ما وراء اتصال بلينكن بالبرهان

ما وراء اتصال بلينكن بالبرهان

تقرير- أحمد جبارة

دخلت الولايات المتحدة الأمريكية بثقلها على خط الأزمة السودانية الشائكة والمعقدة، حيث أجرى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اتصالاً هاتفياً برئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، استعرض فيه مسيرة العلاقات السودانية الأمريكية، واطلع رئيس المجلس السيادة، وزير الخارجية الأمريكي على “سير العملية السياسية بالبلاد والتحديات التي تواجهها”، في وقت أكد فيه بلينكن، دعم الولايات المتحدة للعملية السياسية في السودان، ووعد بمساعدة بلاده في تذليل العقبات التي تقف في طريقها، فهل يعجِّل اتصال وزير الخارجية الأمريكي بالتوقيع على الاتفاق النهائي؟

موقف أمريكا

ومنذ الإطاحة بنظام الإنقاذ والرئيس السابق عمر البشير، من سدة الحكم ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تتابع ما يجري في الشأن السياسي السوداني، حيث أعلنت دعمها للثورة والثوار، وأدانت انقلاب البرهان في ٢٥ أكتوبر، من العام الماضي، واعتبرته يتعارض مع إرادة الشعب، وعلقت المساعدات على السودان. ومع تعقيدات المشهد السياسي كثفت الولايات المتحدة تحركاتها لإيجاد حلول للأزمة السودانية المستعصية، إذ أرسلت في عدة مرات مبعوثيها وسفرائها، كما رحبت الولايات المتحدة بالاتفاق الإطاري في السودان واعتبرته بداية في طريق التحوُّل المدني والديموقراطي .

أس الأزمة

تباينت الآراء واختلفت التحليلات بشأن اتصال بلينكن بالبرهان، وفيما أعتبر البعض، أن الاتصال يسهم في تحريك جمود العملية السياسية ويحدث اختراق فيها، رأى البعض الآخر أن الاتصال لن يؤثر على سير العملية السياسية لجهة أن حدوث اختراق ليس بيد البرهان أو بلينكن، بل لأن الخلافات مازالت لم تراوح مكانها بين القوى السياسية من جهة، والمكوِّن العسكري من جانب آخر.

ولا يرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة أم درمان الإسلامية، بروف، عبده مختار، أن اتصال بلينكن بالبرهان يعجل بالوصول إلى اتفاق نهائي، وعزا ذلك إلى أن الإسراع في التوقيع على الاتفاق النهائي ليس بيد البرهان ولا بلينكن، بل بيد قوى الحرية والتغيير والتي بحسب مختار هي أس المشكلة على اعتبار إنها تتمسَّك بالانفراد بالحكومة القادمة وتقسيمها على كوادرها، وأضاف لـ(الصيحة): اتصال بلينكن بالبرهان لن يكون له تأثير على العملية السياسية، بل الامر مرهون بالقوى السياسية، متهماً إياها بأنها سبب التأخير في العملية السياسية لجهة إنها اتجهت إلى سؤال من يحكم بدلاً عن كيف يحكم السودان، وقال مختار: لو تخلت قوى الحرية والتغيير عن الأنانية لحلت المشكلة في أيام، مشدِّداً على ضرورة أن تلتزم قحت بتشكيل حكومة من كفاءات مستقلة وأن لا تصر على مشاركتها في السلطة، مؤكداً أن كل ذلك يقود لحل الأزمة السياسية في أسرع وقت ممكن.

اتفاق جديد

أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين، بروف علي الساعوري انتقد اتصال بلينكن بالبرهان في ظل غياب وزير الخارجية المكلف، معتبراً الأمر بأنه يخالف البروتوكولات الدولية، وهنا لم يستبعد الساعوري في حديثه لـ(الصيحة) أن يكون الاتصال حوى اتفاق جديد  ينص على عدم تمسُّك أمريكا بقوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي” بأن تكون المكوِّن الرئيس للحكومة القادمة، متوقعاً أن يكون الأمريكان قدَّموا تنازلات للبرهان بأنهم لايرغبون في قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي وأن تكون الحكومة القادمة من كافة القوى السياسية، وهنا يقول الساعوري، هذه التنازلات مقابل أن لا ينجر البرهان نحو المعسكر الروسي، ولا يتوقع الساعوري الوصول إلى توقيع قريب لجهة أن الخلافات مازالت بين العسكريين مستمرة ولا توجد بارقة أمل للوصول لتفاهم، بيد أنه عاد وأكد بأنهم يمكن يوصلوا إلى حلول معقولة شريطة أن تكون الحكومة القادمة من الكتلتين، ويتوقع الساعوري أن تتقدَّم قوى الحرية والتغيير تنازلات أبرزها توسيع المشاركة في العملية السياسية، ويرى الساعوري أن قحت لديها تحالف مع الدعم السريع حتى تقوي موقفها، مؤكداً إنه سيكون تحالفاً مؤقتاً ولن يستمر  .

لماذا الاتصال؟

بينما يرى المحلِّل السياسي، الفاتح محجوب أن اتصال وزير الخارجية الأمريكي بالفريق الأول عبد الفتاح البرهان جاء بغرض تأكيد وقوف الولايات المتحدة الأمريكية مع عملية الانتقال السياسي لحكومة انتقالية بقيادة مدنية، مستدركاً، ويقول لـ(الصيحة): في  الغالب حديث وزير الخارجية الأمريكي انصب على الحفاظ على أمن الدولة السودانية وتجنب التصعيد بين المكوِّن العسكري على اعتبار أن أي تصعيد عسكري بحسب الفاتح يعني حتماً انهيار تام للعملية السياسية الجارية الآن وربما انهيار الدولة السودانية ذات نفسها.

اهتمام أمريكي

أستاذ السياسة الخارجية التابع للمركز الدبلوماسي بوزارة الخارجية السودانية د. عبد الرحمن أبوخريس، يذهب في حديثه لـ(الصيحة) إلى أن اتصال وزير الخارجي الأمريكي بالبرهان يعتبر مؤشر لاهتمام أمريكا بالشأن السوداني وبالعملية السياسية تحديداً، بجانب رغبة الإدارة الأمريكية في معرفة المسار الأخير للعملية السياسية، وأضاف، الاتصال دون شك يعكس اهتمام الدولة الأمريكية بالحكم العسكري ورغبتها الجامحة فيما يجري لمسار العملية السياسية، وأردف “الأمريكان مابتصلوا من فراغ إلا أن يكون وصلتهم معلومات بأن الوضع متأزم وتجاوز مرحلة المبعوث الأممي والسفير الأمريكي وأن الوضع أصبح به تعثر واضح لذلك تدخلوا ” . ويرى أبوخريس أن أمريكا حريصة لمعرفة ماذا يدور في الشأن السوداني، وماهي مراكز القوى الفاعلة، وماهو مستقبل السودان وأين مصالهم، مؤكداً أن أمريكا  لا تريد أن تعمل في السودان بمنعزل عن الجيش، منوِّهاً إلى إنها تعمل على ضغط دمج الحركات المسلحة والدعم السريع في الجيش لجهة في حال عدم الدمج ستحدث صراعات والصراعات ستهدِّد المنطقة برمتها، كما يقول أبو خريس، إن عملية الدمج في نظر أمريكا تساهم في الوصول للحكم المدني والديموقراطي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى