوب الهامش السوداني.
بالمقابل نجد هناك الإهمال الصارخ لحقوق الإنسان والإنتهاك للمبادئ الإخلاقية التي تنادي دائماً بالعدل والمساواة بين الشعب.
والغريب في هذه المقارنة في هذه الأحداث نجد أن قوات الدعم السريع التي تنظر إليها هذه النخب على أنها تشكل تهديداً لهم وذلك لتنوعها الاثني والعرقي المتعدد بها.
وهذا ما أدى إلى تلك الهجمات الإنتقائية لتلك القبائل باعتبارها حواضن للدعم السريع، والهدف من ذلك محاولة تنسيب الدعم السريع لإثنيات معينة وإصباغه باللونية القبلية ونزع عنها الثوب القومي، ولكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل وذلك لحنكة ودراية قادة الدعم السريع لهذا الصرع المخطط له منذ أمد بعيد لهذه المؤسسة التي تسعى بكل ما أوتيت من قوة لوضع لبنة البناء والتأسيس لهذه الدولة مشوهة الملامح.
لذا نجد هذا الإستعداء على مجموعات بعينها بإعتبارها تمثل للدعم السريع، إن مثل هذه الأفعال تعيق كل أنواع التقدم نحو بناء سلام وإستقرار لهذا البلد.
إن النخب المركزية والسياسات المتبعة بالبلاد قد ساهمت وأججت بصورة صارخة للأزمات الوطنية وقد أدت إلى تفاقم التحديات التي تواجه بناء دولة قوية وموحدة.
لذا يجب على قادة مؤسسة الدعم السريع الاستفادة من عبر ودروس تلك الصراعات التي دارت بين النخب المركزية للدولة وبين تلك الأقاليم حتى تستطيع أن تؤسس لوطن يسع الجميع بغض النظر عن الدين والعرق واللون والإنتماء الجغرافي.
# التأسيس واجب على الكل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى